لماذا نحن العراقيون لا نسال أنفسنا هذا السؤال: لماذا نقتل بعضنا بعضا؟ ولأي هدف؟ فإذا كان الجواب لأننا مختلفون عرقيا فان معظم الدول تشاطرنا هذا الاختلاف وبعضها يزيدنا بأضعاف ولكن الكثير منها تعيش في أمان وانسجام تامين أما إذا كان ذلك بسبب اختلافنا الديني والطائفي فليس هناك دولة في العالم تخلوا من ذلك بما في ذلك الدول الصغيرة كذلك لماذا لا نسال أنفسنا هذا السؤال: لماذا نخرب بلدنا بأيدينا؟ فان قيل لأننا أقصينا أو همشنا أو فقدنا مكاسبنا فليس في هذا ما يبرر التدمير والتخريب لان الإقصاء والتهميش شيء مؤقت وسينتهي عاجلا أم آجلا وبالتالي لن يخدم هذا التخريب طرف ما بقدر ما يسبب ضررا للجميع بما في ذلك الأجيال القادمة.
أما الذين يعبثون بأموال الناس ويهدرون ويسرقون فهم يتناسون أن ما يفعلونه سيكون وبالا عليهم طال الزمان أم قصر لان سيأتي اليوم الذي سيزول فيه نفوذهم ثم يسالون عما كانوا يفعلون في أثناءه وذاكرة التاريخ مليئة بأمثلة من هذا النوع ولعل تاريخ العراق القريب ابلغ مثال على ذلك فجولة الفساد ساعة وجولة النزاهة باقية إلى قيام الساعة.
كذلك لماذا لا نسال أنفسنا: لماذا يقصي أو يجتث بعضنا بعضا؟ مع أننا قادرون على نعيش معا أليس هذا الإقصاء والاجتثاث هو الذي جر على بلدنا الويلات وهو الذي أوصلنا إلى هذا التباغض والتباعد الم يتم إقصاء الأحزاب في عهد الحزب الواحد؟ فكانت النتيجة مثلما نرى إلا يسعنا أن نستفيد من دروس التاريخ في هذا الخصوص؟ فنأخذ العبر من سياسات الأنظمة السابقة التي لم تتورع عن ممارسة الإقصاء حتى تفوز لوحدها بالمغانم وبما انه لكل فعل رد فعل مساويا له بالمقدار ومعاكسا له بالاتجاه فان من شان المجتثيين والمقصيين البحث عن سبل للانتقام ما يجعل الاضطراب قائما والاستقرار مفقودا.
أن كل الذي فعلناه هو أننا قتلنا بعضنا بعضا وخربنا بيتنا وما بناه آبائنا وأجدادنا بشق الأنفس وأقصينا بعضنا وجعلنا بعضنا عدو بعض وسمحنا لمن يتصيد بالماء العكر لان يدخلنا معمعة الاقتتال والتنازع بدون طائل فما يحصل لنا هو في النهاية من فعل أيدينا ونحن جميعا مسؤولين عنه.
إن فرصتنا الوحيدة هو أن نتخلى عن خلافاتنا وتناقضاتنا التي جلبت لنا الآلام والكوارث والبحث عن سبل للتعايش فهذا وحده هو الذي يمكن أن ينجينا ويخلصنا مما ينتظرنا فيما إذا بقينا على خلافاتنا وتناقضاتنا فهل نستطيع ان نفعل ذلك؟ هذا ما يجدر بنا ان نفعله قبل فوات الأوان.
- آخر تحديث :
التعليقات