نبيل شـرف الدين من القاهرة: كانت الدعوة إلى دعم حكومة الخرطوم، وإقرار الأمن في إقليم دارفور، وتمديد المهلة التي حددها قرار مجلس الأمن الدولي، هي القواسم المشتركة في كل الكلمات التي تليت خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي اختتم أعماله الليلة بمقر الجامعة العربية في القاهرة، برئاسة عباس الفاسي وزير الدولة المغربي للشؤون الخارجية، الذي ترأس بلاده هذه الدورة لمجلس الجامعة، قد افتتح الجلسة مرحباً بمشاركة يان برونك الموفد الخاص للامين العام للامم المتحدة، ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي الفا عمر كوناري، كما دعا الوزير المغربي أيضاً إلى تحرك عربي عاجل على محورين رئيسيين هما المحور الإنساني والأمني.
وأشاد الوزير المغربي بالجهود التي قامت بها الحكومة السودانية لحل أزمة دارفور، موضحا أنها اتخذت خطوات عدة لمعالجة الوضع في إقليم دارفور بدءا باعلان العفو العام والدعوة لعقد المؤتمر الجامع للسلام والتنمية بهذا الاقليم، معتبرا أن السماح بتواجد المراقبين الافارقة والقوة التي تتولي حمايتهم وازالة كل العوائق التي تقف امام نشاط المنظمات الانسانية في المنطقة، وفتح باب الحوار مع حركتي حاملي السلاح دليلا على على جدية الحكومة السودانية في البحث عن ايجاد حل سياسي يتماشى مع الاتفاق المبرم مع الأمم المتحدة.
من جانبه, قال عمرو موسى امين عام الجامعة العربية ان مجلس الجامعة ينعقد بناء على طلب من السودان على المستوى الوزراي في دورة طارئة لتدارس الوضع في دارفور من مختلف جوانبه بهدف بلورة موقف يسهم في حل الازمة الراهنة بابعادها المتداخلة الانسانية والسياسية والامنية، موضحاً أن الجامعة تابعت الازمة منذ تفجرها , حيث اوفدت بعثة رسمية للوقوف على الاوضاع في دارفور.
ومضي موسى قائلاً إن مهمة البعثة شملت زيارة السودان حيث عقدت لقاءات مع الوزراء والمسؤولين في الخرطوم بالاضافة إلى زيارات ميدانية إلى شمال دارفور الفاشر وجنوب دارفور نيالا وغرب دارفور جنينة لتفقد الاوضاع في الولايات الثلاث وفي مخيمات النازحين ولقاء المسئولين الحكوميين والعاملين في مجال الشؤون الانسانية .
وأوضح موسى أن تقرير البعث المعروض امام وزراء الخارجية تضمن عرضا لاسباب وابعاد الازمة وتطوراتها، وما اسفر عنه من مشكلة انسانية حادة خلفت عددا كبيرا من النازحين واللاجئين اضافة إلى انتهاكات لحقوق الانسان, مؤكدا أن البعثة لم تلمس خلال تفقدها الواسع للاوضاع اية ادلة على تطهير عرقي او عمليات ابادة جماعية.

تحرك الجامعة
وأشار موسى إلى أنه من خلال الجهود المبذولة وعبر متابعة الجامعة العربية لأزمة دارفور تم التأكيد على النقاط التالية :
أولا : الترحيب بالخطوات المتخذة من قبل الحكومة السودانية لتنفيذ تعهداتها بموجب إتفاقها المؤقت في الثالث من شهر يوليو الماضي مع الامين العام للامم المتحدة بشأن تسوية الازمة في دارفور والخاصة بما يلي :
ـ رفع القيود المفروضة على تأشيرات دخول وحركة العاملين في الحقل الانساني ومعالجة وتسجيل المنظمات غير الحكومية , إضافة إلى رفع الحظر عن إستيراد وإستخدام كل مواد العون الانسانية ووسائل النقل والاتصال.
ـ نشر قوات الشرطة ودعم الجهاز القضائي في ولايات دارفور وخاصة في مناطق التجمعات الخاصة بالنازحين, وتشغيل لجنة مستقلة للتحقيق في إنتهاكات حقوق الانسان وتيسير عملها والسماح بنشر مراقبين لحقوق الانسان في دارفور.
ـ إيفاد لجان تحقيق برئاسة قضاة سيدات لتلقي الشكاوي المتصلة بالاغتصاب , وذلك تنفيذا لالتزاماتها وتعهداتها القاضية باتخاذ الاجراءات اللازمة لانهاء الافلات من العقاب , إضافة إلى إجراء تحقيق حول إنتهاكات حقوق الانسان.
ـ بدء عمليات العودة الطوعية للنازحين ـ حيث بلغ عدد النازحين الذين عادوا نحو مائة وخمسين الف شخص ـ وإعتقال عدد من عصابات الجنجويد وتقديمهم للعدالة والحكم على بعضهم باحكام قضائية كمقدمة لحملة واسعة لنزع سلاح الميليشيات الخارجة عن القانون وتقديمهم للعدالة.

