كان المفروض ان تمتد سلطة رئيس اقليم كردستان"مسعودبارزاني"الى كامل اراضي الاقليم ومن ضمنها المناطق التي يسيطر عليها حزب"طالباني"بموجب نتائج الاستفتاء الجماهيري الذي اجري في الاقليم عام (2009) والذي حصل"بارزاني"بموجبه على نسبة 69% من اصوات الناخبين، ولكن في الحقيقة والواقع لم يكن لدى"بارزاني"اي سلطة فعلية على نصف تلك المناطق، بل كانت ادارته لها رمزية وتشريفية وبدون صلاحية تذكر..والعجيب ان"بارزاني"رغم معرفته بهذه الحقيقة، لم يعترض ولم يتذمر ولم يطالب يوما ما باستحقاقه الانتخابي والقانوني، بل ظل يعيش ويتعايش مع هذا الواقع"المجتزء"ويمارس مهامه بكل اريحية، دون ان يتطرق اليه ولو باشارة واحدة، لانه الزم نفسه باتفاق"استراتيجي"مع حزب"طالباني"وبموجب هذا الاتفاق تم اقتسام"كعكة"الاقليم بينه وبين"طالباني"مناصفة، وفق اللعبة المشهورة"هذا لي وهذا لك!"(منصب رئيس الاقليم ل"بارزاني"ومنصب رئيس الجمهوريةلـ"طالباني"ورئيس الحكومة للحزب الاول ورئيس البرلمان للثاني وهكذا دواليك، لم يبق منصب ولا وظيفة الا وقسموها فيما بينهما بالمساواة دون ان يشاركهما احد، بدءا من وظيفة الغفير الى منصب الوزير.. فالتقسيم الذي يحذرون منه اليوم ويتخوفون من عواقبه الوخيمة، فانه قد تم على يد هذين الحزبين عمليا بعد الاتفاقية التي عقد بينهما في واشنطن عام 2008 باشراف الولايات المتحدة الامريكية، واستمر الحزبان باحتكار السلطة في الاقليم وفق هذه الاتفاقية، الى ان برزت في الساحة السياسية حركة"التغيير"المعارضة التي انشقت عن حزب"طالباني"، واستطاعت في فترة قياسية ان تقفز الى الواجهة وتشكل تحديا صارخا لكلا الحزبين الحاكمين اللذين قررا الرضوخ للامر الواقع وفتح الابواب بوجهها للمشاركة في السلطة، وكان لدخول الحركة في الحكومة الجديدة، ايذانا بانتهاء التحالف الاستراتيجي القائم بين الحزبين الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعودبارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، وقد حاول حزب"بارزاني"ان يستغل العلاقة المتدهورة بين الحركة وبين الحزب الام الذي انشقت منه، ليتقرب منها ويتودد لها، ويعطيها من المناصب والوظائف الحكومية اكثر من استحقاقها الانتخابي، ولكن يبدو ان الرياح جرت بما لا تشتهي سفن"بارزاني"، فقد انتفضت حركة"التغيير"على نحو مفاجيء وغير المتوقع، وراح يشكل تحالفا برلمانيا مع الاحزاب الكردية الثلاثة وعلى رأسها عدوته اللدودة حزب طالباني الذي بدأ يلملم نفسه المبعثرة ويستعد لمواجهة غريمه التاريخي، فانتهز فرصة انتهاء الولاية الاضافية للرئيس"بارزاني"دستوريا، ليثير ازمة داخل البرلمان وخارجه.. وما زال اللغط قائما بين فريقين ؛ فريق يصر على تغيير نظام الحكم من الرئاسي الى البرلماني وعدم التجديد للرئيس"بارزاني"، ويتكون هذا الفريق من الاحزاب الكردية الاربعة المتحالفة داخل البرلمان، بينما يقف فريق"بارزاني"امام مطالب الاحزاب الاربعة ويدعو لتمديد ولاية اخرى مدتها اربع سنوات للرئيس بارزاني ويرفض رفضا قاطعا اي مساس بصلاحياته الثابتة، والعجيب ان كلا الفريقين يتمسكان بموقفهما ولا يقدمان اي مشروع توافقي لحل الازمة التي تتصاعد وتتفاقم كلما اقترب موعد انتهاء فترة الرئاسة في 19 آب المقبل.

برأي ان لم تعالج الازمة بسرعة وفق آليات توافقية بين الطرفين داخل البرلمان، سوف تمتد آثارها المدمرة الى المرافق الحيوية للمجتمع الكردستاني وقد تنسف المكاسب الوطنية التي تحققت بعد 2003 من اساسها، ومن اجل ايجاد منفذ قانوني لحين الاستفتاء على الدستور وايجاد طريقة لمعالجة مسألة رئاسة الاقليم، اقترح ان يعين مسعودبارزاني رئيسا للاقليم لتصريف الاعمال بكامل الصلاحية المخولة له ولفترة لاتقل عن السنتين.

على الفرقاء السياسيين التخلي عن اصرارهم وتعنتهم باسرع طريقة وايجاد حل مشترك قبل فوات الآوان..&

&