هل تقود إدارة أوباما الشرق الأوسط إلي الهاوية؟ أم إلي ترسيخ الديمقراطية علي المدي البعيد؟ .. وهل لدي الولايات المتحدة quot;خارطة طريقquot; لتفتيت المنطقة وجعل شعوبها تنفر من الإسلاميين، خاصة مع وجود مختلف الأقليات الدينية والعرقية والاتجاهات العلمانية والليبرالية؟ أم العكس؟.
الترحيب الأمريكي بنتائج المرحلة الأولي من الانتخابات المصرية، خاصة فوز الأخوان المسلمين، كان مسبقا وليس لاحقا لهذه الانتخابات، فقد صرح quot;وليم تايلورquot; الذي عينه أوباما في منصب منسق انتقال السلطة في الشرق الاوسط: quot;أنه يجب أن نحكم على الأحزاب والحركات بناء على أفعالها وليس على تسمياتهاquot;. وطبيعي أن ترحب الولايات المتحدة بالتعاون مع الأخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة الإسلامي في تونس والحكم الإسلامي في ليبيا، طالما لم تنتهج هذه الأحزاب والحكومات العنف أو تتخذه مسلكا، فقد أعتدنا التحدث مع الإسلاميين والتعامل معهمquot;.
روسيا تقف علي النقيض من الموقف الأمريكي، وتتمثل مخاوفها من نجاح الأحزاب الإسلامية في أن عملية الأسلمة هذه قد تمتد إلى شمال القوقاز، حيث تدفع حالة عدم الاستقرار هناك واتعدام الثقة في السلطات الفيدرالية، إلى الاعتقاد بأن الحل الوحيد للمشاكل المتفاقمة يكمن في تطبيق الشريعة الإسلامية. حيث يوجد تيارن رئيسيان : أحدهما مع دمج الشريعة مع القوانين الفيدرالية وإنشاء quot;فضاء إسلامياquot; داخل روسيا الاتحادية، وتيار آخر quot;راديكاليquot; هدفه الانفصال عن روسيا وإنشاء دولة إسلامية مستقلة.
في المقابل يؤكد الخبير الروسي quot;ألكسندر ديمتشينكوquot; أن مستقبل المنطقة مع وصول الإسلاميين إلي الحكم لن يكون مظلما أو مخيفا، ولا ينبغي أن تنزعج روسيا، لأن الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس وليبيا معنية بالتعاون الاقتصادي مع الغرب، لذلك فإن أهم دور ستقوم به للغرب (بالوكالة) هو محاربة تنظيم quot;القاعدةquot; وسائر التنظيمات التي تؤمن بالعنف، ومن بينها الحركات الانفصالية في القوقاز.
لكن يبدو أن هذا التفاؤل المفرط يدحضه رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية quot;ليونيد إيفاشوفquot;، الذي نشر مقالا تحليليا مهما في صحيفة quot;ناشا فيرسياquot; تحت عنوان quot;الحلم الأمريكيquot;، يقول: quot;إن حلم الأمريكيين هو رؤية العالم الإسلامي غارق في الفتن الداخلية، وفي النزاعات الخارجية. ولتحقيق هذا الحلم يعمل الأمريكيون على تهيئة الأوضاع، بطريقة تضمن استمرار دوى الانفجارات في المنطقة، وإبقاء نيران النزاعات مع الدول الأخرى مشتعلة. إن ما تريده الولايات المتحدة في حقيقة الأمر هو أن تبقى سماء العالم الإسلامي ملبدة بدخان الحروب من دول البلقان وحتى باكستان، لأن هذه المنطقة تقع على مقربة من الصين. وبعبارة أخرى، فإن ما هو مطلوب أمريكيا من هذه المنطقة، هو أن تكون مصدرا دائما للقلاقل والاضطراباتquot;.
ويضيف: quot;إن إثارة الاضطرابات في الشرق الأوسط ستضر بالاقتصاد الأوروبي والصيني باعتبارهما منافسين قويين للاقتصاد الأمريكي، ولكن كيف سيتم ذلك؟ الولايات المتحدة لا تحصل إلا على سبعة عشر بالمئة من استهلاكها النفطي من منطقة الشرق الأوسط، وإذا ما اندلعت حرب واسعة النطاق فأن الاقتصاد الأمريكي لن يتأثر بذلك، لأنه ببساطة لا يعتمد كثيرا على نِفط منطقة الشرق الأوسط، في حين سيتضرر الاقتصاد الصيني كثيرا، وسيكون لذلك انعكاسات اجتماعية سيئة، وفي محاولة للخروج من المأزق، ستلجأ الصين للحصول على نفط روسي رخيص، وهذا قد ينعكس سلبا على العلاقات الروسية الصينية.
أوروبا بدورها تحصل على نصف نفطها من تلك المنطقة، وفي تلك الحالة فإنها أيضا ستلجا للحصول على نفط روسي بأبخس الأسعار، وفي ظل تأزم الاقتصاد الأوروبي والصيني، سينتعش الاقتصاد الأمريكي، وبهذه الطريقة سيحاول الأمريكيون الخروج من أزمتهم الحاليةquot;.
quot;إيفاشوفquot; ينقل حرفيا ما قاله مسئول أمريكي رفيع ndash; لم يصرح بإسمه - بأن الولايات المتحدة ستجبر العرب على الاقتتال فيما بينهم، وأمريكا على استعداد لتمويل ذلك الاقتتال، من هذا المنطلق نجد أن تواجد تنظيم القاعدة في ليبيا لم يزعج الأمريكيين، وإذا كانت أوروبا قد صدر عنها بعض ردود الأفعال نتيجة إعلان ليبيا اعتماد الإسلام كمصدر رئيسي للتشريع، نجد أن الولايات المتحدة لم تبد أية ردة فعل، طالما أن ذلك لا يعيق تفوقها على خصومها الكبار، كما أن وجود تنظيم القاعدة قد يساعد على زيادة الفوضى، مما سيسهل أكثر على الولايات المتحدة وضع يدها على النفط في الشرق الأوسط الكبير!

[email protected]