اعداء الاسلام، عبارة نسمعها كثيرا تقال في وسائل الاعلام، سواء من خلال الحوار او يتم عنونة الكثير من المقالات بها. ولكنها عبارة ان لم تكن كاذبة حقيقة، فهي عبارة لا تتفق مع كون الاسلام رسالة، ويقول الكثير من المسلمين صادقين انها رسالة تسامح وسمو ومساواة وعدل وغيرها من الصفاة الايجابية، لا بل انني سمعت احد الدعاة يصف الاسلام بانه دين شفاف. ولا اعتقد ان هناك من يمكنه الاعتراض لوصفي الاسلام بانه رسالة، بغض النظر عن تقييمنا لهذا الرسالة. وهنا هو مربط الفرس كما يقال، ان تقييم الانسان للرسالة، وهو حق من حقوق الناس الاساسية، ان يتمكنوا من ابدأ رايهم وتقييمهم لاي مادة او فكرة او رسالة او عمل ابداعي ادبي، فني، فلسفي، ديني او غيرها. والكل سيتفق معي بان من حق الناس التقييم وابدأ الراي. اذا ابداء الراي يحتمل الايجاب والسلب، لانه لا ينتظر ان يتفق كل الناس في كل وقت على رسالة او راي معين، الا على القييم الانسانية العابرة للاديان والافكار والايديولوجيات، مثل العدالة، والمساواة، والحرية، والتي حاول البعض سلبها من الانسان بحجج تعتمد على المفاهيم العنصرية البحتة.
يقال ان الانسان عدو ما جهل، وهذه قد تكون حقيقة في المجتمعات المنغلقة، والتي تعتقد انها الافضل، وانها الانظف، وانها الاكثر انسانية من الاخر. ولذا فان القول هذا ينطبق عليها وليس على كل المجتمعات التي عملت وبجد للتخلص من الكره والعداء لاسباب مجهولة او لمجرد الاختلاف. وادركت ان الاختلاف هو سمة الطبيعة، اي هو طبيعي وليس امرا شاذا مرذولا، ان الكثير من الاختلافات التي تحدث في المفاهيم الاجتماعية والثقافية هي نتيجة للبيئة المعاشة، ولذا فمن الطبيعي ان يختلف الياباني عن الهندي او عن الشرق اوسطي او عن الاوربي.
الموقف من الاسلام مهما وصفنا هذا الاسلام هو موقف مشابه للموقف من الدين اليهودي والمسيحي والبوذي والهندوسي والى ماهناك من الاديان. فاما ان تقبله وتؤمن به، او ترفض الايمان به. اما ان تسانده وتحاول ايجاد كل ما يؤيد هذا الايمان او تحاول اثبات انه غير صحيح وغير سليم. والمسيحية واليهودية كديانة وليس كمجموعة بشرية وغيرها من الاديان تتعرض يوميا لمئات المواقف الناقدة او الناسفة او حتى افلام فكاهية وتقليد يقلل من قيم هذه الاديان، وهذه المواقف تندرج في باب حرية الراي، اي كل حر برأيه ويقول في المعروض ما يرتأيه. لم اسمع اعداء المسيحية، علما ان المسيحيين تعرضوا للمذابح الكثيرة جراء عقيدتهم هذه، ومنها مذابح شابور الثاني التي امتدت طيلة مدة حكمه البالغة اربعون سنة، ضد مسيحيي مابين النهرين (العراق) وايران. ورغم ان الملوك الاشوريين سبوا اليهود، فلم يعتبروا اعداء اليهودية. ولا يترردد حاليا اي تهمة بمعاداة المسيحية، او الايحاء بان المجموعة الفلانية تريد محو المسيحية، رغم ما تشاهدونه في العراق وسورية ومصر،ومن منع بعض البلدان من اقامة الشعائر الدينية للمسيحيين المقيمين فيها.&
