إعادة التصنيع أو البنيوية المقلوبة (Reconstruction) هي أم جراحة الأوعية الدموية؛ وهي ماتفوقت به على بقية الجراحات، في استبدال نظام بنظام، واستبدال شريان تالف بجديد، ولأن حياة الإنسان من حيوية شرايينه، كذلك حيوية الثقافة من تدفق الدم في مفاصل البنية، والثقافة العربية اليوم بحاجة حيوية لإصلاح وإعادة تصنيع شرايين الثقافة بجديد من الإفكار؛ فهذا هو المدخل لإعادة تصنيع الثقافة العربية:
في عام 54 م تم اغتيال الإمبراطور الروماني (كلاوديوس) على يد زوجته الرابعة (أجربينا) التي نصبت ابنها (لوسيوس دميتيوس اينوباربوس) الذي اشتهر باسم (نيرون) أبو الحرائق والنيران، الذي قتل أمه بعد خمس سنوات من توليه السلطة، كما دفع مربيه الفيلسوف (سينكا) إلى الانتحار، وفي 18 يوليو من عام 64 للميلاد شب حريق هائل في روما أتى على معظمها، واتهم (نيرون) المسيحيين أنهم خلف الحادث؛ فصلب حواري المسيح وشن حربا لا هوادة فيها على المسيحيين فألقوا بالألوف إلى الأسود الجائعة أو المحارق وتمتع بمناظر موتهم الجمهور الروماني المخدر.
واتهم المسيحيون بدورهم اليهود أنهم صلبوا المسيح. وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ورفعه الله إليه.
وعندما كانت تنتشر الطواعين في أوربا كان اليهود يتهمون بتسميم الآبار فيقتلون.
وفي عام 1933 م اتهم هتلر الشيوعيين بحرق الرايخستاج الألماني (البرلمان) فصب عليهم العذاب صبا، وصفى قياداتهم جسديا، وجعلهم عبرة لمن يعتبر.
ونفى الشيوعيون يومها التهمة عن أنفسهم، كما فعل المسيحيون من قبل مع حريق روما، واليهود مع انتشار الطاعون.
ولا يستبعد المؤرخون أن يكون نيرون خلف حريق روما والتضحية بالمسيحيين كبش فداء، كما لا يستبعد أن يكون هتلر هو من صمم لحريق الرايخستاج لتصفية خصومه الشيوعيين من الساحة السياسية.
وفي عام 1954م جرت محاولة اغتيال لجمال عبد الناصر في ساحة المنشية بالسكندرية وهو يزعق في الجماهير المغفلة، اتهم فيها الإخوان المسلمين أنهم ارتكبوها؛ فألقي القبض على الآلاف، وشنق منهم ستة كان من أبرزهم (عبد القادر عودة) صاحب كتاب (التشريع الجنائي في الإسلام) الذي استقبل حبل المشنقة وهو يقول: quot;اللهم اغفر لي ولجميع الذين أساءوا إليquot;. وكان أفضل ماقال.
ونفى الإخوان التهمة عن أنفسهم وما يزالون قائلين: إن هذا لأمر يراد، وأنها مسرحية من تدبير عبد الناصر لتصفية حركة الإخوان المسلمين التي كانت تنافسه على السلطة.
وتكررت نفس المسرحية حينما اتهم عبد الناصر (سيد قطب) بإعادة إحياء تنظيم الإخوان المسلمين على نحو سري عسكري لقلب نظام الحكم بالقوة المسلحة، يشفع لهذا كتاب (معالم في الطريق) الذي يحرض على تكوين (القاعدة الصلبة الواعية) لمناجزة النظام (ماديا) بالقوة المسلحة. وانتهت بإعدام سيد قطب ويوسف هواش وعبد الفتاح اسماعيل.
وعلى نفس الوتيرة نفى الإخوان المسلمون عن أنفسهم التهمة وقالوا إن هذا إلا اختلاق، وأن عبد الناصر فتح المعركة مع الأخوان من موسكو قلعة الشيوعية، وأنه يريد استئصال الحركة، وأنها حرب ضد الإسلام، ومازال الإخوان ينفون كلا التهمتين عن أنفسهم حتى اليوم ويقولون إن هذا لشيء عجاب ماسمعنا بهذا في الملة الآخرة!
