وقف العشرات من أقرباء قتلى عملية فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة أمام مسجد الإيمان في القاهرة ينتظرون خروج الجثث وبعضهم يتوعد أن دماء أقاربهم لن تضيع هدرًا.


القاهرة: جلست أم عبد الله بصمت أمام جثة زوجها في مسجد الايمان قرب ميدان رابعة العدوية في شرق القاهرة، قبل أن تشهق بالبكاء مع ابنتيها على وقع هتافات quot;حسبي الله ونعم الوكيلquot;. وضعت السيدة المنقبة وهي تبكي يدها على راس الجثة التي لفها كفن ابيض وكتب عليها بخط اليد quot;محسن احمدquot;، ثم سحبتها ورفعتها الى الاعلى وهي تصرخ quot;قتلوه برصاص الغدر، في كتفه وصدرهquot;.

وقرب جثة زوج ام عبد الله وضعت 13 جثة اخرى غطت بقع من الدماء بعضا من كفنها الابيض، من بين اكثر من 200 جثة انتشرت في ارجاء المسجد الصغير تعود لاشخاص قتلوا خلال فض اعتصامين مؤيدين للرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي في القاهرة امس الاربعاء.

وقالت ام عبد الله لوكالة الصحافة الفرنسية quot;زوجي عنده 48 سنة، ترك لي خمسة اولادquot;. واضافت فيما كانت ابنتها التي لا يظهر من وجهها سوى العينين تربت على كتفها quot;لن نترك دمه يضيع هدرا، سنستمر في ما نفعل، ومن يموت من بيننا، سيولد اخر مكانهquot;.

ووسط الايات القرانية التي تنطلق من مكبرات الصوت داخل المسجد والدعوات الى الله لمحاسبة quot;الخونة والقتلةquot;، اخذ رجل يتنقل بين الجثث الملقاة على الارض وهو يصب عليها مادة مطهرة. وفي وسط المسجد الذي انتشرت في ارجائه رائحة الجثث، وقفت امراة منقبة تلوح بيديها اللتين حملت فيهما عودين من البخور، بينما كان عدد من الرجال ينقلون مكعبات كبيرة من الثلج ويلقونها على الجثث.

وقال خالد عبد النور (32 عاما) صاحب اللحية الكثة وهو يضع يده على خده الايسر quot;هذا شقيق زوجتي، توفي وعمره عشرين سنة حين كان يحمي الجثث من حرقها على ايدي قوات الامنquot;. وتابع quot;انا سعيد لانني اجلس بين هذه الجثث. هؤلاء اناس زفوا الى الجنة، ودماؤهم ستكون لعنة على السيسي وجنودهquot;، في اشارة الى الفريق اول عبد الفتاح السيسي.

وامام مسجد الايمان، وقف العشرات من اقرباء ضحايا عملية فض الاعتصامين المؤيدين لمرسي المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين، وهم يرددون عبارة quot;لا اله الا اللهquot; كلما خرجت من المسجد جثة في نعش خشبي.

وجلس رجلان يراقبان المحتشدين في سيارة اسعاف بيضاء كتب عليها quot;كل نفس ذائقة الموتquot;. وعلى بعد نحو كيلومتر من المسجد، كان عمال النظافة يعملون على ازالة اثار الاعتصام في رابعة العدوية، بينما يجهد عناصر الجيش والشرطة في التدقيق من هوية الداخلين الى المنطقة والخارجين منها.

واختلطت على ارض الموقع الاحذية بالمعلبات والالبسة واغصان الاشجار وقطع الحديد المتفحمة، فوق شارع طويل افترشه المازوت الاسود. وعملت اربع جرافات على ازالة الركام على بعد امتار من مسجد كان يتصاعد منه الدخان، وامام محطة وقود متفحمة بالكامل علقت عليها صورة لمرسي قرب لافتة كتب عليها quot;ممنوع التدخينquot;.

وقال عمر حمدي (23 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية وهو يتمشى مع ثلاثة من اصدقائه بين السيارات المتفحمة وعربات الشرطة والجيش quot;كان لا بد مما حصل، لم تكن هناك طريقة اخرىquot;. واضاف quot;الناس هنا لم تكن قادرة على العيش، وما حصل كان لا بد منهquot;.

غير أن علي عبد الحق (57 سنة) قال وهو يسير مع زوجته محاولا تفادي قطع من الزجاج على الارض quot;ما حدث حرام، كان يجب تحكيم المنطقquot;. وتابع quot;الناس اختارت رئيسها واعطته اصواتها، فهل نرمي الاصوات بهذه البساطة؟quot;، في اشارة الى مرسي الذي اطلقت عملية عزله من منصبه على ايدي الجيش اعتصامات منددة بما اسمته quot;الانقلاب على الشرعيةquot;.

وعلى الطريق بين المسجد المحترق، ومسجد الامين، انهمك العشرات من المارة في التقاط صور بهواتفهم لسيارات واليات انقلبت على احدى جانبيها. كما غصت شرفات المنازل المحيطة بالميدان بالناس الذين يشاهدون عناصر الجيش والامن المركزي والشرطة وهم يعيدون تمركزهم في الموقع.

وقالت سميرة زارع (73 عاما) quot;كنت خائفة جدا من ان يقتحموا منزلي. سمعت ضرب النار لكنني لم اقدر على الخروج. ظللت جالسة في الداخل برفقة زوجة شقيقيquot;. وتابعت quot;اللهم انتقم من كل خائن لهذا الوطن. الناس ارتاحت من التظاهرات هنا، لكننا نحزن على من قتل. اشعر بذهول كبير، في حياتي لم اتخيل ان مصريا سيقتل مصريا بهذه السهولةquot;.