تحدت نساء إسرائيليات العنصرية والتمييز الذي يطالهم من طرف رجال الدين المتشددين، وقمن بأداء الصلاة عند الحائط الغربي في القدس وهو مكان يعتقد متطرفون دينيا ان الصلاة فيه تظل حكرًا على الذكور.


لميس فرحات من بيروت: يبدو أن عنصرية إسرائيل لا تكتفي بالظلم الذي يلحق بالفلسطينيين، إذ وجدت لها ساحة جديدة بين النساء الإسرائيليات اللواتي لا يسمح لهن بأداء الصلاة، لأن بعض المتشددين يرون ان العبادة تقتصر على الرجال حصراً.

أتين للصلاة فأعتُقلن

اعتقلت الشرطة الإسرائيلية خمسة نساء كسرن هذه المحرمات بالصلاة عند الحائط الغربي في القدس بسبب أدائهن لطقوس دينية يقول اليهود المتشددون أنه لا يسمح لهن ممرستها.
وقال متحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد ان نحو 120 امرأة أتين لأداء خدمة الصلاة الشهرية الخميس، فاعتقلت خمسة منهن لارتداء quot;وشاح الصلاةquot;.

وتأتي الاعتقالات بعد يوم واحد من اقتراح السلطات الاسرائيلية حلاً وسطاً لنزع فتيل التوتر بهذا الشأن من خلال إنشاء قسم جديد في الموقع حيث يمكن أن يصلي الرجال والنساء معاً.

قُدسية المكان

يعتقد أن الحائط الغربي، الجزء الوحيد المتبقي من مجمع المعبد في الكتاب المقدس، هو أقدس موقع يصلي فيه اليهود.

وينقسم حالياً إلى أجزاء مخصصة للرجال والنساء. ويعارض الحاخامات المتشددون، الذين يسيطرون على المؤسسات الدينية في إسرائيل، الصلاة المختلطة ويطالبون الحكومة بعدم الموافقة على الاقتراح الجديد.

quot;هذا الجدار لنا جميعا!quot; صاحت ليزلي ساكس، مديرة مجموعة نسائية ناشطة بالقرب من الجدار، بينما قادتها الشرطة بعيداً وسط استهجان المتشددين الذين قالوا لها:
quot;اخرجي من هنا! لا تدنسي هذا المكان المقدس. إنه ليس لك!quot;

احتجاز النساء عند الحائط الغربي في الشهور الأخيرة، تماشياً مع قرار المحكمة العليا الإسرائيلية المتمسكة بالممارسة الدينية التقليدية، خلق ضجة بين اليهود الأميركيين ودفع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للتوصل الى الصيغة التي تهدف إلى إباحة الصلاة للنساء في هذا المكان المقدس.

متشددون دينيا

هذه القضية تسلط الضوء على الفجوة الأساسية بين اليهود الأميريكيين، حيث تهيمن حركات الاصلاح والمحافظين، وبين إسرائيل حيث تعتبر المجموعات الليبرالية صغيرة نسبياً بينما تمسك الحاخامية المتشددة بزمام السلطة في المسائل الدينية اليهودية.

بعد أن وقعت المنطقة تحت السيطرة الإسرائيلية في حرب الأيام الستة عام 1967، أصبح الحائط الغربي حكراً على اليهود المتشددين، فيما بقيت النساء ممنوعات من الصلاة ndash; إلا من وراء حاجز ndash; وأعطيت التعليمات بارتداء ملابس متواضعة للنساء وغطاء الرأس للرجال، في الطقوس يشرف عليها حاخام عُين خصيصاً.

نساء ضدّ الجدار

اعتراضاً على تلك القيود، شنت جماعة quot;نساء ضد الجدارquot; حملة منذ أكثر من عقدين من الزمن للحصول على quot;حق العبادةquot; من خلال اعتمادهن ممارسات حكراً على الرجال في رسالة تعكس مطالبتهن بالمساواة.

وخلال تحركاتهن الاحتجاجية، اعتمدت النسوة ارتداء زي الرجال المخصص للصلاة مثل الشالات والأحزمة صناديق تحتوي على وثائق من الكتاب المقدس اليهودي، وكذلك قراءة التوراة بصوت عال كجزء من خدمة صباح ndash; وكلها ممارسات ممنوعة على النساء.

على الرغم من أن المجموعة تضم في صفوفها عدداً كبيراً من المهاجرين الناطقين باللغة الإنكليزية المدعومين من قبل أنصار اليهودية الأميركية، إلا أن المجموعة النسائية لم تجتذب الكثير من الاهتمام بين الإسرائيليين العاديين إلى أن أتت حملة الشرطة الأخيرة.

يهود أميركا غاضبون

مشاهد اعتقال النساء اللواتي ارتدين أوشحة الصلاة أشعلت غضب الجماعات اليهودية الأميركية، وساعدت على دفع مسألة السيطرة على منطقة الصلاة في الحائط الغربي الى الاضواء في إسرائيل.

رداً على احتجاجات من اليهود في الخارج وتنامي التغطية الإعلامية للجدل، طلب نتانياهو من ناتان شارانسكي، رئيس الوكالة اليهودية شبه الحكومية، التوصل إلى خطة لتنظيم العبادة عند الحائط الغربي التي من شأنها أن تستوعب فروع يهودية غير متشددة.

وتشير هذه الخطوة إلى زيادة الوعي عند الحكومة الإسرائيلية التي أدركت أن المواجهات بسبب طقوس الصلاة عند الحائط الغربي ستؤدي إلى quot;دق إسفينquot; بين إسرائيل والمجتمعات اليهودية في الخارج.

مقترحات لإيجاد حل

هذا الأسبوع، أطلع شارانسكي القيادات الدينية اليهودية الأميركية على اقتراح من شأنه أن يوفر للمنطقة القدرة على استيعاب المصلين غير المتشديين من خلال تمديد الحائط الغربي إلى الجنوب من ساحة الصلاة الرئيسية، ويمكن الرجال والنساء الصلاة معاً هناك.

ومن شأن هذه الخطة الطموحة، التي لم يتم بعد تقديمها للحكومة، أن تكون مؤشراً على مستوى جديد من الاعتراف الرسمي بالأشكال غير التقليدية للعبادة في المكان الأكثر قدسية حيث يصلي اليهود.

لكن هذه الخطوة تواجه عقبات، من ضمنها إمكانية اعتراض مسؤولين الآثار الإسرائيلية والسلطات الدينية المسلمة في المسجد الأقصى، التي تعتبر الحائط الغربي جزءاً من المسجد.

في رسالة إلى قادة الوكالة اليهودية، كتب شارانسكي، الوزير السابق والمنشق السوفياتي: quot;لدينا فرصة تاريخية لجعل الجدار رمزاً للوحدة اليهودية والتنوع بدلاً من مكان للخلاف والنزاعquot;.

وأعلن حاخام حائط المبكى، شموئيل رابينوفيتش، الذي يصف quot;نساء الحائطquot; بالمحرضات، إنه لن يعارض خطة شارانسكي.

وقال: quot;باسم الوحدة والرغبة في ترك الجدار بعيداً عن أي جدال ونزاع، أنا لن أعارض الاقتراحquot;، مشيراً إلى أن منطقة الصلاة المقترحة الجديدة quot;ليست جزءاً من مجمع الحائط الغربي في الأساسquot;.