لما ينفى المجلس العسكري الحاكم إطلاق النار على متظاهرين أقباط في ماسبيرو ودهسهم بالمدرعات يوم الأحد الدامي 9 أكتوبر في مؤتمر صحفي تابعه العالم أمس، ثم تكذبه تقارير الطب الشرعي الرسمية التي أثبتت أن ثلثي القتلي ماتوا بإطلاق الرصاص والثلث الأخير مات مدهوسا، فضلا عن عشرات أفلام الفيديو والمحطات التليفزيونية العابرة للقارات التي أكدت ذلك، يصبح الخطأ quot; خطيئة quot; وجريمة لا تغتفر لأنها (كذب ظالم) مع سبق الاصرار والترصد ..
لما يقتل خيرة شباب الثورة quot; مينا دانيال quot; أو (جيفارا المصري) - كما أطلق عليه شباب الثورة - بالرصاص الميري في ماسبيرو، بعد أن نجا بأعجوبة من قناصة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي أثناء ثورة 25 يناير 2011 ... يتأكد للقاصي والداني أن نظام مبارك لم ينتهي بعد، بل لايزال يمارس ndash; عبر رجاله وتلاميذه - كل السبل للقضاء علي الثورة أو بالأحري (الثورة المضادة) ..
لما يمارس المجلس العسكري كل فنون الكذب والتضليل في مؤتمره الصحفي ويعلن أنه : لن يكشف عن عدد جنوده الشهداء في مذبحة 9 أكتوبر، ثم تفجر جريدة quot; المصرى اليوم quot; مفاجأة من العيار الثقيل وهي : إن الجندى الذى استشهد فى أحداث ماسبيرو (مسيحى) الديانة كان فى أجازة وجاء ليشارك أقاربه في المظاهرة السلمية بالزى المدنى وأطلق عليه الرصاص زميل له في الخدمة العسكرية ليموت ميتة دراماتيكية ..
لما يتم القبض علي شباب الأقباط المسالمين ويكتشف أن من بينهم quot; مجند شرطة عسكرية quot; بالزي المدني كان مندسا وسط المتظاهرين ليشعل نار الفتنة بإلقاء الحجارة علي الزملاء من كتيبته، ويعترف بذلك وتصور بطاقته العسكرية أمام الجميع في شريط فيديو علي الفيس بوك ... نصبح أمام مؤامرة شيطانية خبيثة تحاك ضد وطن بأكمله وليس ضد الأقباط فقط، يخطط لها ويقوم بها أخطر أعداء مصر وليس جنودها البواسل!
مسؤلية خراب مصر وقتل أبنائها يتحملها المجلس العسكرى وحده لأنة فاشل سياسيا وأقتصاديا وأمنيا يتدخلَ فى غير اختصاصه، يتوهم أمتلاك الفهم الأكمل والحق والصواب في كل شئ، وعلي الآخرين من المدنيين الانصياع والتنفيذ والتصديق؟ ... وهو يظن خطأ أن الانتفاخ بالسلطة والسلطان سوف يحمية يوما من المحاسبة والمسائلة أمام الشعب، متناسيا أنه بهذه السلوكيات والمواقف الشائنة هو جزء لا يتجزأ من النظام البائد ..
أن المسرحية الهزلية التي تحاكم (مبارك وأولاده ورجاله) لم تعد تخيل علي الشعب المصري الطيب، الذي تأكد له أن هذا المجلس يحذو حذو النعل بالنعل خطي القائد، لا يعير أدني اهتمام لمطالب الثورة أو الثوار خاصة الشباب الذين أقصاهم تمام من المعادلة السياسية، ولم يعد علي الساحة إلا العجائز الجالسين علي كراسي السلطة، كل اهتمامهم هو مصالحهم الشخصية وأمتيازاتهم المادية التي تفوق الخيال ..
ماذا فعل المجلس العسكري مدة ثمانية أشهر لوطن يحترق كل لحظة بالفتن الطائفية، تتزايد فيه مشاعر الكراهية والحقد بين المصريين جميعا، غير أنه يصب الزيت علي النار بعدم الحسم وتطبيق القانون الصارم في أهم قضايا الأمن القومي وهي quot; الوحدة الوطنية quot;..
ماذا فعل المجلس العسكري مع الفوضي وغياب الأمن الذي ينهش في أرضه وحدوده وعرضه، ورؤوس الأموال تفر هاربة إلي الخارج لتزداد الخسائر يوما بعد يوم، عشرات أضعاف الأموال المهربة بالمليارات التي يزعُم محاولة أستردادها ..
أقول لك عزيزي القارئ ماذا فعل؟ ... لقد أنجز صفقة تبادل الجندي الإسرائيلي quot; شاليط quot; بألف أسير فلسطيني، في نفس الوقت الذي كان يفتح فيه النار علي المصريين quot; الأقباط quot; في ماسبيرو ويسحقهم تحت عجلات المدرعات، ولم يتوقف لحظة واحدة ليدرك معني إصرار quot; إسرائيل quot; (الجار العدو)، مدة خمس سنوات ورغم تغير رؤساء الحكومات، عدم جرح (ظافر) للمواطن شاليط، وأنها مستعدة لبذل الغالي والنفيس من أجل سلامته والعودة إلي أهله ووطنه، لأنها تدرك قيمة المواطن ومعني الوطن! ..
لم يدرك المجلس العسكري للأسف مغزي quot; اعتذار quot; إسرائيل عن قتل الجنود المصريين قبل شهر، ولو أدرك لأعتذر فورا ndash; دون مكابرة ndash; للشعب المصري كله وليس الأقباط فقط، عما أرتكبه في حق الوطن، لكن يبدو أنه لا يحترم المصريين ولا يتعامل معهم كمواطنين أحرار بالغين سن الرشد، وإنما يسخر من عقولهم ويهين كرامتهم وينتقص من شأنهم تماما كما فعل الرئيس المخلوع quot; مبارك quot; ولايزال يفعل نظامه؟

[email protected]