في صوت فيروز قدرة ٌ سحرية ٌ على الشفاء. سأتقدم بطلب براءة إختراع بأسمي لهذا الدواء الجديد لمرضى القلوب الضعيفة وللذين هم في النزع الأخير يصارعون الموت، يائسين يتشبثون بغصون الأمل.

في البدء ينبغي عليّ القول بأن فيروز وهي تغني، فغنائها إبتهال وصلاة لا تختلف عن تراتيل القديسين في شيء. لصوتها أريج وردة ٍ سماوية ٍ.
بخور ٌ من شجر الجنة صوتها.. وصوتها نعلقه ُ كشمعدان ٍ من فضة ٍ مليء بالشموع. صوتها يشفع للميت عند الموت، كما لو أنه تعويذة سحرية
أو آية من كتاب ٍ مقدس. في صوت فيروز مايُشبه ُ الشعِر ُ والسحِر ُ والمعجزة. الموت ٌ ظمأ ٌ وصوتها الينبوع. حين تتصحر ُ أرواح ُ البشر، صوت فيروز هو المطر الأخضر الذي يمنح ُ حياتنا الخضرة. وإذ يطل ُ القمر ُ الفيروزي ينبت ُ الورد ُ في الصحراء. ومن صوت فيروز تتنزل ُ قرى ً وديعة ً يسكنها المطر ُ والعشاق ُ والقمر ُ الأليف ُ الذي ينام ُ على العشب، يلعب ُ مع الأطفال، ويجلس ُ على أريكة القلوب وفي شرفات المنازل. قمر ُ فيروز كصوتها يدخل ُ كل البيوت بلا إستئذان. تراه ُ في الحكايات والأغاني وهو يُضيء ُ ليالي السهر. في كل أغنية ٍ لفيروز ثمة حكاية وحبيبة تحوك ُ لحبيبها الغائب كنزة ً من دموعها تحت ضوء القمر.

من صوت فيروز نتعلم ُ أسرار العشق. فمع كل أغنية ٍ فيروزية ٍ يُباح ُ بسر
فراشة ٍ وتنهدات امرأة ٍ عاشقة ٍ تملأ ُ جرتها من النبع. من منا لم يشعر ُ بهطول المطر الناعم من صوت فيروز وهو يوقظ ُ الأحاسيس َ في مسامات الحجر؟ مع صوت فيروز نولد ُ في كل لحن ٍ وأغنية ٍ جديدة ٍ، حيث نقع ُ في الدهشة ِ ولم نعد نتعرف معها على أنفسنا. أغانيها عواصم أخرى غير ُ مُكتشفة من قبل. مع كل أغنية ٍ فيروزية نسافر إلى عاصمة الحلم وعلى أجنحة ٍ شفافة ٍ كالأثير. مع كل أغنية ٍ جديدة ٍ تـُهدينا فيروز بطاقة َ سفر ٍ مجانية ٍ نسافر ُ فيها على أجنحة الحلم إلى سماء ٍ من شعر ٍ وموسيقى وعطور. أعود ُ لوصفتي الفيروزية في شفاء المحتضرين..

يجيء ُ بالمحتضر مسجى على سرير أو كرسي ويوضع ُ قرب نافذة ٍ تطل ُ على الصباح. قرب النافذة شجرة ياسمين أو برتقال وتكون مُثقلة بالعصافير والثمار. لا ننسى إناء الورد المملوء بالزهور وكأس ماء بارد.

لاشيء بعد ذلك، أتركوا المعجزة تفعل سحرها بعد أن ينطلق صوت فيروز كما نطلق ُ الينابيع على الأرض الظامئة. دعوه لوحده حتى تمتص مساماته الماء. حتى ينفذ ُ السحر ُ في كل مسامة ٍ من روحه ِ وجسده ِ وأعصابه ِ وعروقه ِ التي سوف تشرب الصوت الأثيري كما يشرب ُ قطيع ٌ ضل ّ في الصحراء ثم وقع بغتة على غدير ٍ أو بركة ماء.

شاعر من العراق
[email protected]