شهد العراق اليوم ( 20 مارس 2012 ) موجة تفجيرات طالت أكثر من محافظة من محا فظات البلاد بما فيها العاصمة بغداد، وقد اوقعت هذه التفجيرات العديد من القتلى والجرحى، وفيما بات الناس يتوقعون ما هو أسوأ انبرى أكثر من مسؤول عراقي ليؤكد للعراقيين والعالم بان هذه التفجيرات تهدف إلى إفشال عقد مؤتمر القمة الذي سوف يصادف تأريخه يوم 29 من الشهر الجاري.
هذه التفجيرات محاولة واضحة لمنع عقد المؤتمر في بغداد، ليس في ذلك سر، ولكن ما قيمة هذا التفسير لدى المواطن العراقي وهو يرى بام عينه أن العشرات بل المئات من أبناء وطنه قتلى وجرحى، وربما فيهم قريب له أو صديق أو زميل عمل؟
ان المواطن العراقي اليوم ليس بحاجة إلى مؤتمر قمة يعقد في عاصمة بلا ده بقدر ما هو بحاجة الى أجواء آمنة مستقرة يمارس في ظلها حياته الحرة الكريمة، خاصة وقد مضى على سقوط النظام الديكاتوري ما يقارب عشرة أعوام، وكان كل أمله أن ينعم بمثل هذه الحياة التي كما يبدو أصبحت أشبه بالاماني والاحلام.
ربما يعقد مؤتمر القمة في العاصمة المنكوبة، ثلاث ساعات، خطب، تصورات لا يجمعها جامع، شكوك متبادلة، مجاملات مصطنعة، وربما لا نتيجة واضحة، ووداع مفعم بالتحيات والاماني والقبلات، ولكن على هامش القمة مئات من القتلى والجرحى من ابناء بغداد والحلة وكربلاء ونينوى، فهل حقا هنا تماهي بين المقدمة والنتيجة؟
أكثر من خمسة عشر حادث ارهابي يستقبل يوم انعقاد المؤتمر، رغم أن هناك جهودا أمنية ضخمة اشتركت بها كل قطاعات الامن والمخابرات والجيش لمنع الارهابيين من ممارسة ارهابهم بهدف منع انعقاد المؤتمر، وفيما يتساءل المواطن العراقي العادي عن أهمية هذا المؤتمر بالنسبة له وعائلته واصدقائه واقربائه وكل العراقيي بلحاظ هذه المفارقة المحزنة المدمرة، فهو يتساءل أيضا وعلى هامش هذه الحيرة ، ترى أين نضع مصداقية حديث مسؤول عراقي كبير في مقال له بجريدة الصباح، بان موافقة العرب على حضور مؤتمر القمة في بغداد لهو اشارة على أنتهاء الارهاب وإلى الابد في العراق؟
التفجيرا ت الاخيرة، بمقاربة ظرفها الزمني، اي على ضوء انعقاد المؤتمر وما صاحب ذلك من تجييش كل الممكنات العسكرية والامنية وا لمخابرا تية لمنع الخروقات الامنية، إنما تدلل بشكل واضح، أن الارهاب مازال يملك مقومات التحدي، والعمل المضاد، وما سمعناه قبل أيام بان (فلول) الارهاب تقلصت وهاجرت الى سوريا واليمن مجرد كلام ، ولا يوجد دليل علمي على صحته، واجازف لا قول أن ممكنات الارهاب وخلاياه وقواه لهي اليوم في العراق ذات مستويات عالية سواء على صعيد العدة أو العدد أو الفن .
كل ما يشهد العراق موجة ارهابية تٌفسر بأنها وقتية، وإنها دليل على النفَس الاخير للارهابيين حتى مل الناس هذه النغمة البائسة، واليوم حيث تهز العراق هذه التفجيرات والعيون الساهرة مفتوحة على سعة حدقاتها الكبيرة، ما هو جواب المسؤولين الامنيين عن ذلك؟
الظرف استثنائي، واستثنائي جدا، وا لحكومة العراقية بذلت وتبذل كل ما في وسعها من أجل اثبات قدرتها على ضبط الامن في البلد، ولكي تبرهن من خلال ذلك على قدرتها وشعبيتها وعبقريتها، ولكن وقع المحذور وبكل سهولة واقتدار من قبل الارهابيين الذين فروا خارج العراق!
هل يعني هذا أن العراق ينبغي أن يلغي مؤتمر القمة؟
لا بطبيعة الحال...
ولكن الذي نعنيه هنا بان مثل هذه المفارقة يجب أن توضع في عين الاعتبار، أي الارهاب يدك العراق وهو في أوج استعدادته الامنية والعسكرية لاستضافة مؤتمر القمة!
أليست هي ملاحظة جديرة بالانتباه؟
وهل تسا عد مثل هذه المفارقة المذهلة على تشجيع الدول الصناعية على استثمار أموالها وتكنولجيتها في العراق؟
وأين نضع ادعاء مسؤول عراقي جاءت به الصدف وسعي احدى دول الجوار بان انعقاد مؤتمر القمة العربي في بغداد برهان ارسطي راسخ على ان الارهاب انتهى في هذا البلد الجريح؟
وهل من لوم على العراقيين اذا شككوا في صدقية الامن العراقي وجاهزية القوى الامنية على حمايتهم من الارهاب الذي شهد اليوم (انتصارا) كبيرا في بلاد الرافدين؟
يبدو ان بعض المسؤولين العراقيين الكبار ينتظر أن ننسى تفجيرات اليوم وكوارثها ليعلن أن الامن في العراق نموذج يحتذى به...
رباه احفظ العراق ووفق ولاة الامر لحمايته.