هذه مجموعة من التمنيات العاجلة كتبت أيضا علي عجل، ربما لأن الأحداث المتسارعة في الشرق الأوسط تهملنا ولا تمهلنا، والكوارث المتلاحقة تداهمنا علي حين غرة وبما يفوق قدرتنا علي اللهاث .. اختصارا للوقت :
أتمني أن يكون التصعيد الغربي بقيادة الولايات المتحدة ضد النظام الدموي في سوريا هو بالأساس لإنقاذ أهلنا السوريين جميعا من المجازر الوحشية والمآسي اليومية، وليس فقط لمعاقبة نظام بشار الأسد علي عدم قطع علاقته الوطيدة مع إيران، أو عدم إتمامه لاتفاقية السلام مع إسرائيل.
أتمني أن تكون الخطة التي وقعها الأمريكان مع تركيا في إقامة منطقة عازلة، تكون بمثابة قاعدة لتعبئة قوي المعارضة السورية المسلحة من أجل الإطاحة بالسلطة في دمشق، هي بالفعل كذلك وليس من أجل تمكين تركيا الطامحة لدور إقليمي في المنطقة (نكاية) في المنافس الإيراني اللدود، ولتذهب البلدان العربية وشعوبها إلي الجحيم الأسفلي؟
أتمني أن تكون الولايات المتحدة جادة ndash; ولو مرة واحدة - في الضغط علي إيران فيما يخص برنامجها النووي وطموحاتها في الشرق الأوسط، لأن ما يدور في كواليس المطبخ الأمريكي يشير إلي أن إدارة أوباما توصلت إلى قناعة بأن تـَوجيه ضربةٍ عسكرية لإيران سوف يكلفها ثمنا باهظا، وأن هناك مؤشراتٍ توحي بأن أوباما نفسه، بدأ يتقبل فكرة حيازة طهران للسلاح نووي، لدرجة أنه لم يعد يُعر اهتماما لتهديدات المملكة العربية السعودية، بأنها سوف تمتلك القنبلة النووية فور حصول إيران عليها.
أمريكا ليست جادة حتي الآن في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وكل العقوبات السابقة لم تثبت جدواها طيلة الفترة الماضية، وربما الفترة القادمة أيضا، فقد واصلت إيران استكمال بنيتها التحتية النووية، وهي تراوغ الجميع كسباً للوقت، ولا يستطيع أحد أن يعرف بالضبط نوايا إيران: هل تريد امتلاك القنبلة النووية بالفعل، أم الاكتفاءَ بإمكانية تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية ... أن العقوبة الوحيدة التي يمكن أن تترك آثاراً بالغةَ السوء على طهران ndash; حسب معظم المحللين الاستراتيجيين - هي (منعها من تصدير النفط واستيراد البنزين)، وكل ما عدا ذلك لن يرغمها على تغيير نهجها الاستفزازي.
أتمني أن تكون الغطرسة الإيرانية (مجرد وهم أجوف) وتهديداتها أضغاث أحلام، لأن القلق بدأ يتسرب للمراقبين خاصة من quot; نعومة quot; السياسة الأمريكية تجاه إيران في الفترة الأخيرة، حيث تسعي واشنطن ndash; علي عكس ما هو معلن إعلامياndash; لاستيعاب إيران وتحويلها بكل السبل من دولة quot; معادية quot; إلي quot; شريك quot; وquot; حليف quot; قوي، ومن أجل هذا الهدف بدأت الولايات المتحدة تغير توجهاتها من (تغيير النظام القائم) في طهران إلي التفاوض السري من خلال دولة خليجية عربية، أصبحت الوكيل الحصري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط الجديد.
أتمني أن تكون دعوة الأمين العام للأمم المتحدة quot; بان كي مون quot; إلي نزع سلاح quot; حزب الله quot; : دعوة جادة وحاسمة ولازمة، لأنها تعني التذكير بعدم الاعتراف بشرعية حزب الله والتأكيد علي (السيادة اللبنانية) علي كامل الأرض، من خلال الإصرار علي تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1559 لنزع سلاح الميليشيات اللبنانية المختلفة لصالح الشرعية والدولة الدستورية، سلطة سياسية موحدة وجيش وأمن وطني واحد.
أتمني ألا يكون التذكير بالقرار رقم 1559 في هذا التوقيت الحرج، وزيارة quot; بان كي مون quot; للبنان في هذا المنعطف الخطير، هي نوع من التلويح بالعصا والتهديد بالقرار النائم في الأدراج الدولية حتي يكف حزب الله عن معارضة الثورة في سوريا، فقد استخدمت سوريا وإيران quot; حزب الله quot; دائما لتقويض استقلال لبنان وتعريض استقراره للخطر، وتأجيج التوترات المذهبية بما يساعد علي تثبيت سلطة دمشق وطهران علي لبنان، فضلا عن الإخلال بإستقرار المنطقة ككل.
واستخف نظام الأسد (الأب والإبن) استخفافا سافرا بسيادة لبنان، وسلامه أراضيه واستقلاله السياسي، وتمادي في تزويد الميليشيات اللبنانية، لاسيما حزب الله، بأسلحة أكثر تطوراً، رغم قرار مجلس الأمن رقم 1680 الذي يدعو سوريا إلى اتخاذ إجراءات ضد إدخال الأسلحة إلى لبنان. ومن ثم أصبح حزب الله هو الميليشيا الأكبر شأناً والأكثر تسلحاً في الشرق الأوسط كله، بفضل مساعدة هذا النظام الذي سهل نقل الأسلحة السورية والإيرانية، منتهكا بلك قرار مجلس الأمن رقم 1747 ... علي مرأي ومسمع من الولايات المتحدة والغرب والعالم أجمع.
أخيرا، أتمني ألا تكون هذه التمنيات مجرد تمنيات .....
[email protected]