رغم أني ضد كافة أشكال الطائفية.. إلا أن الحقيقة الثابتة التي يجب الأعتراف بها بعيدا عن النظرة المثالية هي أننا لانستطيع تجاوز هذا الواقع الطائفي الذي سيظل باقيا ومتجذراً في جميع الأديان وليس في الاسلام فقط، فالطائفية هي تعبير حقيقي عن أختلاف الناس في درجات وعيهم ورؤيتهم للدين وتفسيراتهم وتأويلاتهم وصراعاتهم السياسية والأجتماعية، وعملية النقد والمحاسبة التي يقوم بها أبناء الطائفة السنية في لبنان لمرجعيتهم الدينية.. عملية ضرورية جدا على مسار الأصلاح والتصدي لتأليه رجال الدين وتقديسهم ومن ثم عبادتهم وجعلهم فوق النقد واستبعاد وقوعهم في الخطأ وكأنهم ملائكة، وهذا الأجراء الهام يجعلنا نتساءل بمرارة: من سيحاسب مراجع الشيعة على قراراتهم وفتاواهم وفسادهم المالي؟

فالمرجع لدى الشيعة يتمتع بصلاحيات أكبر بكثير حتى من صلاحيات الأنبياء، وصورته في أذهان الناس أهم حتى من صورة الله تعالى، وهو وفق نصوص دينية مزورة وخطيرة يعتبر نفسه مكلفا بشكل رسمي من الله للقيام بمهمة الحاكم المطلق على الأرض له حق اشعال الحروب تحت حجة أعلان الجهاد، وكذلك لديه صلاحيات تطليق الأزواج رغما عن أرادتهما، واصدار أحكام القتل الفردي والجماعي... فشخصية أسطورية مرعبة بهذا الحجم من سيجرؤ على الأقتراب منه ومحاسبته؟

وبدعة وظيفة المرجع يرجع أصلها الى الثقافة الفارسية التي تعلي من شأن عبادات الشخصيات بصورة عامة، وقد انتقلت هذه الثقافة الى التشيع على يد الفرس بعد ان هيمنوا عليه، وجعلوا الشيعة العرب مجرد خدم وعبيد يدفعون الأموال لهم بأسم الحقوق الشرعية، ففي الثقافة الفارسية نجد لقب: الشاه انشاه المعظم، وهو يعني ملوك الملوك الأكبر على وجه الأرض، وقد أنتقل هذا المفهوم في عبادة الشخصيات الى التشيع واصبح لقب المرجع: آية الله العظمى، ووحيد عصره وفريده دهره، والجهبذ الهمام، وجامع علوم الأولين الأخرين... الى اخر القائمة الطويلة من الألقاب التبجيلية والتعظيمية التي تنفخ في صورة المرجع لدرجة تفوق حتى ألقاب الأنبياء!

الخطير في الأمر هو ان غالبية الشيعة بسبب هذه المفاهيم الفارسية في عبادة شخصية المرجع، غابت عنهم صورة الله تعالى، فأكثرية الشيعة، تهتم بأقوال المرجع ورسالته العملية.. أكثر من أهتمامها بالله والقرآن، حيث نجد ان صورة المرجع قد طغت على كل شيء ونسى الشيعي وجود الله، ودخل في دائرة الشرك دون ان يعلم بسبب سذاجته وجهله، وخبث اللوبي الإيراني الذي سيطر على التشيع منذ مئات السنين!

والمرجع الشيعي تجاسر حتى على الله عز وجل وجعل من نفسه الصراط المستقيم المؤدي الى رضا الله ودخول الجنة.. فكما هو معروف ان شرط العبادات هو توفر النية العفوية والتوجه الى الله بقلب سليم، والمرجع يعمل على إجبار الناس على تقليد طريقته في العبادة وتبني أفكاره، بل انه يعطي الحق لنفسه بأن يكون أشبه بالصراط المستقيم حينما يكتب على أول صفحة من رسالته العملية التي تتضمن أحكامه الفقهية وفتاواه هذه الجملة: (( العمل بهذه الرسالة مبريء للذمة )) ومعنى هذا الكلام الشنيع هو ان كل شخص لايطيع ويقلد المرجع سيكون على ضلال وسيدخل نار جهنم.

وتهم الفساد المالي التي يتحدث عنها الشيعة بهمس خفيف وخجول... رافقت مسيرة المرجعية منذ بدايتها وهي تهم حقيقية تطال المراجع وأبناءهم والحاشية والوكلاء، فالأموال التي تتدفق على المرجعية بأسم الخمس والزكاة تقدر سنويا بملايين الدولارات، وجميع الشيعة في العالم لايعرفون شيئا عن كيفية صرف هذه الملايين وأين تذهب ومدى النزاهة في صرفها، ومن يراقب الأوضاع المعيشية لأبناء المراجع ووكلائهم سيشعر بالصدمة من حالة الترف والتبذير والبذخ التي تبدأ من تعدد الزوجات والسفر الدائم والبيوت الفخمة ولاتنتهي عند حد معين، وطبعا كل هذا يجري بأموال الخمس والزكاة التي تسرق!

فمن سيجرؤ على محاسبة المرجع اذا كان يقول عن نفسه ان من ينقد ويرد على المرجع كأنما يرد على الأئمة ومن يرد على الأئمة كأنما يرد على الرسول محمد ومن يرد على الرسول كأنما يرد على الله، لاحظ كيف ربط المرجع نفسه بسلسلة مقدسة هدفها تعظيم نفسه وأضفاء القدسية عليها، وقمع أية محاولة لنقده او محاسبته فمن يفكر في هذا مسبقا محكوم عليه بالكفر واغضاب الله!!


[email protected]