إذا كان من اسم محلي للثورة الشبابية التي تشهدها سوريا ضد الظلم والفساد فإنه سيكون laquo;ثورة التعارفraquo; بين الشعبين الكردي والعربي.
كان قرار الشبيبة الكردية بالانضمام إلى الاحتجاجات بدءً من قامشلو فرصة حقيقة للتعارف بين شعوب سوريا والشرق الأوسط. بداية انطلقت نداءات الاستغاثة من درعا لإخوتهم الأكراد، متجاوزين حدود المحافظات والقومية، كان نداء الحرية إلى الأحرار.

حتى وقت قريب نجح النظام في حشر الأكراد بزاوية الانفصالية في وعي الشعب العربي، ولم تستقم هذه الصورة التخوينية إلا في تلبية الكرد لنداء إخوتهم في الحرية رغم إغراءات تجنيس الأجانب وجعل النوروز عيدا وطنياً.

وأقولها بفخر : لو أن هذه الاغراءات عرضت على أي مكون قومي في سوريا او خارجها لكان القرار الأرجح هو القبول، بل إن محافظات مثل حلب انزوت جانباً بمكاسب بسيطة ومخجلة مثل السماح بالبناء في اماكن المخالفات. الأكراد انحازوا للحرية على حساب جزء من الحقوق التي نادوا بها طيلة خمسين عاما او أكثر.

وكان لافتاً التحية التي وجهها اهالي بانياس للأكراد. وإذ أتذكر حالنا في انتفاضة قامشلو 2004 وحالنا الآن، وارى الفارق مدهشاً. هي فرصة تاريخية لتصحيح العلاقة بين الشعبين العربي والكردي بعد أن تخلخلت عقب سقوط نظام الطاغية صدام حسين والتجييش الاعلامي القومي الذي حمّل أكراد العراق جريرة تواطؤ انظمة عربية في التمهيد لاحتلال العراق.

كانت لنا مآخذ كبيرة على شركائنا العرب السوريين منذ 2004 على الأقل. صمتهم تجاه قتل واعتقال وتهجير أهلنا كانت طعنة في الظهر. يومها أتيحت لهم فرصة الحرية من القامشلي دون ان يستثمروها. وكلي ثقة اليوم أن الأكراد أكدوا بدعمهم لمطالب الحرية والكرامة التي ينادي بها الشعب السوري أنهم تجاوزوا تلك الطعنة، ولسان حالهم يقول :laquo;عفى الله عما سلفraquo;.

سيكتب التاريخ للشبان الذين نزلوا إلى ساحات قامشلو وعامودا ودرباسية وديرك وسري كانيه وكوباني تحقيقهم نصراً استراتيجياً للقضية الكردية. مصريون وخليجيون وأردنيون وفلسطينيون وعراقيون وقفوا باحترام وإجلال لموقف هذه الفئة التي يسمونها هم بـlaquo;الأقلية الفاعلةraquo; في المشهد السياسي السوري. كلمة laquo;الأقليةraquo; سمعتها من أحد الكتاب المصريين، واستأذنته بتصحيح الوصف إلى laquo;الأكثرية الحرةraquo;. ووصفي لانضمام الشعب الكردي إلى الحراك الشعبي السوري بـlaquo;المكسب الاستراتيجيraquo; له مظاهر اولية تتجسد شيئا فشيئاً، ومن أهمها أننا في مناسبة او بدونها كنا نقوم بجرجرة جليسنا أو ضيفنا العربي و الغربي جرّاً لنتحدث لهم عن أكرادنا. اليوم بات علينا فقط الاجابة عن الأسئلة التي تنهمر علينا عن وضع الشعب الكردي تاريخيا في سوريا ومطالبهم والمظالم التي ارتكبت بحقهم.

كم نحن محظوظون أن دعوة الحوار التي وجهها النظام للأكراد قبل أيام جاءت لوجهاء العشائر وليس للحركة السياسية الكردية. قلتها لكاتب فلسطيني :laquo;إنهم أكراد يا صاحبي.. ولا تليق بهم الصفوف الخلفيةraquo;.