يشيع في اوساط حزب الله وحلفائه في لبنان شعار الانقلاب على انقلاب العام 2005، الذي مكّن فريق 14 آذار ndash; مارس من مفاصل السلطة اللبنانية، بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. حزب الله وحلفاؤه يريدون العودة إلى ما قبل لحظة الاغتيال تلك سياسياً، باسم الشراكة والتوافق وتجاور المشروعين الكبيرين، مشروع الحريري الاقتصادي ومشروع حزب الله العسكري، على ما يعلن قادة حزب الله مراراً وتكراراً.
لكن قادة حزب الله يغفلون عمداً، على ما يبدو، واقع انعدام الشراكة والانقلاب على التوافق الذي كان سائداً في العام 2205 وما قبله. ذلك ان الحريري الأب اغتيل وهو خارج السلطة. بل كانت حكومة لبنان يومذاك، التي رئسها الرئيس عمر كرامي تناصب الحريري وجمهوره خصومة حادة، فيما كان رئيس الجمهورية اللبنانية العماد اميل لحود غير راغب بالتعايش مع الحريري في السراي الحكومية منذ بداية عهده ساكناً لقصر بعبدا الرئاسي. هذا يفترض ان العودة إلى ما قبل شباط ndash; فبراير من العام 2005 سياسياً يعني خروج الحريري الابن من السرايا وعودته مع فريقه السياسي إلى موقع المعارضة والتضييق عليه منهجياً مثلما جرى في عهد الرئيس السابق إميل لحود، إذ ما زال بعض اللبنانيين يذكرون بيانه الشهير الذي اعتذر فيه عن تشكيل الحكومة الأولى في عهده وquot;استودع فيه لبنان الحبيبquot;.
رغم مضاضة الوقائع هذه، إلا ان حزب الله وحلفاءه يصرون على العودة إلى ما قبل مرحلة اغتيال الحريري، باسم الشراكة والديموقراطية التوافقية. هذا ورغم ان الرئيس الحريري الأب فاز في في انتخابات العام 2000 النيابية فوزاً ساحقاً على خصومه، إلا أنه أُبعد عن كرسي الرئاسة الثالثة، ولم ينل يومها لا ثلثاً معطلاً ولا عشراً مشاركاً.
وعلى المذهب والمثال نفسيهما، يرى حزب الله والفريق المتحالف معه، ان سنوات ما بعد الاغتيال كانت سنوات انفراد فريق الحريري وحلفائه بالسلطة، رغم الثلث المعطل ورغم احتكار قرار الحرب والسلم. والحق ان اي مراقب نزيه لا بد وان يتذكر ان السنوات التي اعقبت اغتيال الحريري وصدور قرار مجلس الأمن القاضي بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كانت كلها سوداً وعجافاً على فريق 14 آذار ndash; مارس، حيث تعرض هذا الفريق لأشرس حملة اغتيالات عرفها لبنان على مر تاريخه، وطاولت في من طاولت قادة وسياسيين وصحافيين ورجال فكر. هذا وما زال اللبنانيون يذكرون وقائع الحصار الذي فرضه متفرغو حزب الله على الرئيس فؤاد السنيورة وحكومته، اعتصاماً في وسط بيروت لشهور عديدة، فضلاً عن التهديدات التي ووجه بها مع وزراء حكومته، مما دفع هؤلاء إلى الإقامة في السرايا نفسها، حتى لا يتعرض اي منهم للاغتيال في رواحه ومجيئه.
اليوم يريد حزب الله وحلفاؤه استعادة السلطة من فريق 14 آذار ndash; مارس. لكن أحداً منهم او من اللبنانيين لم يسأل نفسه: إذا كانت هذه هي حال فريق 14 آذار ndash; مارس وهو في السلطة، فأي جحيم سيدفع إليه هذا الفريق حين يصبح خارجها؟