ربما هو تكرار لكل الذين لايصدقون ماجرى ويجري في العراق لكن انا لست من الشيعه مرتادين الحسينيات لتفريغ الالم والحزن والماسآت عن طريق اللطم او البكاءاو الاثنان معا ولا انا من المتشددين من المذاهب السنيه الذين يجدون ملاذهم في حفظ القرآن وارتداء السراويل القصيره وقسر زوجاتهم على لبس النقاب كنوع من انواع الدفاع والتفريغ في آن واحد. انا من يؤمنون بالمجتمع المدني والعلمانيه والحريات الفردية.

سؤالي هو لماذا هذا الخراب المستمر في العراق لماذا لايحبون العراقيين بلدهم بطريقة طبيعيه وحضارية كالاخريين، لماذا هذا التخلف والجهل ''المقدس وغير المقدس'' مستمر من البدآ حتى الآن.

قد يقول البعض ان الجواب او السبب هو المجرم صدام أو الاحتلال الامريكي أو دول الجوار أو الارهابيون أو النظام الاسرائيلي و اثنين من هؤلاء مجتمعيين او ثلاث او الجميع معاً. وهذا بعيد عن الحقيقية لان قد يكون لهذا التدخل سبب لكن لايمكن ان يكون هو السبب الوحيد. وقد يقول احد ان العراق مرَ بأزمة كبيره ولسنوات طويلة بسبب حزب البعث و دكتاتوريته، لكن هناك تجارب مشابه لشعوب اخرى كاليابان والمانيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق هذه الدول مرت في تجارب ايضا قاسية بسبب الرؤيه الواحدة والفكره الواحدة وما تحمله هذه الرؤية من ابعاد مأساوية الدكتاتورية والقسوه والتشريد والموت الخ.

لماذا لاتكون مشكلة العراق الحقيقية هي في الذهنية اي في العقل الجمعي العراقي هنا لاأستثني طائفه معينة أو حزب أو دين مهما كانت الطائفة أقليه أو أكثريه.

لان مرت على العراق أحداث لايمكن ان يعقل لها اسباب اخرى للمثال لا للحصر كيف يعقل خروج تظاهرة مليونيه تؤيد رجل دين محدود الافق والمعارف وحتى محدود الانسانية. كيف يعقل ان يحتضن العراقيين مئات من الارهابيين القادمون من خارج العراق لقتل المواطن العراقي! كيف يقبل الشعب او ينتخب سياسيين معظمهم بسطاء وليس لهم اي دراية او علاقة بالسياسه لامن قريب ولا من بعيد! كيف يقبل هذا الشعب برئيس حكومه عباره عن دكتاتور صغير وبرئيس للدولة محدود الأفق وتاريخه ملئ بالتقلبات!

لماذا هذا النهب وسرقة المال العام والخاص والفساد الاداري المهول الذي لايستثنى مكان منه او مجموعة معينه منه(رشوه، وساطات، اختلاس، سرقة...الخ). هل المشارك في الفساد الاداري يمكن ان يكون انسان صاحب وجدان او خلق او شرف؟

لماذا الى الان وفي القرن الحادي والعشرون توجد أميه في العراق، هنا لاأقصد الأميه التقليدية التي تقتصر على كبار السن النازحيين من القرى الى المدن بل أعني ان هناك الان في العراق شباب أمي، بكل ما تحمل الكلمة من معنى - أميه معرفيه وأميه حضارية.

اين حرية الانسان في العراق الان، اين حقوق الفرد الطبيعية كالآمان والعمل والماكل والملبس وابسط الخدمات التي يجب ان تتوفر للجميع كالماء والكهرباء والتصريف الصحي.....الخ الخ

اين دور المؤسسة السياسة اين دورالمؤسسات الدينية اين دور المؤسسات المدنية ان وجدت؟ اليس من المفروض اين يكون هدف هذه المؤسسات خدمة وبناء الانسان، اين دور المثقفيين المهم في مثل هكذا مازق؟ الوضع العراقي اشبه بالمسرح العبثي او المسرح السوداوي، الذي يجمع المتناقضات والغرائب والامعقول.


سامي الجيزاني