يشكل الشبان القسم الأكبر من المتظاهرين في شوارع تقسيم التركية، مطالبين بعدم التدخل في حريتهم الشخصية وفرض القيود عليها، وقد شكّل هذا الأمر مفاجأة كبيرة إذ ظن كثر أن الجيل الشاب في تركيا لا تهمّه السياسة.


انقرة: ينتمي القسم الأكبر من المتظاهرين الذين نزلوا إلى شوارع تركيا إلى الجيل المسمى quot;الرأسماليquot;. فالاتراك يعتبرون أن اولئك الذين ولدوا مطلع تسعينات القرن الماضي، قلّما يهتمون بالسياسة لكن أحداث الأيام الأخيرة تناقض هذه الفكرة.
علي احتفل لتوه بعيد ميلاده الثامن عشر، وهو يحمي نفسه من الغاز المسيل للدموع بوضع قناع أعدّه بنفسه ويعتصم منذ ثلاثة ايام مع زملائه في المدرسة الثانوية في ساحة كيزيلاي التي اصبحت نبض الحركة الاحتجاجية في العاصمة انقرة.
وقال هذا الشاب الذي آثر عدم كشف اسمه تخوفًا من متاعب مع الشرطة، quot;إننا هنا لحماية حقوقنا واسلوب عيشنا وللقول quot;كفىquot; للحكومة الفاشيةquot;.
وروى علي بابتسامة أن اهله منعوه منعًا باتًا من المشاركة في التظاهرات لكنهم استسلموا في نهاية المطاف امام اصراره.
وقال: quot;ادركوا فعلاً اننا لا نتظاهر لمجرد التسلية بل من اجل مستقبلناquot;.
وتابع: quot;انني اتصل بوالدتي بعد هجمات رجال الشرطةquot; لتجنب أن تأتي quot;لتبحث عنيquot;.

التعبئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي
وتسارعت تعبئة الشبان عبر شبكات التواصل الاجتماعي من اجل الانضمام إلى حركة انطلقت مع بعض الناشطين المدافعين عن البيئة في اسطنبول ارادوا التعبير عن معارضتهم لتدمير حديقة عامة، فاجأ علماء الاجتماع الذين كانوا يعتقدون أن الجيل المولود في التسعينات ملقح نهائيًا ضد السياسة.
وعبر مقال افتتاحي في صحيفة حرييت الليبرالية الواسعة الانتشار عن الارتياح هذا الاسبوع وجاء فيها: quot;احسنتم ايها الابناء. كنا نعتقد أنكم ثمار الرأسمالية، انتم قضيتم على كل الافكار المسبقةquot;.
واكدت استطلاعات الرأي التي شملت شبانًا متظاهرين يعتصمون في ساحة تقسيم في اسطنبول منذ اسبوع، أنهم إن بقوا على مسافة من quot;المطبخquot; السياسي التركي فسيبقون مهتمين جدًا بـquot;الامور العامةquot;.
واظهر تحقيق أجرته جامعة بيلغي في اسطنبول أن 53% من المتظاهرين لم يشاركوا مطلقًا في حياتهم في تجمع سياسي و70% لا ينتمون إلى أي حزب سياسي.
لكن 92% منهم يؤكدون أن القمع الذي مارسته الشرطة والقيود التي فرضتها الحكومة الاسلامية المحافظة التي تقود البلاد منذ 2002 على حياتهم اليومية وغالبًا ما توضع في خانة اسلمة زاحفة لتركيا العلمانية، هما من الدوافع الرئيسية لتعبئتهم.

نضال من أجل الحقوق السياسية
واوضحت عالمة الاجتماع نيلوفر نارلي، البرفسورة في جامعة بهتشي شهير في اسطنبول، كما نقلت عنها صحيفة ملييت، quot;أن مطلبهم الرئيسي هو عدم التدخل في حياتهم الخاصة والاصغاء اليهمquot;. واضافت quot; أن هذا الجيل من خلال تسليته على شبكات التواصل الاجتماعي يعبّر ايضًا عن آرائه السياسيةquot;.
ولخص جان دوغان الطالب البالغ 23 عامًا، والذي يشارك في التظاهرات في العاصمة التركية الوضع بقوله: quot;إننا نناضل من اجل حقوقنا الاساسية، ضد حكومة تريد السيطرة على حياتناquot;.
واستطردت رفيقته مرفي: quot;لسنا من جيل المدمنين على الكحول ولسنا مشاغبين بل إننا مواطنون مسؤولونquot;.

...ومن أجل الحرية الشخصية
وفي تلميح إلى تصريحات أخيرة لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الذي وصف المتظاهرين بـquot;المتطرفينquot; وquot;المشاغبينquot; وحاول تبرير قانون أخير يحد من استهلاك المشروبات الكحولية بالرغبة في عدم رؤية quot;جيل يترنح في النهار والليل تحت تأثير الكحولquot;.
واعتبر جنكيز اكتر المحلل السياسي في جامعة بهتشي شهير quot;أن اردوغان راهن على الاقتصاد لكسب ود الجماهير. وقد نجح إلى حد ما في ذلك اذ إن مجتمع الاستهلاك وصل إلى اوجه في تركياquot;.
واضاف: quot;لكن لا بد من الاعتقاد بأن الصيغة التي تقضي بالقول quot;استهلك واصمتquot; لها حدودquot;، quot;فالناس يقولون هذا يكفي نريد ايضًا حرياتquot;.
وهو مطلب اكده اليف جبلي (19 عاماً) الذي يتظاهر في انقرة. وقال هذا الشاب الذي ترعرع وسط عائلة محافظة quot;حتى والدي لا يتدخل في حياتي الخاصة مثلما يفعل طيب (اردوغان)quot; مستطردًا quot;فما دخله في ذلك؟quot;.