العنوان أخذته من حوار للدكتور اياد علاوي رئيس قائمة العراقية ورئيس الوزارء العراقي الأسبق مع قناة تلفازية حيث قال وباللهجة الحلوة البغدادية: quot;ماكو هو العد و الفرز و كذا والى آخره، هو ترى اللي يزوّر مو مثل حالنا اللي مطارد ومبهدل بالشوارع و كذا... اللي يزّور عنده قوة، احنا ما عدنا كل قوة، الله وكيلك ومحمد كفيلك يعني حالنا حال الشعب العراقيrdquo;.
يرى الجميع في العراق ان هناك مواجهة واضحة بين حكم الملالي في طهران والبديل الوطني العراقي. فبعد ظهور نتائج الانتخابات الاخيرة في العراق والتي اسفرت عن فوز قائمة quot;العراقيةquot; بزعامة علاوي على قائمة رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي فان المنطق الانتخابي يقول ان تقوم القائمة العراقية بتشكيل الحكومة. لكن ما حصل ان هناك التفافات عن طريق تشكيل تحالفات ما بين الكتل السياسية، الهدف منها اقصاء quot;العراقيةquot; وسلب حقها في تشكيل الحكومة. علمًا ان quot;العراقيةquot; دأبت على الدخول في الكثير من الحوارات قبل تصديق الانتخابات مع التيار الصدري تارة ومع التحالف الكردستاني ومع الائتلاف الوطني تارة اخرى، لذلك فإن المصادقة على نتائج الانتخابات جعلت جميع القوى السياسية امام استحقاق زمني مدته 15 يومًا وهذا الاستحقاق لا يمكن تجاوزه والا يعتبر انقلابًا على العملية الديمقراطية.
وبالتأكيد فقد لوحظ ان الحديث الذي يدار خلف الكواليس يصرح بأن نظام الملالي في ايران يرفض اياد علاوي لأن مصالحها القومية في العراق لن تتحقق بذلك. وان دل هذا على شيء فانما يدل على ان هناك قتالا ضروسا وضاريا بين الديمقراطية والاستبداد، أي بين القوى التقدمية العراقية من جهة والنظام الحاكم في إيران وعدد قليل من عملائه في العراق من جانب آخر.
والضحية الرئيسة هو الشعب العراقي طبعا في بلد تشكل البطالة حسب تقرير من الأمم المتحدة ما نسبته 30% من عدد السكان الذين يصل عددهم نحو 28 مليون نسمة بحسب إحصائية لوزاة العمل والشؤون الاجتماعية، ويعيش أكثر من 7 ملايين عراقي اي ما يقارب ربع الشعب العراقي وفق احدث احصائيات الجهاز المركزي للإحصاء وتقارير الأمم المتحدة وفق دخل يومي لا يصل إلى دولارين، رغم زيادة صادرات العراق من النفط إلي 2.5 مليون برميل يومياً.
وتقول وزارة الدفاع الاميركية quot;البنتاغونquot; في تقرير انها ان 8.7 مليار دولار من ميزانية اعادة بناء العراق فقدت ومصير هذا المبلغ الهائل مجهول وغير معلوم أين ذهب وكيف تم صرفه. كما ان هناك غموضا يعتري مصير مستندات ووثائق صرف 53 مليار دولار من الميزانية الأميركية لاعادة بناء العراق.
وتقول لجنة الأوراق المالية والصفقات في الولايات المتحدة وهي لجنة مراقبة أميركية أنه وفي صفقة واحدة مع جنرال أميركي قام الطرف العراقي في الصفقة بسرقة 1.7 مليار دولار.
ووصل الأمر إلى حد ان زعيم المجلس الإسلامى الأعلى عمار الحكيم، طالب الحكومه العراقية بالكشف عن مصير 280 مليار دولار صرفت خلال السنوات الخمس الماضية، واصفا التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومه نوري المالكى بانها quot;فساد كبيرquot;. كما يقول مصدر في الوزارة المالية العراقية بأننا صرفنا 22.77 مليار دولار ميزانية للكهرباء فيما تلقينا مساعدة من الأميركيين بقيمة 5 مليارات دولار، ولكنه وحسب قول المصدر تم صرف 6 مليارات دولار فقط، متسائلا عن مصير الـ22 مليار دولار المتبقية التي ذهبت في مهب الريح!.