ثانيا : الترحيب بالخطوات التي قطعتها الحكومة السودانية لعودة الاوضاع إلى طبيعتها بدارفور, داعيا إلى العمل على إستكمال نزع سلاح الميليشيات الخارجة عن القانون وتقديم المتهمين بإرتكاب جرائم في مجال حقوق الانسان إلى المحاكمة وذلك بالتعاون القائم مع الاتحاد الافريقي والمفوضية السامية لحقوق الانسان.

ثالثا : دعوة المجتمع الدولي وخاصة مجلس الامن إلى تقديم الدعم اللازم وإتاحة الاطار الزمني المناسب للحكومة السودانية لتمكينها من تنفيذ تعهداتها وإلتزاماتها الموقعة مع الامم المتحدة والتي تعتبر كوثيقة هامة مترتبة على قرار مجلس الامن الاخير.

رابعا : مناشدة الدول الاعضاء في الجامعة على مواصلة وتكثيف دعمها الدعم اللازم للحكومة السودانية لتمكينها من معالجة وتسوية الازمة في دارفور, خاصة في المجالات الانسانية العاجلة والامنية والسياسية لتجنيب السودان أي مضاعفات أو تعقيدات تنجم عن هذه الازمة .

خامسا : أهمية الدعم العربي وتأييد جهود الاتحاد الافريقي وقيادته الرامية لحل الازمة بعيدا عن التلويح بالتدخل العسكري الاجنبي, خاصة وان عددا من الدول الافريقية الاعضاء بالجامعة العربية سوف تشارك بفاعلية مع فريق المراقبين لوقف إطلاق النار وربما بقوة حماية أفريقية, وكذلك في دعم مسار التفاوض بين الحكومة السودانية وحركتي التمرد.

أرض السلام
من جانبه قال ألفا عمر كوناري رئيس المفوضية الافريقية إن السودان دولة تضم العديد من المواطنين الذين ينحدرون من اصول كثيرة خاصة من جنوب افريقيا , مشيرا إلى أن السودان دولة تقع بين القارة الافريقية والشرق الاوسط، مؤكداً أن الحكومة السودانية تحاول الان حل هذه المشاكل المحلية التي لم تحل في حينها , مؤكدا ان الصراع الطويل في الجنوب به الكثير من الدروس التي يمكن ان نستقيها بالتقدم إلى الامام وهو ما تحاول الوحدة الافريقية ان تفعله، وأضاف قائلاً "نحن شركاء بالكامل في الامم المتحدة ونسمع صوتنا هناك، صوتنا سيكون اكثر قوة لاننا اكثر وحدة الان واكثر تضمانا، ونحن المسؤولون عن الوحدة الافريقية وعن مصير افريقيا ومصير بلادنا.
واختتم كوناري كلمته قائلاً إن سكان دارفور البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة, يعيشون في "أرض السلام"، وانه من الصعب تحديد العربي وغير العربي الذي يعيش في السودان، كما دعا إلى اتخاذ موقف موحد امام هذا الوضع المتأزم في السودان , مشيرا إلى ان تدهور الوضع في دارفور لم يكن نتاج اليوم فقط بل له اسباب طويلة ضاربة في عمق التاريخ.