تداول الاعلام الاماراتي اليوم الثلاثاء مقالة جاد بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وجهها إلى العالم أجمع، يصف فيها الدوافع التي تقف وراء طلب الامارات استضافة إكسبو 2020، مؤكدًا أن المنطقة التي ولدت فيها الحضارات تستحق فرصة استضافة عقول تبحث عن حلول مبتكرة لتحديات يواجهها العالم.


بيروت: في مقالة تجمع مجد العرب من تراثهم الحافل بالانجازات والتواصل والانفتاح، إلى مستقبل قائم على سماحة دينهم وطموحهم في الريادة، وأتت تحت عنوان quot;لماذا نريد استضافة العالم في 2020؟quot;، كتب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اليوم، مبتدئًا بابتكار الخلفاء العباسيين، قبل أكثر من ألف ومائتي عام، مفهوم التواصل المنظم بين الحضارات، لافتًا إلى أن التاريخ المكتوب لم يسجل انفتاح حكام مثلهم على حضارات الآخرين وثقافتهم، quot;وكانت حصيلة ذلك أن جمعت بغداد كل ما أبدعه العقل البشري في مكان واحد وأسست أول جامعة في العالم، هي بيت الحكمة، التي ضمت مكتبتها أفضل ما أنتجته الثقافات الإغريقية والسريانية والرومانية والفارسية والهندية من علوم وآدابquot;.

من... إلى!
انطلق الشيخ محمد من تحول بغداد في عهد المأمون إلى حاضرة العالم الثقافية والعلمية ومقصد المفكرين والمترجمين من كل الأعراق والأديان وجسر التواصل بين العقول الشغوفة بالمعرفة والباحثة عن خير الإنسان وسعادته، إلى التأكيد أن فكرة الانفتاح الثقافي وتواصل العقول من أجل بناء مستقبل ما زالت فكرة صحيحة، quot;بل لعلها الفكرة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها لمواجهة تحديات كثيرة تواجهها البشريةquot;.
قال: quot;اختبرنا هذه الفكرة في دولة الإمارات خلال الأربعين سنة الماضية، اهتممنا ببناء عقل الإنسان وانفتحنا على عصرنا واستقطبنا أفضل المواهب أيضًا، فأصبحت الإمارات اليوم نموذجًا لتعايش الثقافات، ومركزًا رئيسا عالميًا يربط بين جهات العالم الأربع، فتضاعف ناتجنا الإجمالي أكثر من 190 مرة خلال 40 سنة فقط، وانتقلنا من دولة لا تمتلك أية جامعة لدولة تضم أكثر من 70 جامعة، ومن دولة تضم موانئ صغيرة للغوص والصيد لدولة تتعامل موانئها مع أكثر من 100 حاوية في كل دقيقة، ويمر عبر مطاراتها أكثر من 80 مليون مسافر سنويًا، ومن دولة لم تكن تعرف التنظيمات الحكومية الحديثة إلى الدولة التي تتبوأ المركز الأول على مستوى العالم في الكفاءة الحكوميةquot;.
أضاف: quot;اختبرنا هذه الفكرة أيضًا عبر تجميع العقول المبدعة في مدن متخصصة، كمدينة للإنترنت وأخرى للإعلام وثالثة للخدمات الإنسانية، ومدن أكاديمية وصناعية ومناطق مالية، فأنتجت هذه العقول إبداعات أصبحت من خلالها الإمارات الدولة الوحيدة في المنطقة التي ينتقل اقتصادها بثبات وسرعة نحو اقتصاد المعرفةquot;.