يقال مثلا ان الغرب يعاني من فوبيا الاسلام، وفي الغرب التبشير بالاسلام وكل الاديان الاخرى حر، في حين انه لا يذكر شيئا عن فوبيا منطقتنا من كل الاديان، حتى ان الاديان التي تعتبر جزء من تاريخ المنطقة مثل المسيحية واليهودية ممنوع التبشير بها، ويتم التضييق على ممارسة شعائرها، وهناك منظمات تحضى بالدعم تقوم بقتل اتباعها. هذا ناهيك عن التبشير بديانات اخرى فمن يا ترى لديه فوبيا من الاخر؟ ومن يظهر العداء للاخر؟
واذا كان هناك خوفا ما،فهو ليس من تعاليم الاسلام العظيمة كما يقال، فالناس لا تخاف التعاليم العظيمة والتي ترقي بالناس وباسلوب حياتهم ان كانت هذه هي غاية تعاليمه، بل تقبل عليها لكي تتعلم منها وان لم تنتمي بشكل كامل الى منظموتها، وهذا واضح من الاقبال على الاطلاع على كل ما يتعلق بالكونفوشيسية والبوذية والهندوسية والكثير من التعاليم الدينية او المذهبية او حتى الافكار السياسية والفلسفية. ولكن الخوف هو من ممارسات معينة تحدث الان او حدثت في التاريخ وتصريحات مستفزة، من هنا وهناك تاخذ طريقها الى الاعلام، والناس يقارنون بين هذه التصريحات وما حدث سابقا. لا اعتقد انه يمكن ان يتم نكران ان الاسلام في الغالب انتشر بواسطة السيف، اي باحتلال وغزو البلدان، ومرد ذلك لم يكن فقط نشر الاسلام، بل جلب الرخاء والاموال ورفد ميزانية الدولة او لنقل الخليفة او الامير بالاموال. فلم ينتشر الاسلام في الجزيرة اي خارج يثرب الا بالغزوات المتتالية. نعم حدث فيه حراك اجتماعي، حيث قام البعض ممن لا خلفية عشائرية قوية لهم، بالانتماء اليه، لانه كون الية جديدة لمقام الناس وهي الايمان بما يقول او قال نبي الاسلام والقران، والمشاركة في الغزوات والابتلاء فيها، مما رفع من منزلة الكثيرين ممن لم يكن لهم حسب ونسب ما، ولكن الغالب ان الايمان كان غاية لتحقيق الرخاء. ولم ينتشر في بلاد النهرين والشام ومصر وما بعدها الا بالسيف وبالغزو، ومن هنا فان الطابع الاولي الذي اخذ عليه هو العنف الدموي، وهذا الامر يمكن الاطلاع عليه في الكتب. اما ما يتم قوله ويتنشر بسرعة فهو متاح امامكم في الفيديوهات التي يتم من خلالها ليس تكفير غير المسلمين فقط، بل فئات ومذاهب ورجال ونساء من المسلمين ايضا، والتكفير تلحقه عقوبة القتل حتما، والقتل يمكن ان يقوم به اي مسلم، وليس هناك عقوبة لقاتل الكافر، بل هو موعود بالجنة وما فيها.&
بعد تحرير الكويت اقدم شخص كويتي على اعتناق المسيحية واعلن ذلك، وقامت الدنيا ولم تقعد، كما يقول المثل وتجندت المؤسسة الدينية والدولة كلها من اجل اقناعه للرجوع عن ما اقدم عليه، وهذه وغيرها من الممارسات تجعل الناس تفكر اذا الاسلام او على الاقل المسلمين لا يؤمنون بحرية العقيدة.في حين انه في الدول الكافرة يؤمن الانسان باي دين ويعلن او لا يعلن ولا احد عليه سلطة ما. في الدول الكافرة ستجد القران مترجما ترجمة انيقة ويباع او يوزع احيانا ولا احد يعترض، وفي هذه الدول الكافرة يتم بناء الجوامع والمساجد، علما ان الاسلام لم يكن من اساس التنوع السكاني فيها، ولا من معترض الا بما يخالف القانون مثل الصوت العالي الذي يؤثر على راحة الناس، او تشويه صورة العمارة المحددة مسبقا كنوع من الحفاظ على التراث من قبل البلديات.
