يرى الدكتور مصطفى اللباد، مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية، مصر في دوامة من التخبط بسبب السياسات الاخوانية، التي وضعت البلاد في فلك وكلاء أميركا بالمنطقة، بعدما وضعها مبارك في فلك أميركا نفسها.
القاهرة: في حوار مع إيلاف تناول الوضع المصري الحالي، قال الدكتور مصطفى اللباد، مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية، إن مصر تدور اليوم في فلك وكلاء أميركا في المنطقة، وإن السياسات الخارجية للإخوان المسلمين بقيادة الرئيس محمد مرسي تتسم بالتخبط.
أضاف اللباد: quot;ليس في صالح القوات المسلحة الآن النزول إلى الشارع لإدارة البلاد، والعودة للحياة السياسية سوف تكلفها اقتصاديًا وسياسيًاquot;.
ونبّه إلى أن مصر تعاني من حالة سخط عامة نتيجة لفشل جماعة الإخوان في إدارة سياستها، موضحًا أن مرسي يستغل العلاقة مع إيران من أجل إرهاب دولٍ تعتقد أن التحالف مع طهران عداء لها.
ولفت اللباد إلى التشابه الذي يصل حد التطابق بين نظامي حسني مبارك ومحمد مرسي، quot;فكلاهما لا يعرف مكانة مصر، ويساهم في تقزيمها خارجيًاquot;.
وفي ما يأتي متن الحوار:
هل من أمل لخروج مصر من مأزقها الحالي؟
هناك حالة عامة من السخط يعاني منها المجتمع الآن، ولا يمكن حصر السخط هذا في شريحة إجتماعية واحدة، أو في محافظة واحدة، بل هي شاملة. وحده صعيد مصر لم يشارك في عمليات الاحتجاج حتى اللحظة، ولو شارك أهالي الصعيد سيكون مرسي في موقف صعب. وعلى الرغم من أن المحافظات المشاركة قليلة، إلا أنها تؤثر في مشروعية مرسي السياسية والقانونية، لأنه لم يحدث في تاريخ مصر أن قام المواطنون بإعطاء توكيلات لشخص آخر غير مؤسسة لإدارة شؤون البلاد. وأنا أعتقد أن حالة السخط هذه ترجع لسوء الاحوال الاقتصادية للمواطنين. فكلما تراجع الأداء الاقتصادي تزايدت الاحتجاجات. الاخوان المسلمون هم المسؤولون عن هذه الأزمة الاقتصادية، على اعتبار أنها الجماعة التي تحكم البلاد. وهم مسؤولون أيضًا أمام الشعب عن تردي الاوضاع السياسية وتراجع القوى المعارضة عن المشاركة السياسية أو المشاركة في الانتخابات. فنحن الآن أمام مشهد مأساوي يبشر بتداعيات لا تحمد عقباها، وللأسف الجماعة تنظر إلى ما يجرى حاليًا على أنه أمر طبيعي وتعاملت مع الموقف على أنه أمر طبيعي.
فشلٌ ولّد التخبط
هل وصلت حالة السخط هذه إلى القوات المسلحة، وهل يمكن أن تعود للسياسة مرة أخرى؟
إن الدستور الذي مرر بغياب القوى السياسية، والذي لا يعبر عن إرادة الشعب الذي قام بالثورة، جعل القوات المسلحة تجني صلاحيات سياسية واقتصادية غير مسبوقة، ما جعلها راضية تمامًا عن الحال. فهذا الدستور منح المجلس العسكري صلاحيات كي لا يعترض على ما يقوم الرئيس به بعد ذلك. وليس من صالح القوات المسلحة الآن النزول إلى الشارع لإدارة البلاد، فهذا عبء جديد سيرمى على كاهلها، ما سيكلفها اقتصاديًا وسياسيًا. ولا أعتقد أن القوات المسلحة ستنزل إلى الشارع إلا في حالة وصول الأمور إلى منتهاها. وما دعوة الجيش للعودة إلى السياسة إلا المزيد من التخبط السياسي، بسبب فشل المرحلة الانتقالية، الذي يتحمل نتيجته الجميع، حتى المعارضة.