ومن الغريب أننا نسمع نفس مصطلح (القاعدة) عند جماعة بن لادن في أفغانستان، التي تأثرت بتيار الجهاد المصري الذي هو بدوره إفراز ميداني لفكر قطب.
وفي عام 1979م وقع حادث مرعب في مدينة حلب في سوريا حيث قتل مئات الضباط في مدرسة المدفعية اتهم فيها الإخوان المسلمين من جديد أنهم خلف المذبحة، ونفى الإخوان عن أنفسهم ذلك، وأن من قام بالعملية كان محسوبا على النظام.
وترتب على هذا لاحقا إبادة 1100 شخص من الإخوان في سجن تدمر على يد البعث العبثي، وهم محابيس أسرى في سجن تدمر، فحصدوا بالرشاشات والقنابل والطبنجات والخناجر، وسكت التاريخ عن المجزرة كما تحدث مثلها العشرات في المجرة.
وفي 11 سبتمبر من عام 2001 م جرى تفجير البنتاغون ومركز التجارة العالمي ببرجيه فخر إلى الأرض دكاء، وكان وعد ربي حقا، في ثلاث عمليات انتحارية، وتم اتهام تنظيم القاعدة لإسامة بن لادن في أفغانستان أنه وراء تدبير العملية، ورفضت حكومة طالبان الحاكمة في أفغانستان تسليمه، وطالبت بالدليل على ضلوعه في الحادث.
وبرز إلى السطح كدليل مادي بقايا رسائل متبادلة بين المنفذين بخط عربي شكك فيها الصحفي البريطاني (روبرت فيسك) واعتبر أن فيها تعبيرات هي أقرب إلى المفاهيم والمعتقدات (المسيحية).
وتم بعدها قصف أفغانستان في خريف 2001م في حرب لا تبق ولا تذر، مع أن 15 من أصل 19 انتحاري لم يكونوا من أفغانستان ولا تركستان ولا العراق وقرقيزيا وهندستان.
وبعد حوادث الاغتيالات في سوريا في الثمانينات، تم مطاردة تنظيم الإخوان المسلمين بغاية الشراسة، وتحت قانون 49 الساري المفعول حتى كتابة هذه الأسطر، أعدم عشرات الآلاف ممن أعدم، وفر مئات الالاف حذر الموت إلى الهجرة والغربة والتشرد والبرد، مثل قصة سد مأرب ومزقوا كل ممزق، ونام في الحبوس والمعتقلات عشرات الآلاف عشرات السنوات يرزحون في العذاب المهين.
وظن النظام أنه استأصل التنظيم، وخفي عليه أن الفكر التقليدي الإسلامي ينبت عشرات أمثالهم كما ينبت العشب في القفار، أو كما تنتج ملكة النمل 29000 نملة كل 24 ساعة، وفي حياتها 150 مليون نملة؟
فيخرج نسخ جديدة تحت اسم الإخوان المسلمين وغيرهم طالما بقي الجامع والجامعة يكرران إنتاج نفس الثقافة التقليدية، وطالما كان الشباب يرضع من نفس الثدي الثقافي، ولم يتم إعادة بناء الثقافة الإسلامية بما يخولها دخول المعاصرة بدون مخاض مرعب ونزف.
ومن النكات التي سرت في أوقات الاضطرابات أن سلطات الأمن أصدرت أمرا باعتقال (ابن تيمية) لأن الشباب المسلح كان يستند إلى فتاوى من كتب الرجل الذي مات قبل ستة قرون!
ومن المعروف في علم جراحة الأورام أن شق السرطان بالمشرط يزرع خلاياه في أماكن أخرى، ويتحول المريض إلى مزرعة سرطانية لا ينفع معها علاج.
وبعض الحكومات العربية في معاركها مع التنظيمات الإسلامية فعلت ما يفعل الجراح الفاشل فانتقلت العمليات المسلحة من مستوى القاهرة ودمشق وطرابلس وبغداد إلى نيروبي ونيويورك ولندن.