وفي الدول الكافرة او الغربية ستجد الفتيات المحجبات في الشوارع، وقد يحدث نوع من التحرش او الاستفزاز من البعض تجاههن ولكن ذلك امر يعاقب عليه القانون، ولكنه معلن ومدان من المجتمع او الغالبية باعتبار ان الحجاب حرية شخصية، ولكننا نعلم انها في الغالب ليست حرية شخصية بل فرض من العائلة وفي الغالب الزوج او الاخ او الاب. والبعض حتى يدافع عن النقاب باعتباره حرية شخصية، رغم انه يمكن ان يسهل تمرير الكثير من الامور الجرمية.
في المقابل يشكل المسيحيون واليهود والازيدية والمندائيون، والكاكائيون ومذاهب اسلامية اخرى مثل العلوية والدرزية، كما ذكرنا جزء من المكون الاساسي للسكان ان لم يكونوا هم الاقدم حقا في المنطقة، وفي اي مناقشة يتم تعيير الكل ان بقاء هذه الاقليات هو نتيجة للصدر الرحب للمسلمين، ويقارنون بما حدث للمورسكيين وكان المسيحيين كانوا سبب نزوحهم واضظهادهم. لا بل يقارونون بمصير الهنود الحمر وكان المسيحيين الشرقيين مثلا هم امريكيين وسبب تحول الهنود الحمر عن ديانتهم. ولكن لا احد يقول ما مصير مسيحيي المنطقة وما مصير الازيدية وما مصير غيرهم ممن عانوا المذابح تلو المذابح. ولا احد يقول لماذا لا يحق للمسيحي كمثال التبشير بدينه. وهل ننسى ماذا حدث حينما تم السماح للايرانيين لدخول مصر، على المستوى الشعبي، لقد علت الاصوات محذرة من تشييع مصر. اي لماذا يكون المؤمنين بالاديان الاخرى، قاصرين في ايمانهم، انهم يؤمنون ولكن لا يحق لهم ان يبشروا بما يؤمنزم به؟ الا ترون ذلك مفارقة غاية في الغرابة؟ انهم سيقولون انهم في بلد اسلامي، ولكن ما معنى بلد اسلامي، هل لمصطلح بلد اسلامي معنى محدد؟ اذا قيل ان يجب احترام عقيدة الاغلبية، ماذا نعني باحترام عقيدة الاغلبية، هل يعني عدم القدرة على انتقادها، ام يعني الخضوع لتعليماتها والتي في الغالب تتعارض مع معتقدات الاخرين، وفي هذه الحالة اين الحرية الاخرين؟ اين حريتهم في اقامة صلواتهم ونشر كتبهم واظهار رموزهم؟ وهل ينطبق هذا على الدول الاخرى، يعنيى هل يحق للهند ان تعلن محرمات او حدود على المسلمين كمثال باعتبار الهندوسية دين الغالبية؟
الحقيقة التي يجب ان نقرها ويقرها الكثيرين ان الاسلام هو الذي يعادي الاخرين، وبالدليل القاطع، ان الاخرين ينتقدونه كما ينتقدون بقية الاديان، الا انه الدين الوحيد الذي يريد امتياز عدم انتقاده او مهاجمته. انه الدين الوحيد الذي يقر بوجوب بقاء المسلم على ما كان عليه اباءه من عقيدة دينية تحت طائلة الحكم بالردة عليه. ان اي انتقاد للعقيدة الاسلامية يعتبر هجوما، يجب ان يقطع دابره من الاساس. من هنا فان ما يحدث وما حدث في باريس وهولندا وكوبنهاكن وغيرها نابع من عدائية التعاليم التي تفسر الاسلام على الاقل. ان لم نقل عدائية الاسلام ككل.&
التعليقات