حذّر قانونيون وحقوقيون عراقيون وعرب، خلال اعمال مؤتمر جرائم وانتهاكات حقوق الانسان في العراق، المنعقد في اسطنبول حاليًا، من مخاطر تداعيات تسييس القضاء العراقي وبحثوا مخاطر خرق قانون الإرهاب للمبادئ الجنائية الاساسية.


أسامة مهدي من اسطنبول: خصصت جلسة مساء من مؤتمر جرائم وانتهاكات حقوق الانسان في العراق المنعقد في اسطنبول حاليًا، لبحث مخاطر وتداعيات قانون الإرهاب، بمشاركة مختصين واكاديميين عراقيين وعرب زاد عددهم على المائتين وخمسين مشاركًا في تجمّع تنظمه جمعية الحقوقيين العراقيين في بريطانيا.

مدى استقلالية القضاء العراقي
وقال طارق علي الصالح، دكتوراه في القانون الجنائي من جامعة كلاسكو ورئيس جمعية الحقوقيين في المملكة المتحدة، إن تحقيق العدالة يحتاج إلى قانون وقضاء ينجزانه، شرط صدورهما عن سلطة تشريعية منتخبة لأنه من دون ذلك سيكونان في خدمة الدكتاتوريات. واشار إلى أن قواعد القانون جامدة، ولذلك فهي بحاجة لقضاء نزيه ومستقل ليطبقه بعدالة. وشدد على أن العراق ومنذ احتلاله عام 2003 يفتقد لجميع هذه المعايير، حيث يشهد القضاء حاليًا انحطاطًا كاملاً بدأ مع تعيين الحاكم الأميركي المدني السابق للعراق بول بريمر لرئيس انتهازي لمجلس القضاء الأعلى كان خدم النظام السابق، فجاء تعيينه متعمدًا ليكون ضعيفًا يسهل التأثير عليه نظرًا لعلاقته بالنظام السابق.

وأضاف أن تحقيق استقلالية القضاء عملياً، يحتاج إلى وجود آليات فاعلة لأنه لا قيمة لما تنص عليه الدساتير والقوانين من خطابات وعظية تتمشدق بها الأنظمة الثيوقراطية والتيوقراطية لتعزيز سلطتها الاستبدادية كما حصل ويحصل في العراق وبشكل خاص في ظل الاحتلال والحكومة الطائفية، حيث وضع القانون في خدمة اهداف تحاول إيذاء مكوّن بعينه، وهو ما قد يقود في النهاية إلى تقسيم العراق. وقال إن القانون اذا ما حقق العدل فإنه من الصعب تحقيق العدالة التي تحتاج إلى قضاء رصين ونزيه وشجاع لتحقيقها، والقضاء لا بد أن يعتمد على مؤسسات تنفيذية مهنية كفؤة وغير فاسدة أو مسيسة أو طائفية، تخضع لسلطته ورقابته لمساعدته في تحقيق العدالة، وهي أذرعه الأساسية كمؤسسات الشرطة والأمن والسجون والمعتقلات، واذا ما قطعت أو شلت هذه الأذرع فإن القضاء سيتحول إلى جهاز معوق يرتكز كليًا على السلطة التنفيذية.

خرق قانون الإرهاب العراقي للمبادئ الأساسية للقانون الجنائي
وأشار أكرم عبد الرزاق المشهداني، دكتوراه في القانون الجنائي ومستشار في وزارة العدل القطرية، إلى أن قانون مكافحة الإرهاب في العراق رقم 13 لسنة 2005 قد اثار العديد من الاستفهامات وردود الأفعال، فالقانون في محتواه، هو أشبه بقانون طوارئ، يحتوي على ست مواد سميت بالإرهابية، منها المادة 4 المثيرة للجدل، وتدور حولها الأزمة السياسية في العراق، والتي تساوي بالعقوبة بين مرتكب الفعل الإرهابي الحقيقي وبين من تعده محرضاً أو ممولاً، أو حاضناً، وأن يعاقب بالاعدام كل من الفاعل الأصلي والشريك، والمحرض والمخطط والممول والمتستر على الشخص الإرهابي . وبذلك، فإن هذه المادة استخدمت كذريعة من قبل السلطة وقضائها للزج بالآلاف من الأبرياء وإصدار أحكام الإعدام لأعداد منهم بذريعة التحريض والتستر.

