في ظل الاوهام الاعلامية العربية والحملات المدسوسة وفي ظل بعض المواقف العربية الرسمية الغريبة والمتناقضة، يبدو ان كتابة مثل هكذا مقالات وبعناوين مباشرة وصريحة يتحول الى ضرورة لابد منها، فعلى الرغم من حسم موضوع تكليف السيد المالكي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة ولدورة انتخابية وتشريعية ثانية على التوالي، فان بعض الاعلام العربي مازال يعيش حالة السراب او مايشابه حالة quot; الحمل الوهمي quot; حينما يبقى متمسكا بافكاره ومفرادته التي اصبحت في خانة الماضي القريب والبعيد على حد سواء، ليعكس بتخبطه هذا موقف غالبية الحكومات العربية من الوضع العراقي الدستوري والديمقراطي الجديد منذ نيسان 2003 وحتى يومنا هذا بصورة عامة وموقف المفارقة العربية من موضوع التكليف الرسمي للسيد المالكي بصورة خاصة.
فيدخل هذا الاعلام المسكين مشاهديه ومتابعيه من الجمهور العربي المغلوب على امره في دوامة عراقية ليس لها اول او اخر وبدون اي سبب منطقي او حتى عقلاني سوى الاندفاع الطائفي المقيت الذي يحاول عبثا اعادة عقارب الساعة الى الوراء. لذلك مثلا هذا الاعلام وفي كل انواعه يبث البرامج وينشر المقالات التي تبشر بعجز المالكي عن اعلان تشكيل حكومته المرتقبة في المدة الدستورة المقررة!! والبعض يذهب ابعد من ذلك بقليل حينما يأمل ان يفشل المالكي بقيادة دفة الامور حتى او تمكن من تشكيل حكومته وان يكون التغير المرتقب او الاقصاء او العزل المأمول لرئيس حكومة العراق المنتخب خلال عام او عامين من الان وحتى قبل انتهاء دورته الدستورية البالغة اربعة سنوات!
والسؤال الذي يطرح نفسه وبشكل جوهري هل ان العرب حلوا جميع مشاكلهم المستعصية في فلسطين مثلا و المغرب والصحراء وفي الجولان وفي لبنان مشكلة اقباط مصر اضافة للمشاكل الخطيرة المستحدثة في تقسيم السودان واليمن والصومال وايضا مشاكلهم المزمنة والتاريخية في غياب الدستور والقانون والديمقراطية التي تضمن تداول سلمي ودستوري للسلطة في البلدان العربية ؟ هل حل العرب كل هذه المشاكل فتفرغوا للعراق بماكناتهم الاعلامية الباذخة و الفاشلة لتسلط على رئيس الحكومة العراقية المنتخب السيد نوري المالكي! ليصل الامر باحدى الصحف العربية اللندنية على سبيل المثال ان تنشر مقالة خلال هذا الاسبوع quot; تشبه حكم المالكي بحكم صدام!!!quot; انها نوع من الاحجية او النكته العربية الاعلامية المسخة، فماالذي يجمع بين الاثنين سوى الحقد الطائفي لهذا الاعلام!! فاالمالكي ابن حزب عراقي أصيل ونتاج مؤسسة دستورية وقانونية ومنتخب من الجمهور وذاك الاخر هو ابن مؤسسة طائفية وحكم أقلية واقصاء واجرام وتفرد ورمز ديكتاتوري مقيت.
وكنت قد كتبت مقالة سابقة هنا قبل حوالي ثمانية اشهر وبعد الانتخابات العراقية تحت عنوان quot; ايها العرب المالكي قادم quot; وقد استخف البعض بعنوان المقالة وبجوهرها عندما اكدت على الدول العربية ان تجهز نفسها للتعامل مع بقاء المالكي في منصبه لدورة دستورية جديدة، وكان الجميع يراهن على جسر عربي متمثل بقائمة معينة تم مده في العراق لاعادة عقارب الساعة الى الوراء. وجرى ماجرى خلال ثمانية اشهر وأثبتت الاحداث والنتائج صحة توقعاتي المبنية على قراءات واقعية وقريبة من الحدث وليس مجرد قراءة او راي سطحي او امنيات فارغة، فمسؤولية المالكي كانت خلال الاشهر السابقة تتلخص quot; بالعمل بامانة للحفاظ على مكتسب تاريخي ودستوري وقانوني quot; طال انتظاره لعقود و قرون طويلة في العراق والرجل اثبت انه جدير بهذه المسؤولية وهذه الامانة.
لقد وصلت دناءة الخطط والمؤامرات فتجاوزت حدود تشكيل الحكومة الجديدة الى حدود تنم عن حقد متعدد الجوانب حينما حاول البعض خلال اليومين الماضيين ان يجعل من مشاركة المنتخب العراقي الوطني في بطولة الخليج العربي مادة دسمة للمساومة والابتزاز السياسي وقد جرت محاولات ومازال بعضها في مرحلة التخطيط والتحضير لانطلاق حملة اعلامية سلبية بهذا الاتجاه وبتسخير سياسي مقصود ومدفوع الثمن، ولكن السيد نوري المالكي بمبادرته والاتصال المباشر بالمنتخب الوطني في اليمن واعلان دعمه الشخصي والرسمي التام للمنتخب الوطني فقد سحب البساط من تحت اقدام هولاء وداعيمهم. مثلما سيتم سحب البساط من تحت الذين يرسمون الخطط لوضع العصا في دولاب تشكيل الحكومة الجديدة.
على الحكومات العربية ان تكون اكثر واقعية وان تتعامل مع الوضع العراقي على الارض وليس الوضع العراقي الذي يسير في اوهام ومخيلة البعض او الذي يروج له غالبية الاعلام العربي المتخبط، فلقد قال الشعب العراقي كلمته الفصل وليس مضطرا هذا الشعب ان ياخذ رغبات وطلبات العرب باختيارته الدستورية والديمقراطية.
والسيد المالكي هو رئيس الحكومة العراقية الوطنية المنتخبة، وسيكون في هذا المنصب المهم لدورة تشريعة كاملة خلال الاربع سنوات القادمة، والكرة في ملعب الحكومات العربية مثلما كانت دائما وعليهم اجادت اللعب ونقل الكرة بما يخدم المصالح المشتركة مع العراق اما غير ذلك فهو عبث اضافي واستمرار لهدر الوقت والفرص.
md-alwadihotmail.com
- آخر تحديث :
التعليقات