وصل الشقاق المصري حول عزل مرسي والانقلاب عليه إلى العلماء، فدار سجال حام بين مفتي مصر السابق علي جمعة ورئيس اتحاد علماء المسلمين يوسف القرضاوي حول تحديد من هم الخوارج، الإخوان أم المنقلبون عليهم.
القاهرة: إنتقلت عدوى الإنقسام المجتمعي في مصر حول الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي، إلى النخبة الدينية. فالبعض يؤيد مرسي باعتباره الرئيس الشرعي، فيما يؤيد البعض الآخر عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع الذي أزاح مرسي عن الحكم. وتبادل إثنان من كبار العلماء في مصر والعالم الإسلامي الإتهامات، وهما الدكتور يوسف القرضاوي رئيس إتحاد علماء المسلمين المقرب من مرسي، والدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق وأقرب علماء الإسلام في مصر إلى السيسي.
خوارج مباح قتلهم
اندلعت المساجلات الدينية بين العالمين بعد أن وصف جمعة الإخوان بالخوارج الذين يجب قتلهم. ورد عليه مفتي الإخوان الدكتور عبد الرحمن البر، ثم القرضاوي، ووصل الأمر إلى حد تبادل الإتهامات بين الجانبين بالخروج على دين الإسلام، وإحلال كل طرف دم الآخر. وقال جمعة في مقطع فيديو تداوله نشطاء على موقع فايسبوك إن قتل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مباح، واصفًا إياهم بـquot;الخوارجquot;.
وقال موجهًا حديثه للضباط: quot;اصبروا واثبتوا فالله مؤيدكم، واعلموا أنكم على الحق، ولا يعوقن أحد طريقكم التي بدأتموها، أنتم تسيرون في طريق اللهquot;. وأضاف: quot;طوبى لمن قتلهم وقتلوه، فالقتال عمل الفرسان، أما رافضو الانقلاب فهم أهل القتل الأوباشquot;.
وواصل جمعة القول: quot;إن الرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم عن أنه إذا كنتم جميعًا على رجل، جميعًا وليس جماعة، وهذا الذي حدث في ثورة 30 يونيو، خرج الشعب وخرج الجيش معه، فالجميع على رجل، فإذا ما جاء من يريد أن يفرقكم فاقتلوه كائنًا من كان، مع حرمة الدم وعظمه، يبيح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقاتل هذا الخارجيquot;.
القتل للمسلحين فقط
إلا أن جمعة هذب فتواه بقتل عموم المتظاهرين المناهضين لما يعتبرونه انقلابًا عسكريًا، quot;فالفتوى المتداولة عبارة عن تسجيل في الشؤون المعنوية بالجيش تحدثت فيه عن الخروج بالسلاح، وقيام البعض باستخدامه لقتل الشرطة والجيش، وجواز قتل من يفعل ذلك لمجرد حمل السلاحquot;.
وأضاف: quot;إن من خرج في تظاهرات تتحول إلى عنف وهو يعتقد أنه مدافع عن الإسلام غير مدرك للحقائق، فلا شيء عليه، أما إذا كان مدركًا أن التظاهرات هدفها تحقيق مصالح شخصية أو حزبية فهو مخطئ وآثم، لأنه ساهم في نشر العنف والفتن بين أبناء الشعبquot;.
وقال المفتي السابق في لقاء تلفزيوني، ببرنامج quot;ممكنquot; على قناة quot;سي بي سيquot; المصرية: quot;قيادات الإخوان الذين لعبوا بعقول الشباب يعتبرون من الخوارج أيضًا، ووجبت مواجهتهم، لكن بقدر الإمكان تجنب قتلهم، فالفرق بيننا وبين الإخوان أننا نريد أن نُحكَّم بالإسلام، وهم يريدون أن يحكموا بالإسلامquot;.
وأشار جمعة إلى أن مرسي لم يعد رئيسًا شرعيًا للبلاد، متهمًا إيّاها بمخالفة وعوده في المئة يوم الأولى من الحكم، وقال: quot;مرسي لم تعد له شرعية وقبض عليه، ووفقًا للفقه الإسلامي هذه شرعية متغلب، وإذا تم القبض على الحاكم من قبل الشعب فيصبح ذلك تمكينًا بالقوة، ويتم التسليم بالأمر منعًا للدماء والفتنةquot;.
