انتقد عراقيون تجاهل فضائيات البلاد التظاهرات التي عمّت مدنًا عراقية مطالبة بإلغاء رواتب النواب والرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة، حيث كانت شاشات الفضائيات منشغلة بتقديم برامج بعيدة كل البعد عمّا يحدث على أرض الواقع.


عبد الجبار العتابي من بغداد: انتقد عراقيون الغياب التام للقنوات الفضائية عن حدث اليوم، ما عدا قناة البغدادية، التي تواجدت في محافظة ذي قار الجنوبية بنقل مباشر للأحداث، وسرعان ما تمت مصادرة أجهزتها.

وقال الإعلامي الدكتور نبيل جاسم quot;إن وسائل الإعلام المصرية هي التي قادت التغيير في مصر، محيّيًا قناة البغدادية فقط، ومشيرًا إلى ما كانت تقدمه القنوات الأخرى لدى خروج التظاهرات: الشرقية مع محمود المشهداني رئيس البرلمان السابق، العراقية ملتهية بالبصل، الرشيد مكياج، السومرية مع شيف خلدون ولانشون ويا سلام سلم، الاتجاه ولقب الدوري، الفيحاء: كاميرا تجول في العشوائيات، البابلية ونهر دجلة، الديار وأطلس العالم والشعب والربابة!quot;.

تعنيف الإعلاميين
من جهته أكد الصحافي غضنفر العيبي أن السبب هو في عدم منح تصاريح للفضائيات، قائلًا: quot;القوات الأمنية منعت وبقوة كل وسائل الإعلام من تغطية تظاهرات 31 آب/أغسطس. شاهدت بعيني مصادرة كاميرات الصحافيين والاعتداء على المصور محمد عباس، بل تطور الأمر إلى منع كاميرات الهواتف الجوالة من تصوير مقاطع الفيديو والفوتغراف. إضافة إلى الحواجز الأمنية، التي منعت الكثير من وسائل الإعلام من الوصول إلى ساحة التحرير أو الفردوسquot;.

أضاف: أعتقد أنه انتهاك واضح وصريح لحقوق الصحافيين والمتظاهرين على حد سواء.. هذه سابقة خطيرة تتمثل في عدم منح تصاريح أو موافقات أمنية للمتظاهرين وعدم السماح بالتغطية الإعلامية، إضافة إلى التعامل السيء من قبل القوات الأمنية مع المتظاهرين، الذين هم بمعظمهم من الوسط الثقافي والإعلامي.

أما الكاتب والصحافي حسين رشيد فقد أكد أن القنوات تم شراؤها من قبل الحكومة. وقال: quot;اليوم أثبت الإعلام العراقي أنه في جانب والشعب العراقي ومعاناته في جانب آخر. ومن العيب أن نتابع تطورات التظاهرات المطالبة بإلغاء امتيازات مجلس النواب والرئاسات الثلاث من وكالات أخبار غير عراقيةquot;.

أضاف: quot;إذن الرشوة والدعم والولاء وأسباب أخرى منعت وسائل الإعلام الفضائية من تغطية التظاهرات المطالبة بإلغاء امتيازات مجلس النواب والرئاسات الثلاث. وحتى لانبخس حق أحد كان، فللإجراءات الأمنية دور في عدم التغطية أيضًا. لكن كان بالإمكان تغطية التظاهرات بشكل آخر، من خلال استحداث أستوديو تحليلي للتظاهرات واستقبال مكالمات ودعوة ضيوف إلى التحدث.

نفوذ وإخفاء هوية
بدوره، الكاتب والإعلامي نبيل وادي أشار إلى وجود توجيهات رسمية اقتضت عدم الالتفات إلى هذا الموضوع، ربما خوفًا من سحب الأضواء عن مناطق أخرى، مثل سوريا، فقال: هناك ثلاث قراءات بشأن هذا الموضوع. الأولى تقول إن قنوات عراقية، مثل العراقية وآفاق وبعض القنوات الأخرى، خاضعة لنفوذ جهات تسعى إلى الالتفاف على قرار إلغاء التقاعد وتقليل الرواتب، لأنه يمسّ مؤيديها، وهناك قراءة أخرى، وهي أن بعض القنوات لا تريد أن تدلي دلوها في مثل هذه الموضوعات، لكي لا تحدد هويتها، قبل أن يناط الدور المرسوم لها بعد سنوات أو أشهر، وبحسب خارطة المصالح الإقليمية والدولية.

أما القراءة الثالثة فتقول إن بعض القنوات تحاول الحفاظ على مسافة معقولة من الحكومة بكل تشكيلاتها، وهناك قراءات أخرى من قبيل الضعف المهني وعدم المتابعة الجدية لمستجدات الواقع العراقي، كما حدث لـquot;العراقيةquot; في عام 2011 واليوم، ومشكلة اليوم هي أن الكثير من القنوات مرتبطة بشكل آو بآخر بأصحاب مصالح، ليس من مصلحتهم تسليط الضوء على ما حدث اليوم.

في حين لفت الإعلامي خالد الوادي إلى وجود خلل تنظيمي. وقال: أنا لم أعرف حتى هذه اللحظة من هي الجهة المشرفة على تنظيم التظاهرة، هذا من جانب. أما الجانب الآخر فيتعلق الأمر بمطالب المتظاهرين والسياسات التي تتبعها القنوات العراقية. والكثير يعرف أن غالبية الفضائيات العراقية هي فضائيات لها أجنداتها، ومع متابعتي للقنوات اليوم، وجدت أن حتى تلك الفضائيات المعارضة للحكومة لم تحضر، وهذا أمر محيّر، لا أستطع الإجابة عنه.

كذلك إستغرب الصحافي علي السومري لغياب الإعلام في تظاهرة اليوم، محاولًا البحث عن مبرر quot;ربما لقطع الطرق وعدم فسح المجال لتوافد الصحافيين أثر كبير في عدم حضور مراسلي هذه القنوات، وهذا لا يعني وصول بعضهم في وقت متأخر بسبب قطعهم مسافات طويلة، هذا من جانب. أما من جانب آخر فهو لوجود حساسية كبيرة ما بين الأجهزة الأمنية والإعلام، لكن هذا لا يمنع من أن تنقل الفضائيات ما حدث، حتى ولو لم يتمكن مراسلوها من الحضور، وذلك لوجود العشرات من مقاطع الفيديو التي نشرها المشاركون في التظاهرة.