بعد تصاعد أحداث العنف الطائفي في مصر لما يشبه حرب أهلية غير معلن عنها، ظهر علي السطح مصطلح ربما يكون جديد علي الساحة السياسية المصرية وهو مصطلح الحماية الدولية للأقباط، وأختلف المصريين ما بين مؤيد ومعارض للمصطلح وبدون أن يكلف البعض عناء البحث عن ماذا تعني الحماية الدولية؟ وكيفية تنفيذها؟ راح البعض يروج أن الحماية الدولية معناها أن تحالف دولي سيغزو مصر وراح يصور الأمر وكأن جيوش حلف الناتو تتأهب لدخول مصر!! وإن كان هذا يعتبر شعور وطني مقبول من ناحية الشكل، ولكنه فكر خبيث يهدف لتشويه الفكرة والقضاء عليها وتشويه المطالبين بها وتصويرهم علي أنهم أعداء للوطن!!!

ولابد أن نعترف أن الوضع في مصر متفرد وفريد ولا يوجد له مثيل في أي بقعة في العالم فيسكن المصريين في كل مدن مصر في عمارات خرسانية مكونة من عدة طوابق يتكون الطابق من عدة شقق يسكن العمارة الواحد أقباط ومسلمين وحتي في الريف فمنزل المسلم بجانب منزل القبطي، فكيف يطالب البعض الأقباط بغزو مصر وكيف سيفرق رصاص الجنود وقنابل الطائرات وقذائف المدافع بين المسلم والقبطي، وهل يهدف الأقباط لقتل ذويهم وتدمير بلدهم؟؟ بالطبع الإجابة هي لا وإذا قام تحالف أجنبي بالاعتداء علي مصر سنكون أول من يدافع عن مصر وسندافع عن مسلمي مصر قبل أقباطها.

المشكلة ليس بين الشعب المصري المسلم والشعب المصري القبطي، المشكلة بين قلة قليلة من المصريين المسلمين الإرهابيين الذين يتلقون دعما من دول عربية هدفها زعزعة الأمن والاستقرار في مصر، وهدفها فشل الثورة المصرية حتي لا تنتقل لبلادها وتهدد عروشهم، وبين الأقباط الذين نفذ صبرهم ولم يجدوا طريقة غير الدفاع عن أنفسهم لرد الاعتداءات والدفاع عن أنفسهم كما حدث في إمبابة، يتقاسم المسؤولية في تصعيد العنف ضد الأقباط مع السلفيين المجلس العسكري الحاكم في عدم اتخاذه خطوات حاسمة ورادعة ضد السلفيين والاكتفاء بإرسال شيخ من شيوخهم في كل مرة لتهدئتهم!!!

إذا كلنا نتفق إننا نرفض التدخل الأجنبي العسكري ضد بلدنا وأهلنا وشعبنا المصري أقباط ومسلمين وبهائيين ولا دينيين، إذا ماذا يعني بعض الأقباط بالحماية الدولية؟؟؟

الحماية الدولية التي يطالب بها بعض الأقباط هو دخول الملف القبطي للأمم المتحدة والتي تتعبر مواثيق حقوق الإنسان بها جزء من دستور الدول الموقعة علية ومصر من هذه الدول أي أن ميثاق حقوق الإنسان هو جزء من الدستور المصري الوطني!!!. وفي حالة تكرر الاعتداءات علي الأقباط لا بد لهم من التمتع بحماية الأمم المتحدة باعتبارهم أقلية دينية، فتبدأ الأمم المتحدة في مراقبة ما يحدث في مصر ومحاولة مساعدة السلطة المصرية في السيطرة علي الأمن بمساعدتها بتوفير الإمكانيات اللازمة لتبسط الدولة هيبتها وتفرض الدولة سلطة القانون علي أراضيها، فقد يكون الانفلات الأمني عائد لقلة الإمكانيات.

وفي حالة تأكد الأمم المتحدة من أن هناك عملية تطهير عرقي ضد مجموعة من السكان علي أساس العرق أو اللون أو الدين، تقوم الأمم المتحدة باستصدار قرارات للسلطة المحلية وتقوم الأمم المتحدة بمراقبة تنفيذ السلطة المحلية لهذه القرارات والتوصيات، فإذا نجت السلطة المحلية في تنفيذ هذه القرارات والتوصيات تنتهي هذه المشكلة ويعود الاستقرار للدولة، أما في حالة فشل السلطة الحاكمة في الدولة في تنفيذ هذه القرارات، تقوم الأمم المتحدة بدراسة أسباب فشل السلطة الحاكمة فإذا كانت هي قلة الإمكانيات المادية أو قلة كفاءة رجال الأمن تقوم الأمم المتحدة بتوفير هذه الإمكانيات، وفي حالة أن يثبت للمجتمع الدولي أن عدم التنفيذ راجع لتقاعس أو تواطؤ السلطة الحاكمة مع المعتديين، تدرس الأمم المتحدة تطبيق عقوبات اقتصادية علي السلطة الحاكمة، لتجبرها علي اتخاذ التدابير اللازمة لمنع التطهير العرقي ضد مجموعة من سكان الدولة وغالبا ما ترضخ الدولة في النهاية للأمم المتحدة كما حدث في جنوب أفريقيا.

كان هذا ملخص حوار استمر ساعات مع أحد المطالبين بالحماية الدولية وعندما سألته، ألا تري أن ذلك ممكن أن يزيد الأمور تعقيدا في مصر؟؟ أجابني ماذا تنتظر أكثر من ذلك أتنتظر حتي يتم القضاء علي الأقباط كما حدث لمسيحي العراق وسألنني أيهما أفضل أن نطالب بحماية دولية لشعب يتعرض لعملية تطهير عرقي علي يد مجموعات إرهابية تساندها دول وأنظمة مجاورة وتقف السلطة موقف المتفرج من كل ذلك أم انك تريد أن تنتظر بأن تطالب بمحمية طبيعية للأقباط كما سبق وطالبت بها لمسيحي العراق في مقال لك؟؟؟؟