المشكلة الحقيقية التي تعانيها القوى السياسية العراقية هو تصورها الطفولي و الساذج من أن اللعبة السياسية في العراق هي أمر بيد العراقيين وحدهم فقط لا غير!!؟ و تلك و أيم الله إشكالية كبرى وهي حالة تشبه الشخص الذي يكذب ثم يطالب نفسه بأن يصدق كذبته!!
قد تكون الأحزاب العراقية على حق كامل في تصورها الإستقلالي لو أنها وحدها فقط و من خلال التعاون مع الجيش إستطاعت إسقاط النظام العراقي البعثي الصدامي السابق.
فهي وهذه للحقيقة و التاريخ لم تبذل أي مجهود حقيقي و مركزي و فاعل في إسقاط النظام الذي كان ممسكا بتلابيب السلطة بأسنان من حديد و أياد من فولاذ و لم تستطع جميع قوى المعارضة العراقية الخارجية و الداخلية من تحريك شعرة واحدة في جسم النظام الذي كان؟ حتى تغيرت المعادلات الدولية و شاء أرباب النظام الدولي الجديد و ( معازيب ) النظام السابق الغربيين التخلص منه و إعتباره نسيا منسيا و أعدوا الساحة و الميدان و جيشوا الجيوش ووفروا كل مستلزمات التدخل العسكري الدولي و الفريد من نوعه في تاريخ السياسة الدولية المعاصرة للقيام بحملتهم الكبرى و تنفيذ خطة ( تحرير العراق ) التي كانت موضوعة على الرف منذ عام 1998 قبل أن يعجل ( بن لادن ) و خيوله بتقريب المصير و تحديد ساعة الصفر لكل من الرفاق ( الطالبان ) في أفغانستان الذين أسستهم المخابرات الباكستانية!! والرفاق البعثيين في العراق الذين وصلوا للسلطة عام 1968 بموجب تفاهمات بريطانية / أمريكية باتت معروفة ملفاتها للجميع، وحين جاء ربيع عام 2003 كان المسرح الإقليمي و الدولي مهيء بشكل كامل لأكبر عملية تدخل عسكري و إسقاط نظام سياسي في العالم العربي و هو ما تحقق بعد ثلاثة أسابيع من الحرب الشاملة ودخول القوات الأمريكية للعمق العراقي و لتدخل دبابات المارينز بغداد في التاسع من نيسان/ إبريل عام 2003 ليبدأ التاريخ العراقي في مطلع القرن الحادي و العشرين بداية تراجيدية و مختلفة بالمرة، وطبعا لم تأت الولايات المتحدة لسواد عيون العراقيين فقط أو لفرض الديمقراطية فهي في النهاية ليست مؤسسة خيرية، بل جاءت لتحقيق أهداف و مصالح كونية تراها تتناسب و مصلحة الشعب العراقي و لم تكن تبالي بالعديد من المعوقات و المشاكل التي كانت مخفية أو محاطة بالغموض قبل أن يفرز الواقع العراقي المريض أوضاع عجائبية و غريبة، و التدخل الأمريكي يعني أساسا رعاية أمريكية طويلة لذلك البلد الذي فشل شعبه في قيادة نفسه بشكل صحيح خصوصا بعد أن هيمنت التيارات السياسية المدعومة من النظام الإيراني أو العاملة لخدمة مشروعه السياسي و الفكري و الطائفي على الأوضاع العامة، لذلك فإن إحتجاج علي فيصل اللامي على تدخل السفارة و الحكومة الأمريكية في تجميد عملية إجتثاث المئات من المرشحين للإنتخابات المتهمين بترويج الفكر البعثي هو أمر مثير للسخرية و التندر؟
فالعراق ليس بلدا مستقلا بشكل ناجز فما زال هناك أكثر من 120 ألف جندي أمريكي يعملون في العراق و يساعدون في حفظ الأمن و متابعة الملفات السرية و ما زالت الحكومة العراقية عاجزة عن العمل تماما في حال رفع الولايات المتحدة غطاء الحماية عنها!، و ما زال اللاعب السياسي و الأمني و العسكري الأمريكي هو الكل في الكل في تقرير شكل المستقبل العراقي، قد يكون لجماعات المجلس الأعلى أو غيره أمل في النظام الإيراني لملأ الفراغ الناجم عن الإنسحاب ألأمريكي؟ لكن ذلك لن يحصل، لأن الأميركان بالمرصاد لكل التطورات و مخطأ كل الخطأ من يتصور أن الولايات المتحدة مستعدة للتغاضي عن تسيير اللعبة السياسية في العراق؟ كل شيء تحت المراقبة و ( أندر كونترول ) فلا علي اللامي و لا أحمد الجلبي و لا هادي العامري و لا نوري المالكي يستطيعون الطيرن بعيدا عن الحضن الأمريكي، كل ما حصل من تجاذبات حادة مؤخرا على خلفية النزاع حول ملف الإجتثاث هو مجرد زوبعة في فنجان!! لقد قلناها و نقولها وهي بديهية معروفة بأن الولايات المتحدة من خلال سفارتها في بغداد هي المتحكم الأول في تدبير الأمور المصيرية و الملفات الحساسة في العراق، فالحكومة العراقية تملك حقوق حرية ( اللطم الشامل ) و ما شابهه من طقوس أخرى!! أما المصالح الستراتيجية فلا تنتظر الولايات المتحدة رأي أهل الشهادات المزورة و الصفقات الفاسدة!! و الوجوه البائسة!!.. أميركا ستظل الخصم و الحكم و ستبقى في الواجهة الفعلية حتى تتعدل الموازين!
و لا أحد من زعماء ألأحزاب أو الميليشيات العراقية يمكنه فرض رأيه على السفارة ألأمريكية في بغداد؟ ومن لا يصدق فليجرب و ( يورينا شطارته )!! ساعتها سنصفق له بكل حرارة!!.. كفى نفاقا.. فقد مل منكم النفاق؟.. أما عنتريات أهل العنتريات فهي من مهازل الوضع العراقي... ودمتم.
التعليقات