يبدو أنّ الحكومة البريطانية ستخطو خطوة غير مسبوقة، حيث أنها تستعد للإعتذار من أفراد قبائل الماو ماو بسبب التعذيب الذي تعرضوا له إبان مطالبتهم بإنهاء الحكم الاستعماري في كينيا. ومن المتوقع أن تعلن لندن عن تعويضات للضحايا أيضًا.
عمّان: تستعد الحكومة البريطانية لخطوة غير مسبوقة تتمثل في تقديم الاعتذار لأفراد قبائل الماو ماو عن التعذيب، الذي تعرضوا له، أثناء الانتفاضة الكينية ضد الاحتلال البريطاني في العام 1952، ويتوقع أن تعلن الحكومة عن تعويضات للضحايا أيضًا.
وكان الجيش البريطاني خاض معارك ضارية مع متمردي الماو ماو، المطالبين بالأرض وبإنهاء الحكم الاستعماري. وقد قتل في الصراع ضد الاحتلال البريطاني أكثر من ثلاثة عشر ألف أفريقي، من بينهم العديد من محاربي قبائل الماو ماو، ونحو مئة أوروبي.
وكان مسؤولو صندوق قدامى محاربي الماو ماو، وهو مؤسسة خيرية، قالوا إن أعداداً ضخمة من الأفارقة تعرضوا للضرب والتعذيب على أيدي الجنود البريطانيين، مما أدى الى إصابة بعضهم بعاهات مستديمة.
ويخوض الضحايا بدورهم معركة قانونية منذ سنوات ضد الحكومة البريطانية من أجل الحصول على تعويضات.
وقد فشل الصندوق العام الماضي في الحصول على دعم الحكومة الكينية لجهود إقامة الدعوى القضائية. لكنّ محامياً بريطانياً يمثل المحاربين الكينيين قال إنه يتوقع أن تؤيّد المحاكم البريطانية دعواهم، وقال إنهم قد يحصلون على تعويضات ضخمة
ويمثل مكتب المحاماة quot;لاي دايquot;، ومقره بريطانيا، أكثر من 5 آلاف رجل وامرأة، يقولون إنهم تعرضوا للتعذيب أو إساءة المعاملة على يد الإدارة البريطانية، في الخمسينات. وقال المحامون وقتها إنهم سيدفعون باتجاه إتمام المحاكمة quot;في أسرع وقت ممكنquot; لكنهم يحضّون الحكومة أيضًا على تسوية بعيداً عن المحاكم.
احتجاج بريطاني
واحتجت الحكومة البريطانية في بادئ الأمر بأن الالتزامات المتعلقة بالتعذيب على يد السلطات الاستعمارية حولت إلى جمهورية كينيا عقب الاستقلال عام 1963، وعليه فإنها لا تتحمل أي التزامات. ولكن المحكمة العليا قررت في عام 2011 بأن ثلاثة مدعين، وهم بولو ميوكا نزيلي، ومبوغا وانيينغي، وجين موثوني مارا، quot;يحق لهم اللجوء إلى القضاء في هذه القضيةquot;.
ويدّعي محاموهم أن quot;نزيليquot; أخصي، ووانيينغي تعرض للضرب المبرح، أما مارا فتعرضت للاعتداء الجنسي في معتقل خلال التمرد. وبعد صدور القرار عادت القضية إلى المحكمة العليا، حيث ادّعت وزارة الخارجية البريطانية أن الدعوى رفعت بعد انقضاء المدة القانونية المسموحة.
ولكن المحكمة العليا قررت في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2012 أن الدعوى التي رفعها الضحايا سليمة قانونيًا، وقبلت استكمال الإجراءات على الرغم من انقضاء المدة.
ثورة الماو ماو
وكانت ثورة الماو ماو الكينية وتعني (القسَم) اشتعلت ضد السلطات الإستعمارية البريطانية عام 1952، حتى عام 1956 وجرت ذيولها حتى عام 1963.
وحينذاك، قامت بريطانيا الاستعمارية بعدد من الإجراءات التعسفية، أدت الى خلق مناخ مؤاتٍ للثورة في صفوف الكينيين، وخاصة قبيلة الكيكويو المتطورة عن بقية القبائل الكينية رغم أنها كانت تؤمن بنوع من الدين المبني على السحر. وقد قررها زعماء هذا الدين بإسم الأجداد والأرواح والتقاليد المتوارثة.
وبإسم الإله القهار (المونيه نياغا) تم إعلان الثورة ضد البيض الذين يستبدون بالشعب ويغتصبون خيرات البلاد، وقد عبر جومو كينياتا، ويعني اسمه (الرمح الناري) عن رفض الشعب الكيني لحضارة الإنكليز، لأنه يعتبرها أدنى مستوى من حضارته، وفي هذه الفترة ظهر تعبير الماو ماو (القسم) أو ( الرجل الذي يختبىء).
وبدأ ثوار الماو ماو عملياتهم المسلحة في أيار (مايو) عام 1952، فهاجموا المتواطئين الكينيين مع البريطانيين واستطاعوا السيطرة على السكان المحليين التابعين لمنطقة quot;الكيكويوquot;.
رد الانكليز
ورد الإنكليز على الثورة بالعنف المضاد، وقبضوا على جومو كينياتا عام 1953 فأدى ذلك الى إشعال نار الثورة في البلاد ولإقدام ثوار الماو ماو على إعدام بعض الأوروبيين، وعندها بدأ الجيش البريطاني بتمشيط الغابات بحثاً عن المشتبه بهم وقد أرغم آلاف الكيكويو المقيمين في نيروبي العاصمة على التجمع في معسكرات وإخضاعهم لحرب نفسية قاسية، وقد بلغ عدد الموقوفين من المشتبه بهم حوالي 35000 شخص.
وصعد الثوار القتال في غابات وجبال كينيا وأخذ الطيران البريطاني يقصف الماو ماو فرد هؤلاء بعمليات قتل وتشويه كانت تبعث الرعب في نفس المستعمرين البيض والمتواطئين معهم من السود على حد سواء.
وفي عام 1955 اعتقل أحد زعماء الثورة فأضعف ذلك حركة الماو ماو كثيراً، وانهار معقلهم الأخير في تشرين الأول (أكتوبر) عام 1956، وانتهت ثورة الماو ماو إذ اقتصر نشاطها حتى عام 1960 على بعض العمليات المسلحة المتفرقة.
لقد دفعت ثورة الماو ماو الحكومة البريطانية الى إلغاء الأحكام العرفية والى إعلان استعدادها لمنح كينيا استقلالها الذاتي الذي حصلت عليه في 12-12-1963. وقد قدّم قدامى محاربي قبائل quot;ماو ماوquot; في كينيا، الذين تمردوا ضد الاحتلال البريطاني في الخمسينيات من القرن الماضي، دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية يتهمونها فيها بانتهاك حقوق الإنسان.
التعليقات