إن ما حصل من مواجهات مسلحة في قطر عربي بين نظام قومي وإسلاميين تكرر بين بوش وبن لادن بحجم كوني، وسوف يتكرر ما لم تعاد صياغة الفكر الإسلامي من جديد للخروج من شرنقة الفقه القديم.
ومنذ أكثر من عشرين عاماً وضعت كتابي (في النقد الذاتي وضرورة النقد الذاتي للحركات الإسلامية) وقمت بتحليل ظاهرة العنف على أمل تركيب (لقاح) ضد وباء العنف ولكن التحليل سقط في مثلث الإهمال؛ بين عدم الانتباه لأهميته، أو أن التحليل مبالغ فيه، أو مقاطعته وإعلان الحرب عليه من قبل تيار الإسلام السياسي، باعتباره كتابا مخربا لعقول الشبيبة وينشر غسيل العمل الإسلامي، أو اعتباره من جماعات الحداثة أنه quot;فكر أصوليquot; ومتى جاء فكر إسلامي بالجديد طالما كانت كل الحداثة عندهم.
ولكن الذي ثبت من أحداث 11 أيلول وذيولها أن تقديري للخطر كان في محله، وأنه كان تحليلا مبكرا واختراقاً لرؤية أحداث المستقبل، وما حدث في نيويورك هو تضخيم للظاهرة ونقلها من مستوى العنف والعنف المضاد في بلد عربي إلى المستوى العالمي في تأكيد لنبوءة صدام الحضارات التي قال بها هنتجتون.
لابد من استخدام (أدوات علمية) لتشريح ظاهرة العنف في مستوى علم النفس وعلم النفس الاجتماعي؛ فعندما يتهم (عبد الناصر) الأخوان المسلمين بتدبير حادثة المنشية لاغتياله في الإسكندرية والأخوان ينفونها عن أنفسهم تطرح نفسها ثلاثة أسئلة، وهي قضية قديمة جديدة، وتكرر نفسها تحت أسماء جديدة.
الأول: لماذا تنجح تهمة في الالتصاق بجماعة دون أخرى؟ فلو اتهم (غاندي) بتدبير حادثة اغتيال الأرشيدوق النمساوي في سراييفو التي قادت لاندلاع الحرب الكونية الأولى لما صدق أحد.
إن التهم لا تنتشر أو تروج في أوساط معقمة، تقتل كل أنواع الجراثيم الفكرية.
الثاني: إن (تطهير) جو الصراع من أهم الأعمال التي تنتظرنا بحيث نبعد عنا الشبهات.
ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
إن الجراثيم لا تنمو بدون وسط ملائم، وعود الثقاب ينطفيء في حوض الماء ولكنه يفجر برميل البارود، ويكاد المريب أن يقول خذوني؛ فهذه ثلاث أمثلة من علم البيولوجيا والكيمياء وعلم النفس.
وفي العلم الجنائي يرجع الشرطة عادة لكشف الجريمة إلى أصحاب السوابق وملفات عتاة المجرمين الذين مردوا على الجريمة. فمن تجرأ على الجريمة كررها ولم يتردد.
والأمر الثالث (ثقافي) فحيث يشحن الشباب صباح مساء بمفاهيم الجهاد ولا يوضح لهم ما هي quot;شروطquot; الجهاد فيجب توقع خروج شباب يشبه (الخوارج) في جمعهم بين التقوى والجهل، والجرأة على سفك الدم الحرام.
إن ظاهرة quot;الخوارجquot; معروفة في التاريخ الإسلامي وهم إفراز معركة صفين حين حسم مصير العالم الإسلامي باتجاه وراثة الملك وتوديع حياة الشورى.
ورأى الخوارج يومها إن إعادة الحياة الراشدية هي بالسيف. وكان حزب الخوارج يضم نموذجا لا ينقصه الإخلاص أو التضحية بقدر حاجته للعلم والفقه.