وقال إن هذا القانون يتنافى مع المعايير الدولية لمكافحة الإرهاب التي وردت في القرارات الدولية والمعاهدات الأممية ذات الصلة بالإرهاب، ومنها الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي صادق وانضم اليها العراق، واتفاقية منظمة التعاون الاسلامي لمكافحة الإرهاب، والقانون العربي النموذجي الاسترشادي لمكافحة الإرهاب . اشار إلى أن هذا القانون يتنافى مع ضمان الحقوق والحريات التي نصت عليها مختلف الدساتير العربية ومنها الدستور العراقي النافذ كحق إبداء الرأي وحرية الفكر وغيرها من الحقوق الأساسية والحريات التي كفلتها أيضًا المعاهدات والاتفاقيات والإعلانات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان .

وأشار إلى أن هذا القانون قد طال العديد من مواد قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وكان الاولى أن يتم تطبيق قانون العقوبات الواضح المعالم والكافي في جزاءاته، فالملاحظة الأولى التي سجلها العديد من الباحثين عن القانون هي أنه بات يشمل كافة الجرائم التي ترتكب في العراق، فلم يعد هنالك من حاجة لقانون العقوبات العراقي ذي الرقم (111) لسنة 1969 المعدل، والذي كان يعد من أفضل القوانين التي راعت حقوق الإنسان في العام العربي .

وقال إن الملاحظة الأخرى تتعلق بصياغة القانون، من حيث تعريفه العائم للجريمة الإرهابية، والذي أشار إلى ثلاث كلمات تدل على الفعل الإرهابي، وهي (كل فعل إجرامي يقوم به فرد أو جماعة) بغض النظر عن الفعل الذي جاء به المجرم ودون تحديد واضح له، الأمر الذي يعطي صفة التعويم والغموض في التعريف، إضافة إلى احتوائه على مصطلح (الغاية الإرهابية)، والتي قد تختلف في تفسيرها من قاضٍ الى آخر بحسب بيئته وثقافته . وقال إن المادة (2) من القانون، حددت الأفعال الإرهابية في ثماني نقاط أثارت جدلاً كبيرًا، أولاها تشير إلى أن ( التهديد بالعنف) هو بحد ذاته إرهاب، إضافة إلى وجود مصطلح (المشروع الإرهابي) الذي لم يعرف ما هو ولم يعرفه القانون، أما الثانية فهي تشير إلى أن (العلم بالعنف) يشكل عملاً إرهابيًا، بمعنى لو عرف شخص بعمل يتضمن عناصر العنف وتخوف من الإبلاغ فإنه سيحاسب وفق قانون الإرهاب، لقد اعتبرت المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب بعض الأفعال بعداد الأعمال الإرهابية كالعنف والتهديد وإلقاء الرعب بين الناس وتعريض الممتلكات العامة والخاصة للخطر، وكذلك الاعتداء بالأسلحة والمتفجرات بكافة أنواعها على دوائر الجيش والشرطة والدوائر الرسمية ومقرات البعثات الدبلوماسية، وأي عمل من شأنه تهديد الأمن والوحدة الوطنية .

وأضاف أن اغلب هذه الأفعال ورد ذكرها في قانون العقوبات في المواد (190 و196) ووضعت على فاعلها عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد، كما وتم تجريم هذه الأفعال في المواد (224) و (414) و (521) ق . ع ووقع لها العقاب المناسب المتلائم وكل حالة .. واعتبرت المادة الثالثة من قانون مكافحة الإرهاب بعض الأعمال من الجرائم التي تهدد امن الدولة وسبق للمشرع العراقي أن وضع هذه الأفعال ضمن باب الجرائم الماسة بأمن الدولة في المواد (9) و (21) ق. ع كما تم وضع العقوبات لهذه الجرائم في المواد (156 -170) من القانون ذاته .

