يقول المصريون quot; الوطن غاليquot; وهي عبارة جميلة تعكس مدى حبهم لوطنهم، تزيد quot;غلاوةquot; الوطن لديهم كلما بعدوا عنه. وتعتبر خيانة الوطن أكبر عار يلاحق الفرد وأسرته، ومنذ قيام الصراع العربي الإسرائيلي وحتى وقتنا هذا كشفت أجهزة المخابرات المصرية مئات المصريين المتورطين في أعمال تجسس لصالح إسرائيل، ونشعر بالفخر أننا كأقباط لم يكن من بين هؤلاء قبطي واحد علي مدي الستة عقود وهي عمر الصراع العربي الإسرائيلي.

أثار خطاب أرسله المحامي القبطي موريس صادق إلي الرئيس الإسرائيلي الكثير من الجدل، في الحقيقة هو ليس الأول الذي يرسله الرجل لقيادي إسرائيلي فقد أرسل من قبل خطابات كثيرة. وكعادة الإعلام المصري المتربص بأقباط المهجر أتخذ الخطاب كذريعة لشن الهجوم علي فئة من أفضل أبناء مصر وأكثرهم إخلاصا لها وهم أقباط المهجر، في الوقت الذي سارع فيه نشطاء الأقباط في المهجر بالهجوم علي صادق quot; واصفين إياهquot; بالمراهقة السياسية تارة وتارة بأنه يعطي الفرصة للإعلام المصري المتربص بهم لشن هجوما عليهم، بينما تعاطف مع quot;صادقquot; ولأول مرة عدد قليل من أقباط المهجر!!!

هنا أريد أن أسجل أنني لن اكتب لكي امدح الرجل أو أذمه ولكني أريد قراءة الفعل قراءة مختلفة عن كل الذين قاموا بقراءة الخطاب وبأسلوب هادي وبعيدا عن التشنج والتخوين والمدح لغرض المدح أو الذم لغرض الذم، تعالوا لنبحث ما الذي دفع الرجل لكتابة خطابات كهذه الخطابات قبل أن نقوم بالحكم عليه.

أولا خطاب الرجل هو تهنئة منه بعيد قيام دولة إسرائيل، والغريب أن السياسيين المصريين يشاركون في الاحتفالات الإسرائيلية بعيد تأسيسها كل عام، ويحضرون الاحتفال الذي تقيمه سفارتهم في القاهرة، كما يشارك رجال السفارة المصرية في الاحتفالات التي تقام في تل أبيب، كما تشارك السفارات المصرية في احتفالات السفارات الإسرائيلية في مختلف دول العالم بهذه المناسبة السنوية، فلماذا لا يهاجم الإعلام المصري هؤلاء المشاركين في هذه الاحتفالات كما هاجموا موريس صادق؟؟؟

ثانيا: كل الأقباط متمسكين بحل قضيتهم علي أرضية مصرية وطنية ويطالبون الحكومات المصرية بالحل لقضيتهم، ويحاولون الضغط علي الرأي العام المصري والعالمي من أجل حل قضيتهم ولا يجيدون استجابة من الحكومة المصرية بل أن الاضطهاد يتزايد ضدهم بصورة مستمرة ومتزايدة.

ثالثا: أيدت الكنيسة المصرية حق الشعب الفلسطيني بل ومنعت الأقباط من زيارة القدس وتصدت الكنيسة لمحاولات يهودية لكسب تعاطف مجلس الكنائس العالمي أكثر من مرة، فماذا جنت الكنيسة؟؟ غير أن حماس تورطت في عمليات إجرامية ضد الأقباط كحادث جواهرجي الزيتون، وكانت تخطط للمزيد!!!.

رابعا: يعاني الأقباط من تجاهل الحكومة المصرية وتعاون الحكومات العربية علي مساعدة مصر في التنكيل بأقباطها وأخرها مساندة جميع الدول العربية لمصر في الأمم المتحدة عند مناقشة أحوال حقوق الإنسان في مصر والتي مثل فيها مصر مفيد شهاب الدين، ألا يزيد هذه المساندة من غضب الأقباط وسخطهم علي العرب وأنظمتهم؟؟.

بعد كل هذه الدوافع هل من حقنا أن نوجه سهامنا إلى الرجل؟؟؟ ولو وجهت السهام له، فهل توجه له وحده أم يجب من توجيه السهام أيضا للحكومة المصرية وللأغلبية المصرية الذين تعاونوا ويتعاونوا علي ذل الأقباط واضطهادهم؟؟، وإذا كنا نحن أبناء الجيل الحالي مازال لدينا أمل في حل قضيتنا علي أرضية وطنية بشكل يحافظ علي وحدة تراب الوطن، ونرفض التعاون مع إسرائيل لأننا عشنا زمن الحروب المصرية الإسرائيلية ورسخت هذه الحقبة في كياننا ووجدانا، فمن أدراك لربما تأتي أجيال أخري تختلف في تفكيرها واتجاهاتها عنا نحن وتتعاون مع إسرائيل علنا لتحقق أهدافها كما حدث في التجربة الكردية شمال العراق، أليس من الأفضل وبدلا من مهاجمة الرجل نبحث في الأسباب التي دعته لفعل ذلك ونعالجها، وخصوصا أن كل ما يطالب به الأقباط هو العدل والمساواة وليس أكثر!!!!. فهل نتحرك قبل ان يسيطر اليأس على الأقباط؟؟

فاليأس قد يدمر صاحبة ومن حولة.