ولم يعتبر المسلمون أن الخوارج كانوا على صواب، ووصف الإمام علي كرم الله وجهه كلاً من فريق الخوارج والأمويين بجملة مختصرة:
quot;ليس من طلب الحق فاخطأه كمن طلب الباطل فأدركهquot;. الصنف الأول طلاب حق جهلة لم يصلوه. والصنف الثاني انتهازي وصل لما يريد باطلا.
واليوم يعيد الشباب المتحمس إحياء مذهب الخوارج من جديد. فليفرح أبو حمزة الخارجي الأزرق في قبره.
ولا أحد ينتبه إلى أن أبا حمزة الخارجي أصبح بين ظهرانينا. ولا يعني أن الأنظمة التي يصارعها الخوارج هي حكومات راشدية تقيم عدل الفاروق بل هو تكرار للصراع القديم (الأموي ـ الخارجي).
يجب استيعاب قضية جوهرية أن هناك خلل (كروموسومي) في تكوين الحركات الإسلامية المعاصرة، وأنها لم تتوصل إلى بلورة مفهوم الجهاد؛ فاختلط بالعنف وامتزج الإرهاب بالتقوى، وهذه الأزمة قديمة منذ أن أسس حسن البنا رحمه الله حركة quot;الأخوان المسلمينquot; ففي المؤتمر الخامس عام 1935 م أعلن أنه في الوقت الذي يصبح عنده اثني عشر ألفاً فلن يغلب عن قلة، ولسوف يخوض بهم البحار وquot;يغزو بهم كل جبار عنيدquot;.
وهذه الإشكالية كررت نفسها على شكل مكثف أكثر عند سيد قطب في الظروف القاتمة للصراع السياسي في مصر وأجواء الزنازين وحفلات التعذيب والإعدامات.
رأى سيد قطب في كتابه (معالم في الطريق) أن تغيير الأوضاع تتم بحركة مزدوجة من الفكر والقتال المسلح، فالفكر يحاجج الفكر ولكن الواقع المادي للطاغوت يغير بالقوة المادية، ومن هنا فإن الجهاد عنده ليس حركة دفاعية.
وفي أحد تعليقاته يقول quot;لو كان الروم والفرس تركوا العرب ولم يقربوهم هل تركهم أبو بكر الصديق ر ولم يرسل الجيوش لقتالهم؟quot; فالجهاد في نظره هو حركة مسلحة لإزالة الطواغيت من الأرض من أجل quot;التخليةquot; بين العباد والفكر بإسقاط الحواجز المادية؛ فإذا تم إسقاط الأنظمة الطاغوتية وزالت الحواجز المادية أمام ضمير البشر لم يجبروا على دخول الإسلام بل اطلعوا عليه فاعتنقوه؛ فهذا هو سنام الجهاد في نظره وهو باق إلى قيام الساعة.
وقطب يرى أن الانقضاض على الأنظمة الجاهلية تتم حين يكتمل تكوين (القاعدة الصلبة الواعية) كما يسميها اليوم بن لادن والظواهري، وهو شعور خاص عند جماعة منظمة تشعر بنفسها أنها قادرة على الإطاحة بالنظام الجاهلي.
وهذا الفكر يعبر عنه آخرون من مستوى القمة في توجيه الفكر الإسلامي اليوم على نحو ملطف عندما يقولون إذا ضمنا انقلابا أبيضا ـ كما حدث في السودان مع مجيء البشير ـ قمنا به، ولكن المشكلة في الألوان أن المصاب بعمى ألوان يخيل إليه أن الأحمر أبيضا وتكو ن الدماء قد سالت، وهو يظنها مياه طبيعية.
واليوم يدفع الترابي الثمن اعتقالا وحجرا وإقامة جبرية فيكتب في الحريات بعد أن لم يبق حرية.
فهذه هي أزمة الفكر الإسلامي.
وما حدث في مصر وسوريا أو ما حدث في الجزائر وأفغانستان والعراق، أو ما حصل من الأنقضاض على بعض الحكومات بين نجاح وفشل، يصب في نفس تيار التغيير عن طريق القوة المسلحة طريق الخوارج القديم، وطريق البعثيين العبثيين، وليس الطريق النبوي عن طريق المقاومة السلمية، حيث كان الصحابة يقتلون ولا يدافعون عن أنفسهم وكان ص يمر عليهم وهو يقول صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة.
