توجه العشرات من المقاتلين السنة اللبنانيين إلى القصير للدفاع عنها بوجه هجمة حزب الله، لكنهم عادوا بعدما انفتحت أبواب الجحيم مجددًا بين باب التبانة السنية وجبل محسن العلوي.


لندن: في وقت ناشدت فيه المعارضة السورية قوات الجيش السوري الحر وسائر الفصائل المسلحة نجدة المقاتلين الذين يخوضون معارك عنيفة في مدينة القصير الاستراتيجية قرب الحدود اللبنانية، أفادت التقارير أن عشرات المقاتلين اللبنانيين الشباب أخذوا يغادرون سوريا للانخراط في معركة على ارضهم. وكانت مدينة طرابلس شهدت، الأربعاء اليوم الرابع من المواجهة،اشتباكات بين مسلحي حي باب التبانة السني ومسلحي حي جبل محسن العلوي، متبادلين القذائف المدفعية والصاروخية والقنص.
يتهم المقاتلون في حي باب التبانة النظام السوري بتوجيه العلويين في جبل محسن إلى تأجيج الاحتقان بين الجانبين. وهم يؤكدون أن هدف نظام بشار الأسد منع شباب طرابلس من دخول الأراضي السورية للقتال مع قوات المعارضة.
ورغم أن اشتباكات كانت تندلع بصورة متقطعة بين المنطقتين منذ بداية الانتفاضة السورية وحتى قبلها، فإن الجولة الأخيرة كانت عنيفة بصفة خاصة شهدت اطلاق نحو 50 قذيفة هاون في غضون ساعة ليل الثلاثاء. ويرى مراقبون أن تصاعد حدة الاشتباكات يبين تورط لبنان بصورة متزايدة في النزاع السوري، الذي أذكى الاحتقان الطائفي في عموم المنطقة.

عادوا إلى طرابلس
السبب هو القصير، كما قال مقاتل مقدمًا نفسه باسم ابو براء، يعيش في شارع سوريا الذي اثبت جدارته بهذا الاسم بعد أن تحول إلى خط مواجهة بين باب التبانة وجبل محسن. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ابو براء قوله: quot;لدى العلويين اوامرهم بإثارة المشاكل كي يعود رجالنا من سورياquot;.
واكد ابو براء أن 90 مقاتلاً غادروا طرابلس إلى القصير الاسبوع الماضي مع القائد العسكري المعروف باسم ابو حسن، لكنهم عادوا إلى مدينتهم يوم الثلاثاء عندما اشتدت حدة القتال في طرابلس. وقُتل 10 اشخاص على الأقل بينهم جنديان منذ اندلاع الاشتباكات يوم الأحد.
وأوضح زياد علوك، الذي يقود مجموعة من مقاتلي باب التبانة، متحدثًا خلال فترة قصيرة من الهدوء يوم الأربعاء: quot;يريد النظام صرف انتباه لبنان عن الجرائم التي يرتكبها حزب الله في سوريا، وهم يريدون أن يعود رجالنا إلى المدينةquot;. وأكد علوك أن مجموعته حاولت الوصول إلى القصير لكن رجاله عادوا بعدما واجهوا مصاعب في الطريق وعلموا بتجدد الاشتباكات في مدينتهم.

لا انسحاب
يشعر كثير من سكان طرابلس أن خطوط القتال في معركة القصير أخذت تقترب من مدينتهم، مع دخول حزب الله طرفًا مباشرًا إلى جانب الأسد. وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اعلن الأربعاء أن تدخل حزب الله في القصير واسع جدًا، وأن هناك آلافًا من افراد ميليشيا حزب الله على الأرض في سوريا، يساهمون في هذا العنف.
وردًا على تزايد الدور الذي يقوم به حزب الله بمساعدة قوات الأسد في القرى المحيطة ببلدة القصير منذ الشهر الماضي، دعا رجال دين سنة لبنانيون أتباعهم إلى عبور الحدود للدفاع عن اخوتهم في سوريا. واعلن الجيش السوري الحر في نيسان (ابريل) أنه لا يحتاج إلى مقاتلين اجانب، ولكن هذا لم يوقف تدفقهم.
وبسبب الضغط الذي يتعرض له مقاتلو المعارضة في القصير، وجّه الرئيس الموقت لائتلاف المعارضة السورية جورج صبرا نداء إلى المقاتلين في سائر انحاء سوريا أن ينجدوا المدافعين عن القصير وينقذوا البلدة.
وقال المقاتل ابو عمر، من مجموعة علوك، إن ليس هناك ما يغري بالانسحاب من القصير. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ابو عمر قوله: quot;نحن نتعرض للهجوم وعلينا أن نبقى هنا للدفاع عن اعراضنا واطفالناquot;.

عبثية ويستمرون!
يقول العلويون في جبل محسن إن سكان باب التبانة السنة يتحملون مسؤولية اشتعال الموقف. واعلن القائد العلوي المحلي رفعت عيد على موقعه في فايسبوك: quot;العين بالعين والسن بالسن. وهذه هي القشة التي قصمت ظهر الجبلquot;.
وبصرف النظر عن البادئ باستفزاز الطرف الآخر، فإن الجانبين لا يترددان في استخدام السلاح، إذ يعيش نحو 35 في المئة من سكان طرابلس تحت خط الفقر، وترتفع هذه النسبة في حي باب التبانة وحي جبل محسن. وإزاء ارتفاع معدل البطالة يبدو أن العنف يتأجج في احيان كثيرة بدافع السأم. لكنها معركة عبثية يعترف كثير من المقاتلين فيها أنهم بيادق في لعبة اكبر، ولكنهم يواصلون القتال رغم ذلك.
وقال علوك لصحيفة واشنطن بوست: quot;أنا من مواليد 1969 في طرابلس، وكل ما أعرفه هو السلاح، نحن نعيش هنا وسنموت هنا، هم يأخذون اوامرهم من بشار الأسد لقتلنا ونحن سنحاول قتلهم، هذه هي الحياةquot;.