ايُّ مضمون ستحمل الكلمة العراقية في مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في بغداد في الايام القريبة؟
هل ستؤكد الكلمة العراقية على ان العراق جزء من العالم العربي والامة العربية؟ مثل هذا المضمون جميل بحد ذاته، وهو حقيقة بلا شك، ولكن طرحه في الكلمة العراقية في مؤتمر القمة كأنه يشير إلى أن هناك تشكيكا في هذه المعادلة، وهو الامر الذي لا داعي له على الاطلاق، وربما تتضمن الكلمة العراقية الاشارة الى نجاح العراق في ما يمكن تسميته بتجاوز الفتنة الطائفية أوالحرب الاهلية،وهذا الطرح سلبي وليس من وراءه خير، لانه يكرس تصورا خاطئا، مفاده ان المجتمع العراقي يختزن طابعا طائفيا بشكل وآخر، وربما تشير الكلمة إلى ان العراق باحتضانة القمة العربية إنما يعيد دوره التاريخي الرائد، وهو كلام ساذج بطبيعة الحال،لان العراق في زمن صدام حسين عراق التدخل بشؤون الاخرين، والحروب الدامية مع دول الجوار،وقد تشير الكلمة إلى عودة العراق الى الحضن العربي وعودة الاشقاء الى احتضان العراق، وهي معادلة قد تحمل بعض الصحة، ولكنها ليست ذات فائدة تعود على العراق أو الاشقاء العرب، وربما تذهب الكلمة لتكرس نجاح العراق في تحقيق الامن والاستقرار الكاملين ونجاحه الكبير في القضاء على الارهاب وبشكل كامل، وهي معادلة تحمل الكثير من المبالغة،وربما تشير الكلمة الى نجاح العراق في تشييد نظام ديمقراطي مثالي، وربما يشطح الخيال بصاحب الكلمة ليمضي العراق بلدا مستقرا على جميع الاصعدة، امنيا واقتصاديا وسياسيا وحدوديا.
اعتقد ان الكلمة العراقية في القمة العراقية ينبغي أن تطالب الدول الشقيقة في دعم العراق لمواجهة الارهاب، وأن تساهم في دعمه للحفاظ على وحدة ترابه وسيادة قراره السياسي، وتؤكد بان العراق ماض في بناء تجربته الديمقراطية الوليدة ويطمح ان يقدم نموذجا ديمقراطيا حيا يمكن ان يُحتذّى به في المنطقة، وتكشف عن أن العراق يملك موقعا ستراتيجيا فذا، يمكن ان يجعل منه جسر تواصل بين العرب والاخرين، وان له علاقات ستراتيجية مع اكبر دولة في العالم، وبدل ان يبالغ صاحب الكلمة ليدعي بان العراق (طرد) المحتل و(أخرجه) يشير إلى خروج القوات الامريكية جاء بعد تفاهم سلس، واستبدل بمعاهدة ستراتيجية تعود بالخدمة والفائدة على كلا الطرفين، وعلى صعيد الانجاز الامني ينبغي الاشارة الى هناك مستوى جيدا من الانجاز الامني، ولكن ليس بمستوى الطموح، والمستقبل سوف يشهد عراقا آمنا مستقرا بجهود شعبه، ومؤازرة اشاقه العرب، وهو ماض في بناء قواته العسكرية القادرة على حمايته وتأمين استقلاله، وفي الاثناء لا أجد حاجة للإشارة الى دور العراق التاريخي القديم، فهذه اسطوانة مشروخة، لا تقدم ولا تؤخر، وبدل ذلك يطرح صاحب الكلمة ما يمكن للعراق أن يقدمه للعرب والعالم خاصة وانه دولة نفطية غنية،وهي حقيقة تزداد قوة ورسوخا اذا استقر الوضع في العراق واكتسب هويته السياسية الواضحة بشكل صارخ، وكما اسلفت أنْ لا مبرر لتوكيد عروبة العراق في الكلمة العراقية، وبديل ذلك طرح مشروع تعاون عربي على الاصعدة الاقتصادية والامنية، أي يكون هناك تضمين لعروبة العراق من خلال طرحه مشاريع التعاون بين الدول العربية، وما يمكن أن يكون بديلاً عن القول بان العراق ا جتاز المحنة الطائفية او الحرب الاهلية تكون الاشارة الى وحدة العراق واتفاق اهله على مقاومة كل محاولات إرباك النسيج الاجتماعي العراقي.
الكلمة العراقية في القمة العراقية ينبغي ان تكون مختصرة،دقيقة،ذات عبارات واضحة،بعيدة عن الانشائية والتهويل،فقد اعتدنا ذلك من بعض الذين مثلوا العراق في مؤتمرات متنوعة، إذ يصب الخطاب على الماضي القديم، حيث تشخص مسلة حمرابي بوصلة الخطاب !
اذا كانت هناك ضرورة لمثل هذه الاشارة فتكون سريعة خاطفة،و من دون اسهاب واطناب.
الكلمة العراقية سوف تطرح الحوار اسلوبا حصريا في حل المشاكل بين الحكومات وشعوبها، وتحذر من التدخل الخارجي، وتصوب مبدا التفاهم عبر الكلمة وليس الرصاصة.
الكلمة العراقية في مؤتمر القمة العربية سوف تولي لمشروع التعاون العربي /العربي في مواجهة التدخلات الخارجية، وإنها لقضية جوهرية يجب أن تؤكد عليها الكلمة العراقية في مؤتمرالقمة العربية.
أكتب هذه الخواطرالسريعة والالام تاخذ مني مأخذها بكل سرور، وحاملها يتمنى الخلاص من هذه الحياة والله شاهد على مايقول.