ندد الشعب اليوم الجمعة بالإبادة الطائفية في بانياس وبالتغطية الأممية التي حظيت بها، بينما أفاد مصدر قيادي صدري في العراق أن حزب الله مكلف من الأسد وإيران بتطهير مذهبي يقلع الحركات السلفية من جذورها الاجتماعية في مناطق محددة في سوريا.


بيروت: بالرغم من تحول الانتفاضة السورية إلى ثورة مسلحة، بقيت لتظاهرات كل يوم جمعة نكهة خاصة، إذ في تسميتها موقف سياسي يعبر عما يريده الشعب السوري وعما يفكر فيه.

واليوم، كما في كل يوم جمعة، دعا ناشطون المعارضة في سوريا إلى انطلاق تظاهرات تحت شعار quot;بانياس إبادة طائفية والغطاء أمميquot;، في اشارة واضحة إلى أن مقتل مئات السنة في بانياس والبيضة ليس إلا تطهيرًا طائفيًا، يمارسه نظام بشار الأسد في تمهيد لإقامة دولة علوية خالصة في الساحل السوري، إن وجد نفسه في حالة خسران كاملة.

وفي هذا الشعار أيضًا تعبير واضح عن الغضب السوري الشعبي من موقف الأمم المتفرجة على مأساته، من دون أن يرف لها جفن، إلا في تعداد القتلى، وإطلاف التصريحات الخالية من أي معنى حقيقي للإغاثة وتقديم العون. فالإبادة الطائفية التي حصلت في البيضة لم تلقى سوى أصداء استنكار باهتة، من غير أن تهز ضمير العالم.

لن يكتب له النجاح

ولا شك في أن نبض الشارع السوري دليلٌ على الوعي تجاه ما يحاك ضد سوريا اليوم، خصوصًا أن مجزرة البيضة المجلجلة تركت أثرًا كبيرًا في السياق التحولي، الذي تتخذه الأزمة السورية. وهذا السياق ورد تفصيلًا قبل أيام على لسان وزير الخارجية التركي، أحمد داود اوغلو، الذي اتهم الاسد بأنه انتقل إلى الخطة باء في محاربة معارضيه، quot;وهي التطهير العرقي في بعض المناطق في سورياquot;.

وأضاف أوغلو في حديث صحفي إن مجزرة بانياس مرحلة جديدة في الهجمات التي يشنها نظام دمشق، مؤكدًا أنه أخبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري بمخاوفه، quot;فما يقلقنا في مجزرة بانياس هو انتقال الأسد إلى استراتيجية التطهير العرقي في منطقة محددة من سوريا، عندما يفقد السيطرة على كامل البلادquot;.

وفي مقابلة مع quot;الرايquot; الكويتية، علق المعارض السوري هيثم المالح، رئيس مجلس أمناء الائتلاف الوطني السوري، على كلام أوغلو عن تطهير عرقي لاقامة دولة علوية، فقال: quot;إن هذا المشروع لن يُكتب له النجاح بالرغم مما تقوم به عصابات الأسد من عمليات تطهير مذهبي ممنهجquot;، واضعًا مشاركة حزب الله في القتال الى جانب النظام في خانة جرّ المنطقة إلى حرب طائفية بين الشيعة والسنة، quot;فالحزب يسعى لإعادة حكم الصفويين وسيطرة الفرس على العالم الإسلاميquot;.

تكليف حزب الله

وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة السياسة الكويتية قبل أيام عن قيادي رفيع المستوى في تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، كشفه معلومات يتم تداولها بشكل سري بين الاوساط الشيعية العراقية، تفيد بأن قوات خاصة من حزب الله تتولى عمليات التطهير المذهبي ضد السنة السوريين في مختلف المناطق، في ريف حمص وريف دمشق ومحيط مدينتي اللاذقية وبانياس، بتكليف من الأسد والقيادة الايرانية.

وقال إن لقيادة الحزب كل الصلاحيات الميدانية لتطهير مئات القرى والبلدات التي قد تؤوي متطرفين سنة، وإن الأوامر أعطيت لمعاقبة سكان هذه القرى والبلدات، رادًا التكليف هذا إلى أن التطهير يحتاج إلى رجال عقائديين لا يفشون سر عمليات القتل الطائفي في المستقبل، إذا جرت عمليات تحقيق دولية، مع تراجع ثقة النظام بشبيحته المخترقة أو المستعدة للإفشاء بأي معلومات مقابل المال، وإلى أن حزب الله قوة شيعية خالصة يصعب اختراقها.

وأكد القيادي الصدري أن الأسد بدل استراتيجيته الحربية نحو الحل الطائفي الجذري، للضغط على خصومه في الداخل وعلى بعض الدول في محيطه الاقليمي والدولي لإرغامهم جميعاً على قبول حل سياسي معين.

وعد صادق آخر

تنقل السياسة الكويتية عن القيادي نفسه قوله إن أمين عام حزب الله حسن نصر الله وعد الاسد بتخليص سوريا من كل الجماعات السلفية، فالهدف من عملية التطهير هذه هو القضاء عسكريًا على الجماعات المتشددة من خلال تدمير قواعدها الاجتماعية وبيئاتها الحاضنة، ما سيسهم في انكفائها، وما سيؤدي الى هزيمة الثورة السورية، وهو ما يفسر تصاعد عمليات قتل وتهجير السنة في قرى بانياس واللاذقية.

إلى ذلك، يؤدي تنفيذ حزب الله عمليات التطهير المذهبي في سوريا إلى منع تفاقم الانقسامات داخل الطائفة العلوية، وذلك من طريق توريط الثورة السورية في اقتتال طائفي واسع، يقوي موقف النظام الميداني والسياسي.

واتهم القيادي الصدري جماعة عصائب أهل الحق العراقية، بزعامة قيس الخزعلي، بالتورط في عمليات القتل والاغتيالات الطائفية في سوريا، مع ورود معلومات تؤكد أنه ارسل 500 إلى 600 عنصر مدرب لهذه المهمة للانضمام الى حزب الله في تطهير البلدات السورية من السكان المؤيدين للثورة.