مبارك أعقل من مرسي
أضاف جمعة أن مبارك كان أعقل من مرسي، لأنه أدرك في ثورة يناير أنه لا يقدر على حكم مصر غصبًا عن الشعب. وأفتى بقتل من يحملون السلاح في وجه الجيش، وقال: quot;مصر لديها جيش قوي، والرسول صلى عليه وسلم أشاد به، ومن يواجه الجيش مسلحًا يجب قتلهquot;، معتبرًا أن ما عزل مرسي في 3 تموز (يوليو) ليس إنقلابًا، لأن السيسي لم يحكم مصر بعدها.
وقال: quot;الفريق أول عبد الفتاح السيسي منع انزلاق البلاد في حرب أهلية، فهو لا يريد دنيا، وشرفه العسكري هو الذي حركه لعزل مرسي، ولولا تدخل الجيش لشاعت حرب أهلية بين المصريين، وكان سيتم قتل الحاكمquot;. معتبرًا أن quot;القول إن ما حدث انقلاب تلبيس من إبليسquot;.
الإنقلابيون خوارج
وأثارت فتوى جمعة بقتل من يعتقدون أن عزل مرسي إنقلاب عسكري، لاسيما من خرجوا في تظاهرات مسلحة، غضب علماء آخرين، وعلى رأسهم القرضاوي، الذي رد على جمعة بالقول: quot;إن الانقلابيين على الرئيس محمد مرسي هم الخوارج، وأحاديث الخروج على الحاكم تنطبق على الانقلابيين، وهم الخوارج الحقيقيون وليس أنصار مرسيquot;.
وأضاف في لقاء على قناة الجزيرة مباشر مصر أن الحاكم الشرعي لمصر هو الدكتور محمد مرسي، المنتخب بأغلبية من الشعب، ومعه الدستور المستفتى عليه. ولفت إلى أن معتصمي رابعة العدوية والنهضة كانوا مسالمين، ولم يحملوا أسلحة أو سكاكين، وسلاحهم كان السلمية والتكبير، ونبه إلى أن ملايين المصريين خرجوا في تظاهرات سلمية ضد الإنقلابيين.
ووصف القرضاوي مفتي مصر السابق بأنه عبد للسلطة وعالم الشرطة، مشيرًا إلى أن دوره انتهى، وهيئة كبار العلماء يعرضون عنه، لا يعتبرونه أزهريًا، وليس عالمًا أصيلًا، بل صوفيا. واستمر القرضاوي في الهجوم بضراوة على جمعة، وقال: quot;إنه رجل مستأجر للسلطة، فهذا الرجل حرم الخروج على مبارك في ثورة ينايرquot;، داعيًا الأمة إلى العودة لعلمائها الحقيقيين.
وجاء رد جمعة على القرضاوي قاسيًا أيضًا. وقال: quot;الشيخ القرضاوي أصيب بالخرف أو الزهايمر، ولابد من إيقافه، ولم يعد عقله قادرًا على أن يفكر التفكير المستقيم، ولا لديه قدره على إدراك الواقع. نعم له تاريخ ومؤلفات لكنه أصيب بالخرفquot;.
مفتي الإخوان يرد
ودخل الدكتور عبد الرحمن البر، مفتي جماعة الإخوان المسلمين، على الخط وهاجم جمعة، وقال: quot;الخوارج هم من انقلبوا على الإرادة الشعبية والرئيس المنتخب وليس الثوار الذين يطالبون بعودة الشرعية وولي الأمرquot;.
وقال عبد البر في فتوى له: quot;الرئيس المعزول محمد مرسي انعقدت له بيعة الأمة، وصارت طاعته واجبة، ولم يسقطه الشعب في انتخابات حرة، إنما خانه وزير دفاعه مستغلًا وجود قسم من الشعب معارض له ولسياساته، فنازعه في حكمه وخرج عليه بالسلاح، واختطفه واختطف معه إرادة الأمة التي انتخبتهquot;.
ووصف معارضي مرسي بالخوارج، وقال: quot;ومن ثم فالأحق بوصف الخوارج هم الانقلابيون ومن رضي بخيانتهم، ولهذا كانت فتاوى سائر العلماء والروابط العلمية والهيئات والاتحادات العلمائية في كل أنحاء الدنيا واضحة في التأكيد على أن الحاكم الشرعي لمصر هو الدكتور محمد مرسي، وأن ما جرى من انقلاب هو خروج غير مشروعquot;.
وقال البر: quot;نحب أن نذكّر الشيخ بأنه سبق أن اعتبر الثورة على المستبد المخلوع مبارك حرام، ودعا المتظاهرين حينها للرجوع إلى منازلهم، في الوقت الذي كان المخلوع يتحدث فيه عن حق التظاهر ويعترف بمطالب الثوار، حتى تنحى المخلوع عن السلطة بشكل قانوني ونزل على إرادة الثوار الأحرارquot;.
التعليقات