إنه بقدر ما يركز القرآن على تغيير ما بالنفوس بقدر تركيز حركات الإسلام السياسي على الإطاحة بالحكام وهم بهذا لا يختلفون عن الثورة الفرنسية والبلشفية والفاشية والبعثية العبثية، حيث أعدمت الطبقة الأرستقراطية على المقصلة، وتم إبادة عائلة القيصر نيقولا الثاني، وتدمير المجتمع بالطول والعرض على يد الرفاق!
وهو خطأ اجتماعي بقدر الخطأ الفلكي القديم هل الشمس تدور حول الأرض أو العكس؟ وقد يبدو الفارق لا يستحق كل هذا الصراع، ولكن التاريخ ينقل لنا أن أناساً أنهوا حياتهم حرقا من أجل هذه الفكرة.
وفي علم النفس الاجتماعي تترجم إلى هذا السؤال: هل الحكومات كواكب حول شمس الأمة؟ أم أن الأمة قمر في مدار (أرض) الحكومة؟
والجواب على هذا السؤال يعطي نتائج تختلف بين فكر العصور الوسطى ومحاكم التفتيش، أو بالعكس بناء تلسكوب هابل في الفضاء الخارجي وإرسال الباثفايندر إلى المريخ.
وكما يقول الفيلسوف إقبال quot;لحظة أن تغفل يا صاحبي ألف ميل زاد بعد المنزلquot;..
ونعرف في علم الرياضيات إن زاوية الانحراف مهما كانت بسيطة غير منظورة في البدء فهي تنتهي بكارثة.
ومفهوم الجهاد هو من هذا النوع، وما لم يعاد النظر في كل التركيبة الثقافية، لاستحداث فكر إسلامي جديد، وخاصة في مفهوم الجهاد من أجل تركيب لقاحات مستعجلة في أزمنة (الفتن)؛ فإن الكثير من الانفجارات أمامنا.
وكل من يطرق الموضوع ويحاول إعادة النظر في البنى الفكرية لا يتجرأ على التصريح بأفكاره، وإن حاول فعل مثل الفيلسوف (ديكارت) فكان غير مباشر خفيا لا يوقظ نائما ولا يزعج مستيقظا ولا يحرض رجل أمن على كتابة تقرير سري..
أو مثل الفيلسوف (سبينوزا) فيخرج الكلام مبهما مغمغماً غير مفهوم، وإن فعل بعض الشيء حذفته الرقابة فهي تخاف من الإرهاب الديني أكثر من السياسي.
نحن كما نرى أمام إرهاب الفكر من كل لون، واختناق الفكر ينطبق عليه قوانين الفيزياءفما لم توجد صمامات أمان فليس أمامنا سوى الانفجارات.
ينقل لنا محمد خاتمي في كتابه (الدين والفكر في شراك الاستبداد) قصة معبرة أن (يعقوب بن ليث الصفار) خرج على الخليفة العباسي فالتف حوله جماعة من العيارين والحرافيش واستولى على خراسان وطمع أن ينشيء دولة مستقلة فلما وصل إلى نيسابور سمع من يقول:quot;من ليس معه عهد من الخليفة فهو عاصquot; فدعا يعقوب الناس ثم أمر أحد أتباعه فقال له هات عهد الخليفة نقرأه على الناس فغاب الرجل ثم أحضر سيفاً ملفوفاً بخرقة فأشهر يعقوب بن ليث السيف ثم قال:
quot; أمير المؤمنين في بغداد جلس على العرش بهذا السيف، وهل غير هذا السيف أجلسه هناك؟ وهذا السيف نفسه قد أجلسنا هنا.
إذن عهدي وعهد أمير المؤمنين واحدquot;
فصرخ العيارون والحرافيش والزعر بصوت واحد بالدم بالروح نفديك يا أبو الجماجم...
التعليقات