بالرغم من أن بعض المؤشرات توحي بأن إنهيار النظام بات قريباً إلا إن الشعب السوري في هذه الفترة يعيش حالة هلع وذعر جراء أخبار وإشاعات مفادها، قد يلتجأ نظام الأسد في نهاية المطاف، إلى إستخدام الأسلحة الكيميائية ضده، ومن ناحية أخرى يشعر بحالة إنعدام فقدان الثقة والمصداقية من معارضته السياسية ومقاتليه المسلّحين في مشروعهم الوطني المزعوم، تلك الحالة التي سببت له شعوراً مليئاً بالقلق والهواجس ولاسيما حالة الخوف والهلع الذي يزداد يوم بعد يوم، من المشاهد المرعبة التي تنشر على شاشات التلفاز ومواقع الإنترنت والتي تنسب إلى بعض الجماعات الإسلامية المسلحة ( المنضوية ) تحت ألوية الجيش الحر، ذلك الخوف جعل من الشعب بأن يجد نفسه أمام مشهده الأخير من فصول أحداث ثورته الغامضة الغير واضحة المعالم والغير واضحة الإتجاه، وبالتالي في مواجهة مصير مجهول ومرعب لايعلم ما الذي تختبئه له الأسابيع والشهور القادمة، جعله يتساءل ماالذي جعل ثورتهم تتخذ هذا الطابع وذلك المسارالمجهول، أهل بسبب بطش النظام والدعم الخارجي له؟ أَم بسبب وجود خلل بإستراجية عمل المعارضة بجناحيه السياسي والعسكري؟

فبعد سقوط أكثر من واحد وأربعين ألفاً من الشهداء والتي قاربت الثورة شهرها الثاني بعد العشرين، يجد الشعب السوري السببين معاً بالإضافة إلى أسباب أخرى، ولاسيما السبب المتعلق بأطراف المعارضة المترنحة، حيث تتغاضى عن توضيح حقيقة وضعها وحقيقة مستقبل البلاد للشعب، الشعب الذي يجهل حقيقة إعداد السيناريوهات الغامضة التي تجرى خلف كواليس صناع القرار، سواءً كانت من قبل المعارضة السياسية السورية، وبالأخص الأطراف الإسلامية منها، أو من الدول الداعمة لها، والذين يخططون تحديد مسار ثورتهم نحو الإتجاه والهدف المرسوم لأجنداتهم الخاصة في منطقة الشرق الأوسط مسبقاً.

إن الشعب الذي كان له الدورالمشّرف بإندلاع الثورة الشعبية وإستمراريتها حتى الآن، ودوره المميّز عبرمسيراته السلمية الرائعة، والفداء بدمائه وأرواحه من أجل نيل حريته وكرامته المهدورة، يعتصر قلبه ألماً وحزناً على ضياع مبادئ الثورة السلمية القيمّة والذي كان يحلم بتغيير سلمي وديمقراطي في بداية الثورة، بل بالعكس تماماً غابت الحكمة في معالجة الوضع لتأخذ الأحداث منحىً مغايراً تماماً لتتحول بشكل مفجع ودراماتيكي، إلى حريق هائل أكل الأخضر واليابس، والأهم من كل هذا وذاك، ترشيح الوضع إلى مزيد من الدمار لحياة السوريين، إلى المزيد من المآساة والفواجع وإنسداد كافة طرق الخلاص في وجهه والأسوء من كل شيء، بأن تؤدي الأحداث المتسارعة والمتلاحقة إلى إفرازت طائفية بغيضة وإلى القتل المجاني الجماعي، وبالتالي إلى مستقبل أشد قتامة من الحاضر، وبالرغم من كل هذه المآساة وتضحيات هذا الشعب،مازال العالم يتفرج والنظام يستمتع بقتل الأبرياء والشعب يناطح الحيطان؟

والسؤال الأخير الذي يراود أذهان الشعب حالياً، بعد أن تمزق النسيج الإجتماعي الذي كان يربط الشعب بعضهم ببعض، وبعد كل هذه التحولات والكوارث التي حلت به، إذا سقط النظام وإنهارت المؤسسات المدنية الباقية، ودخل البلاد في فوضة عارمة كما حدث في العراق عندما إنهار النظام البعثي هناك، هل سيدخل الشعب السوري تحت رحمة الأصولييّن المتشددين، ليرى ثانية أطفال سوريا وأطفال العالم العربي والإسلامي قطع الأعناق البشرية وذبحهم أمام عدسات وشاشات تلفزيوناتهم؟ آم أن أحداً لا يستطيع التنبؤ بملامح سورية ما بعد الأسد.