فتح صفحة جديدة من العلاقات بين العرب و النظام الايراني، يتطلب توضيح الموقف الايراني من العديد من الملفات العربية المتباينة، هذه الملفات التي لکل واحدة منها أهميتها و حساسيتها و مکانتها الخاصة، لکنها جميعا و بسياق متصل، تحدد واقع و حقيقة العقب و العراقيل و العقد التي إکتنفت و لازالت تکتنف هذه العلاقات.
ومن الممکن إعتبار موقف النظام الايراني من الملف البحريني، واحدة من تلك الملفات الشائکة و التي مازال الغموض و اللف و الدوران يحيطان بحقيقة و واقع هذا الموقف، ولاسيما وان للقضية جذور و رواسب عميقة تمتد الى عهد نظام الشاه يوم کانت مختلف الاوساط السياسية و الاعلامية و الثقافية تؤکد على مسألة عائدية مملکة البحرين لإيران و تسعى بمختلف الطرق الى تقديم أدلة و مستمسکات عديدة محبوکة بصورة دقيقة جدا ترکز على کون البحرين أرضا إيرانية!


وعلى الرغم من دهشة مختلف الاوساط السياسية و الاعلامية المقربة من النظام الايراني او تلك التي کانت قد تفائلت بمواقف إيرانية إيجابية بعد سقوط الشاه، من استمرار المواقف السلبية من قضايا عربية متعددة، لکنها کانت تتوقع(على سبيل أضعف الايمان)، أن يکون الموقف الايراني مختلف تمام الاختلاف حيال البحرين، لکن مرور الايام و تعاقبها و تداخل الاحداث، أفرزت مجددا ذات الموقف السلبي الذي کان سائدا أيام الشاه حيث کررت بعض من الوجوه الايرانية التي تحتل مراکز مرموقة في هرم نظام ولاية الفقيه، نفس تلك المزاعم المشبوهة التي تدعي زيفا و دجلا و کذبا بأن البحرين تابعة لإيران، ولئن تصورت بعض من الاوساط العربية بأن هذه المزاعم هو مجرد کلام من أجل الاستهلاك المحلي، فإن الواقع و لسان حال تصرفات نظام ولاية الفقيه على الارض کان أيضا مشابها و مکملا لهذه المزاعم و التخرصات المشبوهة، ومن هنا، کانت المساعي الحثيثة للأجهزة الامنية الخاصة للنظام، تسير بإتجاه تلغيم الارض البحرينية بخلايا سرطانية تابعة لها والتي کانت أهمها و أخطرها تلك الخلايا المتخفية تحت ستار(حزب الله البحريني)، ناهيك عن خلايا أخرى إتخذت أشکالا و محتويات ثقافية و فکرية و اقتصادية مختلفة، والحق ان هذا النشاط المشبوه و المرفوض و غير المقبول من مختلف الوجوه، کان يستهدف إحکام التأثير السياسي و الفکري و الامني لنظام ولاية الفقيه على شرائح محددة من الشعب البحريني لدفعه بالتشکيك بنظامه السياسي بداية ومن ثم السعي للوقوف ضده و مواجهته من أجل إحلال نظام سياسي مشابه لذلك الذي يرزخ تحت جوره الشعب الايراني.


ان التدخلات الايرانية المشبوهة في البحرين و بوتائر و سياقات متباينة، قد حملت في مضمونها رسالة مفهومة جدا ليس للبحرين و نظامها السياسي الشرعي فحسب وانما لجميع الدول العربية و للنظام العربي الرسمي بشکل خاص، وان إدعاء النظام عبر تصريحات شفوية و اعلامية معدة لأغراض تمويهية بحسن نواياه حيال البحرين، لايتفق إطلاقا مع هکذا تدخلات و تصرفات غير مقبولة على الارض، ومن حق السلطات البحرينية ان تشکك و تنظر ريبة الى العديد من النشاطات التجارية و الثقافية الايرانية و تتحسب منها بل وحتى تتحوط منها أمنيا من أجل إتقاء شرها المحتمل.

اننا کمرجعية سياسية للشيعة العرب، نؤکد بأن الطريق الافضل و الاقوم لمعالجة موقف النظام الايراني من البحرين يکمن اساسا في رضوخ هذا النظام لمنطق الحق و الصواب و الاذعان له من خلال إقراره و إعترافه الرسمي بعروبة الارض البحرينية و زيف و کذب تلك المزاعم الباطلة التي تسعى لجعلها تابعة لإيران، وبغير ذلك، فإننا کعرب من حقنا النظر بريبة و توجس لموقف النظام الايراني و التشکيك به، وهنا نجد من واجبنا الشرعي و القومي حث أخوتنا من شيعة البحرين الى أخذ الحيطة و الحذر من تلك الموجات الثقافية و الفکرية القادمة من نظام ولاية الفقيه و عدم إعارتها أي اهتمام بل و حتى إعتبارها عدائية و مناقضة لکل ماهو وطني و قومي و اسلامي، سيما وان سموم المواد المخدرة و کذلك الاسلحة المسربة عبر منافذ مختلفة للبحرين من أجل الاضرار و الاخلال بأمنها القومي و الاجتماعي في سبيل تحقيق أهداف مشبوهة و معادية لمصالح و تطلعات الشعب البحريني و الامة العربية، واننا في الوقت الذي ندعو فيه الى وقف هذه الممارسات العدوانية و وضع حد نهائي لها، فإننا في نفس الوقت نحذر هذا النظام من مغبة الاستمرار بهذه الاساليب المرفوضة على مختلف الاصعدة ومن النتائج السلبية التي ستترتب عليها.

*المرجع السياسي للشيعة العرب.