عقول أنجزت
وقال الشيخ محمد في مقالته إن عقول آلاف الخبراء والمختصين من الدولة ومن خارجها تواصلت على أرض الامارات، quot;فرفعنا أطول بناء في العالم خلال زمن قياسي، وبنينا أكبر جزيرة من صنع الإنسان يمكن رؤيتها من الفضاء، يعيش ويعمل فيها آلاف البشر، وتواصلت العقول فبنينا أكبر شبكة مترو في العالم تعمل من غير سائق، وأنشأنا ثالث أكبر شركة طيران عالمية، وطورنا إحدى أفضل الحكومات الإلكترونية في العالم وبدأنا الانتقال إلى عصر الحكومة الذكيةquot;.
أضاف: quot;وبنينا أكبر مدينة في العالم خالية من الكربون، تضم أحدث المعاهد والعقول المختصة في علم الطاقة النظيفة، وتتواصل أيضًا عقول وثقافات وفنون العالم في العاصمة أبوظبي لتبني أكبر مدينة ثقافية وفنية تضم أجمل وأكبر المتاحف العالميةquot;.
تابع كاتبًا: quot;نريد استضافة إكسبو 2020 في دبي تحت شعار (تواصل العقول وصنع المستقبل)، وهو حدث عالمي تلتقي فيه ثقافات العالم وتجتمع إبداعاته، ونريد استضافة أكثر من 25 مليون إنسان خلال ستة أشهر في دبي، ليروا أفضل ما توصل إليه العقل البشري عبر مختلف أعراقه وثقافاتهquot;.
ويريد الشيخ محمد أيضًا جمع أفضل عقول العالم في إكسبو 2020 لطرح إبداعات جديدة للتعامل مع قضايا تؤرق البشرية كاستدامة الطاقة واستدامة المياه، وطرح حلول ذكية لابتكار أنظمة جديدة للنقل ونماذج عالمية جديدة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة، ولترسيخ الاستقرار المالي عبر اقتصادات العالم.
قال: quot;وعدنا العالم بأننا سنبهره عندما تقدمنا بملفنا لاستضافة أكبر حدث ثقافي عالمي، ونؤكد اليوم وعدنا، ونعد العالم أيضًا بأننا سنحقق شعارنا في تواصل العقول لبناء مستقبل أفضلquot;.

ثلاث رسائل
الامارات تريد من خلال استضافة هذا الحدث العالمي في العام 2020 توصيل ثلاث رسائل مهمة. الأولى، للعالم أن منطقة الشرق الأوسط ليست منطقة توتر ونزاعات وحروب، بل منطقة لالتقاء الحضارات وامتزاج الثقافات وصناعة الإبداعات، وستسرد دورها الحضاري عبر مبادرات تستضيف فيها العالم وتتواصل بإيجابية وانفتاح مع ثقافاته المتعددة وتتعايش مع أفكاره وتتفاعل مع شعوبه. وكتب الشيخ محمد: quot;دولتنا تبعد ثماني ساعات فقط عن ثلثي سكان العالم، إنه قدرنا كمنطقة أن نكون في وسط العالم، وقدرنا أن نكون مركزًا لالتقاء الشعوب، ووعاءً تمتزج فيه الحضارات والثقافات لتعطي البشرية إبداعات جديدةquot;.

الرسالة الثانية موجهة لأبناء شعوب المنطقة، ومفادها إذا كان تواصل الثقافات المختلفة يبني مستقبلًا أفضل فكيف بتواصل أبناء الثقافة الواحدة والدين الواحد واللغة الواحدة. قال الشيخ محمد في مقالته: quot;منذ أكثر من ستة عقود ونحن نسعى لتحقيق تواصل وتفاعل إيجابيين بين دول المنطقة وشعوبها، تواصل تتوحد فيه العقول قبل الحدود، وتنفتح فيه القلوب قبل أن تفتح الأسواق، وتتوحد فيه الإرادات قبل أن تتوحد فيه العملات، وحان الوقت لتستعيد منطقتنا دورها التاريخي والحضاري، فقد حدد تاريخنا قدره بأن نكون أمة عظيمة ويجب أن يجسد مستقبلنا هذا القدرquot;.
ووجه الشيخ محمد الرسالة الأخيرة لحكومات 166 دولة في العالم، ستصوت خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لاختيار الدولة الفائزة باستضافة إكسبو 2020، مفادها: quot;نحن جاهزون لاستقبال العالم في 2020 ونحن قادرون على تنظيم أفضل دورة في تاريخ هذا التجمع الثقافي العالمي، وتستحق هذه المنطقة التي تضم أقدم الحضارات، وهي مهبط الديانات والوعاء التاريخي لمختلف الثقافات، أن تحظى بفرصة بتنظيم هذا المعرض العالمي الرائعquot;.