ثمة سلالم عتباتها من آلام الآخرين.
ومن ذلك مأساة العراق، التي قدر لها أن لا تكون مصيبة لآخرين بل نافذة لشهرتهم، وفرصة للصعود.
ولعل أمام المرء الكثير لَيلحَظُ، من فنان وفنانة، ومطرب ومطربة، وسياسي وسياسية، وجبار وصعلوك، ارتقوا أيما مرتقى على quot;رؤوس quot; العراقيين، ليس عن مهارة، أو حذاقة، أو موهبة بالدرجة الأولى، بل لأن اسم العراق قد اُستغِل، ورُمِيَ قشرا بعد ما أُكِلَ.

فليس من الغرابة اذن ان يبلغ الشهرة quot; لا المجد quot; ليس العراقي الذي تجرع المأساة، وتذوق المرارة، بل ذلكم الذي حمل اسم العراق ولم يخبره، وبلل شفاهة بمائه لكنه لم يذقه أو يتذوقه، بل أن فنه بتفاصيله ليس عراقيا بحتا بل مزيج من تأثير عربي، وديدن أعجمي، وهيهات له quot;بحتة quot; داخل حسن، و الم حضيري، و ترانيم الغزالي.

ومن ذلك مطرب مشهور، صعد في لحظة المأساة - بل الملهاة العراقية لدى كثيرين -فَحَصَّن نفسه ببرج عاجي بناه له ناقمون من انقلاب الرأس على عقبه.
وغيره كثيرون.

داليشذى حسون

وما لحديثي هذا سوى مناسبة، أو لحظة اقتنصتها عيني في صدفة المشاهدة لقناة تلفزيون مغربي حين ارتقت المنصة مطربة، قالت انها مغربية الوجه واليد واللسان، وهي التي اعتادت ان تقدم نفسها على أنها عراقية للعراقيين، ومغربية أمام المغاربة.

ولأنها أمام الجمهور المغربي هذه المرة فقد أطنبت الحديث عن المغرب وعشقها له، وأجادتها لألوان غنائه وترعرعها فيه، فكان حديثها ذا شجون وشجون، لكنه خلا من اسم العراق واغنيته وفنه، فليس لها في بلاد الرافدين صلة بل هي ربيبة المغرب وثقافته ليس الا.

ولا يكفي أن يكون المرء عراقيا، لان الفتى من قال ها أنذا وليس الأب أو الأم بكل تأكيد.
وغير شذى حسون كثيرون، التي لم تكن ستنال ألقابها لو انها مغربية، بل استغلت التعاطف الشعبي مع المحنة العراقية، وتشجيع العراقيين quot; البريءquot; - تمعن في كلمة بريء - لتنال الشهرة والمجد في الفن.


و لعلها ظاهرة، فما أن يصعد المطرب على أكتاف العراقيين يلهو بمأساتهم حتى يترفع، ويتجبر، فلا يزور العراق حتى يقبض الثمن، ولا يغني له حتى يحسب حساب الربح والخسارة.

والى زمن قريب، ركب فنانون عراقيون موجة معاداة النظام الجديد في العراق،
فزعمائه عملاء احتلال، وزمنه زمن باطل، حتى إذا استقر الأمن، ولمع بريق ذهب التكريم، ودب اليأس من رجوع عقرب الساعة، عادوا على أعقابهم.
ولا يمكن الطعن في ميول هؤلاء بل لا يمكن القول انهم من ربيب نظام سابق، فذلك مخالف لمبدأ هذا المقال، لكن ما يحزن أنهم لم يقتربوا من النزف العراقي الا بقدر المصلحة.
وعودة إلى شذى حسون، فمقارنة موهبتها مع مطربة هي quot;داليquot; العراقية القلب والقالب والمشبعة باللون العراقي، والصوت العراقي والدلع العراقي،، فان دالي لم تنل شهرة شذى ولم تنسجم لها الفضائيات العربية قدر انسجامها مع شذى حسون العراقية ب quot;الاسم لا بالصفاتquot;.

ولست أفلسف الأمر إذا ما قلت أن في الأمر مكيدة بقصد أو من دونه، فكل ما يمت الى العراق الجديد بصلة يلفظ خارج الدائرة لان العراق إلى الان -عربيا - خارج عن النسق، غير طائر مع السرب.

فنانو الداخل العراقيون مازالوا في القبو المحلي انتحلت اسمائهم، وسرقت فرصهم من قبل انتهازيين اتخذوا من العراق جواز سفر لشهرة وثراء، في وقت تسود فيه
تعابير مُهَذَّبَةٌ مُجَامِلَة وألقاب منحها الفنان لنفسه أو روَّجَ لها، من مثل quot;ملك الطربquot; وقيصر الاغنية ووو

مازلنا نردد... وراء الأكمة العراقية ما وراءها، مزيفون في quot;العلاليquot; وأصليون
و أصيلون في الحضيض، وفي هذا أيّما ظلم.