وبين أن المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب تتكون من فقرتين تفرض الأولى عقوبة الإعدام لكل من ارتكب الأعمال الإرهابية التي تم شرحها مسبقًا، أياً كانت صفة المجرم أصيلاً أو شريكاً، وفرضت الفقرة الثانية عقوبة السجن المؤبد على كل من آوى فعلاً أو شخصاً إرهابياً فالمادة (4) تشير إلى العقوبات إزاء العمل الإرهابي والمثير للاستغراب أن حكم الإعدام هو الحكم الوحيد لكل من الفاعل والمخطط والشريك والممول، وكل من مكن الإرهاب وهنا أيضا نلاحظ أن القانون لم يحدد من هم الأشخاص أو الجهات التي تمكن الإرهاب من أجل تنفيذ حكم الإعدام بحقهم؟ أما الفئة الثانية والتي وضعت على استحياء، نجد أن القانون يحكم بالمؤبد على من يخفي معلومات أو آوى شخصاً يوصف بالإرهابي .
وقال إنه كان ينبغي أن يتضمن القانون نفسه اشارة ولو بسيطة إلى التوازن المطلوب بين أمن المجتمع وحماية الحقوق والحريات كأن يكون عنوانه قانون الأمن والحرية كما هو القانون الفرنسي كما وكان يجب أن يتضمن مادة استهلالية تفيد بأنه لن يترتب على تطبيق أحكامه الإخلال بحقوق الانسان وحرياته الاساسية على النحو الوارد في الدستور والتشريعات الاخرى ذات الصلة .

جرائم الفساد المالي والاداري في العراق
وقال محمد نادر الباحث القانوني العراقي المقيم في باريس إن ظاهرة الفساد تعد من الظواهر الخطيرة التي تعاني منها المجتمعات وهذه الافة الخطيرة لم يسلم منها مجتمع من المجتمعات ومنها المجتمع العراقي .
وشدد على أن ظاهرة الفساد المالي والإداري في العراق أصبحت من أخطر الظواهر في العالم بحيث أدرجت منظمة الشفافية الدولية العراق في مصاف الدول الأكثر فساداً في العالم، لذا سلطت الضوء من خلال هذه الورقة على أسباب وكيفية استفحال هذه الظاهرة الخبيثة. وقال إن الاحتلال قد خلق بممارساته في العراق الظروف الملائمة لتفشي هذا الفساد في جميع مرافق الدولة .

الأحواز عانوا ويلات وكوارث خلال القرن الماضي
ومن جهته، تحدث حسين الأهوازي مؤسس احد التنظيمات الأحوازية في داخل الأحواز، وناشط يشارك في طرح القضية الأحوازية على المنظمات الدولية والحكومية، ومعد لبرنامج quot; اضواء على تاريخ ايرانquot; باللغة الفارسية باكثر من أربعين حلقة مع باحثين منصفين عن واقع منطقة الأحواز العربية، فقال quot;يعيش العالم الاقتصادي والثقافي والسياسي مخاضاً جوهرياً في الوقت الراهن يتوقف على نتائجه مستقبل العلاقات الدولية واذا كانت القوى الفاعلة اساسًا في هذا المخاض فإننا نعتبر أن المثقفين والنخب العربية والأحوازية تضطلع أو ينبغي ان تضطلع بأدوار هامة في مجال الدفع بهذا المخاض نحو انتاج علاقات دولية تتسم بالتوازن والاستقرار لمواجهة تحديات النمو والأزمات الاقتصادية والسياسية في ظل احترام استقلال الدول وسيادتها وحق الشعوب في تقرير مصيرها خارج أي شكل من اشكال التدخل والوصاية الإقليمية أو الدولية .

واكد أن الأحوازيين قد عانوا خلال القرن الماضي من ويلات و كوارث الاحتلال اثرت بنتائجهما ومضاعفاتهما المادية والمعنوية على كل مستويات حياتهم اليومية، حيث تميزت المرحلة الاولى من الاحتلال بنوع من استقرار الرعب في نفوس الأحوازيين، وذلك من قتل وتهجير وتجويع وسجون و تآمر من خلال ضعيفي النفس الذين عملوا مع الأمن الايراني في كلا الحكمين الشاهي والخميني .
واكد أن النظام الايراني الحالي قد اتبع سياسة التفريس في اقليم الأحواز بشكل تعسفي واسع، حيث اطلق اسماء فارسية على جميع مدن الاقليم ومنع المواطنين من اطلاق اسماء عربية على ابنائهم ،كما منعهم من ارتداء الملابس العربية.