وكتبت صحيفة quot;الشرق الأوسطquot; بتاريخ 25 يونيو الماضي quot;ان أعضاء بارزين في حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف دولة القانون اللذين يتزعمهما المالكي اشترطوا عدم تعريض المالكي لأي مساءلة قضائية في حال موافقته على التنحي عن موقعهquot;، وفور نشر الخبر سارع احد انصار المالكي ليقول rdquo;ان كل أعمالنا كانت وفق القانونrdquo;. طبعا نحن شاهدنا في الاعوام الماضيةrdquo; كيف هي الاعمال القانونية في نظر المالكي وانصاره، خاصة في هجوم قواته الدموي في 28 و29 يوليو الماضي على مخيم أشرف الذي يضم عناصر مجاهدي خلق الإيرانية والذي اسفر عن سقوط 11 قتيلا و130 معوقا و370 جريحا و1000 مكدوم ومرضوض، وهذا الهجوم البربري الذي يعد بمثابة جريمة حرب وضد الانسانية ويستوجب المساءلة القانونية هو في نظر المالكي واعوانه جزء quot;الاعمال القانونيةquot; رغم ان العالم كله نظر الى هذه الجريمة البشعة المروعة على انها وصمة عار في جبين الذين ارتكبوها، ولا نريد ان نسهب هنا في الحديث عما اسفرت عنه هذه الجريمة المنظمة والممنهجة وما حدث خلال منه خسائر مالية جسيمة على سكان مخيم اشرف وسرقة اموالهم من قبل قوات تابعة لـquot;دولة القانون.quot;
وفي الوقت الذي تنظر فيه المحكمة العليا الاسبانية الى هذه الجريمة وجريمة الحصار اللاإنساني الجائر منذ عام ونصف على مخيم أشرف، فان عملاء الاستخبارات الإيرانية (الاطلاعات) وبتعاون تام وrdquo;قانوني كاملrdquo; من اللجنة المكلفة بقمع أشرف التابعة لرئاسة الوزراء يتواجدون في مدخل المخيم منذ اكثر من سبعة أشهر تحت حجج وذرائع شتى، حيث يقوم هؤلاء العملاء على مدار الساعة ليلا نهارا بممارسة التعذيب الروحي والمعنوي للسكان المحاصرين والعزل من كل شيء الا ايمانهم بقضيتهم العادلة.
وتعترف وزيرة حقوق الانسان في العراق وجدان ميخائيل بان العراق يحتل المرتبة الثانية في انتهاك حقوق الانسان، ناهيك بالطبع عن ان ايران تحتل المرتبة الاولى بلا منازع في هذا الشأن.
ويشير الدكتور اياد علاوي في حديثه مع صحيفة quot;واشنطن بوستquot; في الاول من أغسطس الحالي على هذه الصورة التي برزت إثر جرائم النظام الإيراني وعملائه في العراق بحق الشعب العراقي مقارنة بما كان في الماضي قائلا: الآن اذا سئل أي عراقي حول الديمقراطية سيقول: اراقة الدماء والركود والبطالة والتشريد والتزوير.
ويتابع علاوي: اذا لم تتفوق الديمقراطية في العراق ويكون لها الكلمة الفصل، واذا بقيت الدولة المستبدة الموجودة حاليا فانه لن يبقى أي أثر من الديمقراطية في العراق.
وكلام علاوي يعكس quot;البديل الديمقراطي في العراقquot; والذي يندرج على جميع شركائه من الوطنيين العراقيين.
فالعراق اليوم امام بديلين وحلين لا ثالث لهما، اما دولة تسودها الحرية والديمقراطية والكرامة واما دولة استبداد وقمع وديكتاتورية يقودها ملالي ايران.
الجنرال بترايوس القائد العام السابق للقوات متعددة الجنسيات في العراق والجنرال اوديرنو القائد الحالي للقوات الأميركية في العراق أكدا مرارا وبمنتهى الصراحة إن هناك يوميا تقارير حول تصنيع وانتاج القنابل الموقوتة لوضعها في الشوارع والطرق للاستفادة منها سياسيا في العراق وفق ستراتيجية مدروسة لملالي طهران واعداء العراق. وهذه هي الحرب الضروس التي تشنها إيران في العراق بلا هوادة عبر وسائل وطرق مختلفة تسعى جاهدة للنجاح فيها وتمرير سياساتها بكل ما اوتيت من قوة وان كان هذا على حساب دماء ابناء الشعب العراقي التي تسفك رخيصة خدمة لاغراضها واهدافها التي لم تعد خافية على احد في بلاد الرافدين.|
واننا نرى انه ورغم الوضع المتأزم جدا داخليا ودوليا للنظام الايراني وبالرغم من ان هذا النظام لن يرفع يده عن العراق، فان هذا النزاع الذي يجري في العراق سيحسم لا محالة لصالح القوى الوطنية العراقية، لذا فان على هذه القوى ان تكون يدا واحدة وان لا تتنازل قيد أنملة عن مصالحها التي تمثل مصالح الشعب العراقي، وعليها ان تبذل قصارى جهدها لايصال البديل الوطني العراقي برئاسة الدكتور اياد علاوي إلى الحكم.
* خبير في الشؤون الإيرانية
[email protected]
التعليقات