انسحاب 34 حركة وحزبا سياسيا من جمعة quot;لم الشملquot; أو بالأحري جمعة quot;الهوية الدينيةquot; من ميدان التحرير، كان متوقعا ومعروفا للجميع في الداخل والخارج، وحسب البيان الصادر قبل قليل: quot; ففي الوقت الذى التزمت فيه كافة القوى السياسية المدنية والمجموعات الثورية والائتلافات الشبابية المختلفة بالاتفاق الذى تم عقده مع القوى والتيارات الإسلامية بهدف إفشال محاولات المجلس العسكرى تفتيت قوى الثورة، وتشويه صورتها عن طريق وضع هذه القوى فى مواجهة بعضها البعض، والذى كان مفاده التزام البعد عن النقاط الخلافية الجوهرية، والتأكيد على النقاط التوافقية، ووحدة الصف الثورى، فوجئ المعتصمون بالميدان بانتهاك صارخ لكافة الاتفاقات من جانب بعض القوى الإسلامية، وذلك من خلال ترديد هتافات وتعليق لافتات وتوزيع بيانات تستهدف النقاط الخلافية quot;.
في صحيفة الفايننشال تايمز توقعت رولا خلف المواجهة السياسية بين المجلس الاعلى للقوات المسلحة وحركات الشباب التي لعبت دور رأس الحربة في الاطاحة بحكم الرئيس مبارك، وحسب فادي شادي الغزالي حرب، أحد قادة حركات الشباب، فإن ما جري ليس سوى انقلاب أبيض وليس ثورة، لإن اقامة نظام سياسي جديد على انقاض نظام حكم شمولي سيطرت فيه النخب السياسية الحاكمة لمدة عقود ndash; كما تقول خلف - ستكون عملية معقدة ومضطربة، لأن المؤسسة العسكرية الحاكمة كانت دائما جزءا من النظام السياسي الشمولي وعملت في الظل وتفتقر الى الخبرة في حماية ثورة الشباب.
صحيفة التايمز نشرت ملفا طويلا عن ربيع الثورات العربية والاخطار التي تتهدد هذا الربيع واحتمالات انتهاء هذا الربيع بشتاء قارس وطويل، من خلال مواقف المفكرين وعلماء الاجتماع الغربيين، وكتب المؤرخ الماركسي المرموق أريك هوبسباوم في الصحيفة تحت عنوان quot;لا ضمانات بنهاية سعيدة للثورةquot; ان الاطاحة بنظام حكم مبارك quot;حدث تاريخي دون شك لكن ذلك لا يعني بالضرورة ان تنتهي الامور في البلدين نهاية سعيدة لان نجاح الثورة لا يتمثل بلحظة سقوط نظام الحكم والمثال على ذلك ما حدث في اوروبا من ثورات عام 1848 فالثورة مصيرها الفشل ولن يلمس المواطن العادي التغيير ما لم يتم تفكيك البنى والمؤسسات القديمة وظهور قوى سياسية جديدة على الساحةquot;.
وسائل الإعلام الروسية استشرفت أيضا ما جري وما سوف يحدث، المحلل السياسي quot; أليكسي تشيسناكوف quot; قال لصحيفة quot;روسيسكايا غازيتاquot; الروسية: إن الأحداث في المنطقة العربية تختلف عما يعرف بـquot;الثورات الملونةquot; في أوروبا في التسعينيات من القرن الماضي. ذلك أن المعارضات العربية، تهدف إلي التخلص من الماضي، وليس إلي بناء المستقبل. ويري إن المعارضة العربية أقرب في تفكيرها إلي ابن لادن أو مبارك أو القذافي، منها إلي الشباب الذين يأتون بها إلي السلطة. ولهذا فإن ما يجري أشبه ما يكون بنزاعات بين قبائل، وليس بين حركات سياسية قادرةٍ علي الحوار.
quot; ريفا بهالا quot; مديرة الأبحاث في مؤسسة quot; ستراتفور quot; الأمريكية الخاصة للاستخبارات والتحاليل حول الأوضاع في الشرق الأوسط، ذهبت إلي ما هو أبعد من ذلك في المقابلة التي أجرتها معها صحيفة quot; إيزفستيا quot; الروسية، قالت: إن ما حدث في مصر ليس تغييرا لنظام الحكم، بل هو عملية مدروسة نفذها العسكريون بعناية لنقل السلطة، واستغلوا المظاهرات لإجبار مبارك علي الرحيل. وهي - برأيها - حالة فريدة تطابقت فيها المصالح الاستراتيجية لكل من العسكريين المصريين والولايات المتحدة وإسرائيل، فكان أن سعت هذه الأطراف للمحافظة علي النظام المصري وسياسته الحالية.
أما المحلل السياسي quot; يفغيني ساتانوفسكي quot; فقد نشر مقالاً في صحيفة quot;ناشا فيرسياquot;، ذكر فيه الجميع بأن السلطات الألمانية وخاصة الأركان العامة للقوات المسلحة شعرت بفرحة عارمة عندما أطاح الثوار البلاشفة بالنظام القيصري في روسيا سنة 1917. لكن هذه الفرحة لم تدم طويلا، لأن موجة من الفوضي والنزاعات الإقليمية عمت أرجاء أوروبا في أعقاب الثورة الروسية.
مشيرًا إلي أن: منطق الأمور يقول بأن الوضع في جزء من منطقة ما، عندما يصل إلي نهايةٍ منطقية، فإن الأوضاع في جميع أجزاء تلك المنطقة تتخذ نفس المسار، وهو ما يحدث حاليا في منطقة الشرق الأوسط، التي دخلت في مرحلة من الفوضي قد تستمر لعقود، علي غرار ما حدث في أوروبا في النصف الأول من القرن العشرين. وقد تجتاح المنطقة موجة عارمة من الحروب والثورات والحروب الأهلية.
- آخر تحديث :
التعليقات