أطرف خبر قرأته في عام 2011 حمل هذا العنوان: quot;العارضة بصحة جيدة والثعبان ماتquot;، فقد حاولت عارضة الأزياء الإسرائيلية quot;أوريت فوكسquot; تقبيل أفعي خلال الدعاية التي نظمها راديو 103 quot;أف أمquot; في تل أبيب، ولكن سرعان ما قامت الأفعي بلدغ فوكس من ثديها مما أستدعي نقلها إلي المستشفي خارج القدس، المفاجأة هي موت الأفعي بعد وقت قصير من quot;قبلة الوداعquot; متأثرة بالتسمم من ثدي العارضة الممتلئ بالسليكون!
هذا الخبر الصحفي (بألف ولام التعريف) الذي تناقلته وسائل الإعلام في العالم، هو ما يصح أن نطلق عليه خبرا صحفيا بإمتياز، وهو ما تعلمناه ونعلمه بدورنا لطلاب كليات الإعلام والصحفيين تحت التدريب، فإذا لدغ الثعبان شخصا ومات هذا الشخص متأثرا بالسم، فهذا ليس خبرا، وإنما العكس هو يمكن وصفه بquot; الخبر الصحفي quot; من الناحية العلمية والإعلامية.
لكن يبدو أن هذا الخبر - الذي جاء في وقته تماما - يحمل دلالات سياسية مهمة، لاسيما ما يتعلق بهرولة الإسلاميين إلي إسرائيل (أولا) لنيل رضاء الولايات المتحدة، والمنافسة الشرسة بين الإخوان المسلمين والسلفيين علي حكم مصر عبر quot;تل أبيبquot;، وما يضمره كل من الإسلاميين والإسرائيليين في قلبه للآخر، وكما يقول أولاد البلد في مصر، تري : من سيتغدي بالآخر قبل أن يتعشي به، أو بالأحري :quot; من سيلدغ الآخر بـquot;سمهquot; الزعاف ... أولا؟
الداعية الإسلامي وجدي غنيم (الإخواني) ndash; زاد الطين بلة والأمور تعقيدا ndash; إذ شن هجوما عنيفا ضد حزب النور quot;السلفىquot;، ووصف إعلان الحزب احترامه لإتفاقية quot; كامب ديفيد quot; واستعداده للحوار مع السفير الإسرائيلى بشرط موافقة وزارة الخارجية بـquot;الفضيحةquot;، محذرا من منح الشرعية لإسرائيل بسبب جهل السلفيين بالسياسة وأتباعهم المذهب (الميكيافيلي).
كلام quot;غنيمquot; متناقض ومتهافت شكلا وموضوعا، إذ كيف يصف السلفيين بالجهل وعدم quot;المعرفة السياسيةquot; ثم يتهمهم في الوقت نفسه بquot;الميكيافيلية السياسيةquot; وأتباعهم لمبدأ quot;الغاية تبرر الوسيلةquot;! .. هذا من ناحية، من ناحية أخري كيف يحرم علي السلفيين ما يفعله الأخوان المسلمين مع إسرائيل ndash; في السر والعلن - منذ سنين طويلة؟ .. أين العدل يا رجل، أهو quot;حلالquot; علي الإخوان المسلمين quot;حرامquot; علي غيرهم؟ ثم، أليس quot;السلفيينquot; مسلمين أيضا؟!
لكن يبدو أن كلام quot;الداعية الإسلاميquot; مهم من زاوية أخري، لأنه يكشف عن الرماد الكثيف الذي يلوث أجواء السياسة المصرية الآن، والذي يخفي تحته نارا مستعرة بين الإخوان المسلمين والسلفيين تؤججها quot; واشنطن quot; كل يوم، بالوعود والعقود تارة والعطايا والمنح تارة أخري، ومن ثم يصبح السباق quot; غير المقدس quot; بين الإسلاميين في الهرولة إلي إسرائيل والتنازلات والشروط والإملاءات الجديدة هي جزء أساسي من الصفقة السياسية مع الولايات المتحدة.
في زيارة quot; جون كيريquot; (عراب الشرق الأوسط الإسلامي الجديد) لمصر، والتي زار فيها المقر الرسمي لحزب quot;الحرية والعدالةquot; الإخواني، تم التوقيع علي quot;
تفاصيلquot; وشروط العلاقة الجديدة بين الولايات المتحدة والإخوان المسلمين، وأيضا الإتفاق علي quot;أسمquot; الرئيس القادم لمصر، كما طلب quot;كيريquot; من الإخوان quot;ترصين وتسييسquot; السلفيين حيث أنهم ndash; حسب تعبيره ndash; quot;أكبر لغز الآنquot; .. وقال حرفيا: quot;أن الجماعة ملزمة أمام الإدارة الأمريكية والعالم بتدريب السلفيين علي العمل السياسي الديمقراطي ونبذ أفكار القوة وأسلمة المجتمع المصري تحت التهديدquot;.
أما السيناتور الجمهوري quot;ميتشل ماك كونيلquot; زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ عن ولاية كنتاكي، فقد كشف عن الصراع الخفي الذي تفجر في العلن أخيرا بين الإخوان المسلمين والسلفيين عقب زيارة quot;كيريquot; الأخيرة للقاهرة، حيث أفادت تقارير أمنية أمريكية ndash; حسب جريدة روز اليوسف - عن عقد لقاءات سرية بين السلفيين وإدارة أوباما هدفها منع جماعة الإخوان المسلمين، من الوصول إلي سدة الرئاسة المصرية، وتقديم أنفسهم quot;همquot; بإعتباره الأجدر لهذا المنصب!
السلفيون quot;فضحواquot; - في هذه اللقاءات - جماعة الإخوان المسلمين التي تساند سرا الدكتور laquo;عبد المنعم أبو الفتوحraquo; عضو مكتب إرشاد الجماعة السابق ومرشح الرئاسة، وكشفوا عن صفقة سرية بين إدارة أوباما والإخوان تتمثل في مساعدتهم في الفوز بمنصب الرئاسة مقابل إنهاء ملف الصراع العربي الإسرائيلي (علي المسارين الفلسطيني والسوري) والتطبيع الكامل مع إسرائيل نهاية عام 2020 .
وهو quot;مشهدquot; شديد التعقيد والتداخل سيتفاقم في الشهور القليلة القادمة.. تري عزيزي القارئ: من سيبدأ quot;قبلة الوداعquot; أولا.. quot;السلفيونquot; أم quot;الإخوان المسلمونquot; أم إسرائيل؟
[email protected]