هل مقاطعة المعارضة للانتخابات البرلمانية والحوار الوطني قرار صائب؟
أعتقد أن هذا قرار صحيح اتخذته المعارضة. ففي لعبة السياسة لا يوجد طرف ذكي وطرف غبي. قوى المعارضة على دراية كاملة بأن الاخوان يريدون منهم مشاركة شكلية فقط، ويستغلونهم في الاستمرار في أخونة مؤسسات الدولة. لم يقدم الاخوان ضمانات للمعارضة حول نزاهة الانتخابات البرلمانية، لكنهم يريدون الايحاء لأميركا بأن عملية انتخابية نزيهة تمت بوجود المعارضة، وانتهت بفوز الاخوان بنسب مرتفعة. مقاطعة المعارضة تضر بصورة الاخوان أمام أميركا، ولهذا يريدون فقط حفظ ماء الوجه. قد يؤدي ذلك إلى سيطرة التيار الاسلامي بنسبة 90 في المئة على البرلمان. لكن البرلمان ليس عبارة عن كراسٍ فقط، لكنه يمثل شرعية لنظام الحكم. مقاطعة المعارضة تطعن في هذه الشرعية، ويتحول البرلمان مكانًا لاجتماع الجماعة. وسيؤدي ذلك إلى ثورة أخرى، كما حدث أيام مبارك حينما جعل 97 في المئة من البرلمان لصالح حزبه، وبالتالي يكون هذا البرلمان مطعونًا في شرعيته التشريعية.
أغراض قصيرة المدى
هل يساهم تواصل مصر مع إيران وزيارة رئيس الوزراء للعراق في خصومة سياسية مع دول الخليج؟
أعتقد أن العلاقات مع إيران تتجه إلى نظام المقايضة الاسلامية، وذلك نظير أن ترهب مصر دولًا أخرى تعتقد أن تحالف أي دولة مع ايران يعد عداءً لها. وهذه أغراض سياسية قصيرة المدى. أما زيارة رئيس الوزراء هشام قنديل للعراق فالهدف منها تصفية خلافات من أيام النظام السابق، ومنها بخصوص المصريين العالقين هناك، ومشاكل الحوالات الصفراء. لكنّ هناك اعتراضاً على زيارة قنديل في هذا الوقت، في ظل وقوف العراق على أعتاب تحول من جنس تحولات الربيع العربي. كان يمكن أن يحلها قنديل بمكالمة هاتفية، وبدلًا من أن يهتم بحوالات تقدر بمليار جنيه، عليه أن يهتم بالبورصة المصرية التي عانت من خسائر فادحة وصلت إلى 7 مليارات بسبب سياسات الحكومة الفاشلة ضد رجال الأعمال والمستثمرين. هذه الحكومة تتماثل مع حكومة مبارك فى أن كليهما لا يعرف مكانة مصر.
في فلك الوكيل
وكيف ترى الإتفاقية التي أبرمتها مصر مع إيران بشأن السيّاح الإيرانيين؟
كيف نتحدث عن وجود سياحة بين مصر وإيران ولا خط طيران مباشر بين البلدين؟ وكيف يتم انشاء خط طيران وليس هناك عملاء يستفيدون منه؟ أعتقد أن الحديث عن السياحة الايرانية هي مجرد مناورات سياسية لإيهام الرأي العام بأن الحكومة تقوم بجهود ناجحة تشفع لها. فهذا النهج اتبعه مبارك حينما طلب من الولايات المتحدة أن تمكن نجله من الوصول لكرسي الحكم، فادّعى أن هناك خطوط سياحة إيرانية، وبعد ذلك لم نسمع عن هذا الموضوع شيئًا. وهل يسمح الوضع الحالي في مصر بمنح 3 ملايين تأشيرة للسيّاح الايرانيين؟
ماذا عن فوبيا التشيع التي يخشاها الشعب المصري؟
من المفترض أن تجيبنا الأجهزة المعنية في الدولة على هذه الأقاويل. لكن العلاقات مع إيران تدخل في نطاق التسييس. فمصر كانت تدور في فلك الولايات المتحدة، ولكننا الآن ندور في فلك وكلاء أميركا بالمنطقة، أي تركيا وقطر. كنا ندور في عهد النظام السابق في فلك المنبع، أميركا. ولكن مصر الآن تدور في فلك التوكيل.
التعليقات