شهد فندق فلسطين، الذي اكتسب شهرة عالمية بعدما اصبح مقرًا للصحافيين الاجانب في بغداد خلال غزو العراق عام 2003، تحولاً كبيرًا غداة إعادة اعماره، ولم يعد ينقصه اليوم سوى امر واحد: مزيد من الزبائن.


بغداد: من العاملين الذين يقومون بتنظيف الرخام، الى الحراس الذين يفتشون الزوار العابرين لجهاز الكشف عن المعادن، يسعى الفندق، الذي يشمل 18 طبقة، الى ترسيخ موقع ريادي بين فنادق العاصمة منذ اعادة افتتاحه في العام الماضي.

يقول فاضل سلمان حسن مدير الفنندق لوكالة فرانس برس quot;فندقنا ذو خمس نجوم (...) لدينا 405 غرف وثلاث حاناتquot;. وفي اشارة الى النقص الكبير في الكهرباء في العراق، يضيف حسن بفخر انه quot;بامر من الوزير المختص، الكهرباء لا تنقطع لديناquot;.

وفي الطبقة الارضية، يرحّب الفندق بظافر ثائر نوري وخطيبته سجى علي هاشم في قاعة استقبال ضخمة، حيث تنظم حفلة خطوبة كبيرة تضم الاصدقاء والاقرباء. وتقول سجى ان quot;المدراء رأوا اننا ثنائي شاب نسعى إلى ان نبدا حياتنا سويا، ولذلك عرضوا علينا لنا سعرا جيداquot;.

بحماسة وابتسامة بسيطة، يقول حسن quot;هذا ليس فندقا، بل انه مجمع سياحيquot;. وتبلغ كلفة الليلة الواحدة في فندق فلسطين الذين غصّ في فترة ما بالصحافيين الاجانب عند بداية الغزو، 200 دولار. ويمكن للزوار ايضًا ان يمضوا اوقاتهم في حانة تقع في الطبقة 18 تطل على بغداد، واحتساء المشروبات الكحولية التي يبلغ معدل اسعارها 15 دولار.

ورغم الجهود الكبيرة التي يبذلها، لا يزال الفندق يكافح لاجتذاب زبائنه، حيث تبلغ نسبة الاشغال 35 بالمئة، بحسب حسن. ويشدد حسن على ان quot;العراق امن. يمكنك السير في الشوارع بامانquot;.

وانخفض العنف بشكل كبير عن ذروته التي بلغت اوجها بين عامي 2006 و2007 ابان النزاع الطائفي، لكن مئات العراقيين لا يزالون يقتلون شهريًا في هجمات معظمها في بغداد.

وشيد فندق فلسطين عام 1982 في بداية حكم صدام حسين، وكان يدار من قبل مجموعة ميريديان العالمية، لكن هذه المجموعة انسحبت بعد فرض حصار دولي على العراق اثر غزو الكويت عام 1990. واكتسب الفندق شهرة عالمية قبل عشر سنوات خلال الغزو الاميركي للعراق.

يقول باتريك فوستر، وهو صحافي فرنسي، يعمل مراسلًا لصحيفة باري ماتش الفرنسية، وكان يقطن في الفندق خلال شهري مارس/اذار ونيسان/ابريل 2003 quot;كان هذا الفندق مكان اقامة الصحافيين الاجانبquot;. ويضيف مستذكرا quot;رأيت اولى الدبابات الاميركية في شوارع بغداد في الثامن من نيسان/ابريلquot;، وامام فندق فلسطين quot;كان الناس يصفقون، لكنهم كانوا مندهشينquot;.
وتابع فوستر quot;لم يتصوروا ان القوات الاميركية كانت قريبة من بغداد الى هذا الحدquot;.

في اليوم التالي، قامت مجموعة من العراقيين بمساعدة الجيش الاميركي باسقاط تمثال صدام في ساحة الفردوس المقابلة لفندق فلسطين. وعانى الفندق من آثار العنف الذي يعصف بالبلاد منذ الغزو.

ففي 8 نيسان/ابريل 2003، اطلقت دبابة اميركية قذائفها تجاه الفندق، ما ادى الى إحداث دمار ببعض غرفه. ويقول فالح خيبر، وهو مصور صحافي كان يقف عند احد الشرف حين وقع الحادث quot;شعرت ان كل شي يهتز، وفقدت الوعي اثر الصدمةquot;.

ويضيف quot;اخر شي اتذكره هو اني اصبت بالعمى، لكني تمكنت من التقاط بعض الصور قبل ان اسقطquot;. وقتل في الحادث زميله المصور الاسباني خوسيه كوسو والاوكراني تاراس بروتسيوك.

واثار مقتلهما جدلا كبير، حيث ادعت القوات الاميركية انها اعتقدت انهما قناصين تابعين للقوات العراقية ويشكلان تهديدا، الا ان صحافيين اكدوا عدم اطلاق اي رصاصة من مبنى فندق فلسطين. وتعرّض الفندق الى هجمات متكررة اخرى بعد ذلك الحين.

ففي تشرين الاول/اكتوبر عام 2005 تعرّض الفندق الذي يجاوره فندق عشتار شيراتون الى هجوم كبير بسيارة مفخخة اسفرت عن مقتل 17 شخصا. وفي كانون الثاني/يناير عام 2010، استهدف سلسلة من الهجمات فنادق بغداد بينها فلسطين واسفرت عن مقتل 36 شخصا.