انقرة: يصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى تركيا خلال الاسبوع الحالي في زيارة تاريخية تأمل انقرة ان تساهم في تحسين العلاقات السياسية بين البلدين تمشيا مع التطور الكبير في العلاقات الاقتصادية بينهما. وتعد زيارة بوتين لتركيا يومي الخميس والجمعة المقبلين اول زيارة لرئيس روسي منذ 1972. وصرح دبلوماسي تركي رفيع المستوى "بان الوصول سياسيا الى مستوى العلاقات الاقتصادية" مضيفا أن عدم حدوث زيارات لمسؤولين روس كبار على هذا المستوى لفترة طويلة "امر مؤسف في الوقت الذي شهد فيه التبادل الاقتصادي في الآونة الاخيرة زيادة بنسبة 30 بالمائة".

يذكر ان حجم التجارة بين الدولتين انتعش منذ نهاية الحرب الباردة، والتي كانت خلالها حدود تركيا، وهي عضو في حلف شمال الاطلس (الناتو) مع الاتحاد السوفياتي سابقا تشهد توترا عاليا. وقدر حجم التجارة بين البلدين في 2003 بستة مليارات وثمانمئة مليون دولار (8.6) ومن المتوقع ان تصل الى تسعة (9) مليارات دولار بحلول نهاية العام الحالي.

وتعد روسيا المصدر الرئيسي للغاز الطبيعي لتركيا مع وجود خطي انابيب للغاز بينهما احدهما تحت مياه البحر الاسود. ويقوم متعهدون اتراك بتنفيذ مشاريع تقدر بملايين الدولارات في روسيا، فيما اصبحت تركيا الوجهة الاجنبية المفضلة للروس لقضاء اجازاتهم.

وعلى الرغم من ذلك، فان العلاقات السياسية بين الطرفين تشهد عقبات في الكثير من الاحيان. فقد اتهمت موسكو انقرة، مرارا في الماضي، بغض النظر عن تحركات المقاتلين (المتمردين) الانفصاليين الشيشان، فيما ردت انقرة بان الاراضي الروسية توفر ملجأ للمتمردين الاكراد.

كذلك يشكو الروس من ان تركيا تقوم، عن قصد، بتحديد حركة الناقلات عبر مضيق البوسفور، الذي يعد منفذ رئيسيا للنفط الروسي للاسواق العالمية، وذلك في الوقت الذي قارب فيه العمل على مد خط انابيب نفطي، تدعمه الولايات المتحدة، لنقل النفط من اذربيجان عبر تركيا على الانتهاء.

ويدعم المنادون بالمحافظة على البيئة ما اعلنته انقرة من ان الممر المائي الضيق (مضيق البوسفور) يشهد حالة من الاكتظاظ في حركة الناقلات وان وقوع حوادث لناقلات النفط يهدد اسطنبول، المدينة التي تعج بالحركة وتقع على ضفاف البوسفور.

وقال الدبلوماسي "هذا قيد فرضته الطبيعة وليس نحن. وهناك خياران لتوسعته (المضيق)اما نقل مدينة اسطنبول او استخدام الديناميت لتفجير البوسفور وجعله اوسع". واضاف الدبلوماسي ذاته "على الرغم من ان الروس يواصلون الشكوى بين الحين والاخر، فان عليهم ان يدركوا انه لا يوجد هناك شيء يمكن عمله. يتعين تطوير بدائل جديدة".
وذكر ان موسكو تسعى للحصول على تأييد انقرة لمد اخط انابيب عبر الجزء الشمالي الغربي من تركيا، اطلق عليه اسم طريق "عبر تراقيا" (تراقيا منطقة تقع الى الشمال من بحر ايجه وهي مدينة تاريخية قسمت بقاياها بين تركيا واليونان في العصر الحديث) ويتجنب المرور من البوسفور في نقل النفط عبر بحر ايجه والبحر الابيض المتوسط.

اما فيما يتعلق بالشيشان، فان تركيا رفضت الاتهامات الروسية لها بغض النظر عن حركة الانفصاليين الشيشان على اراضيها، كما عبرت مرارا عن دعمها لوحدة الاراضي الروسية. وقد وقع البلدان ثلاث اتفاقيات حول محاربة (مكافحة) الارهاب، وهو التعبير الذي تستخدمه الدولتان لوصف المتمردين (المقاتلين) الاكراد والشيشان.

ويقول الدبلوماسي "هناك مشاورات مستمرة في ما يتعلق بالارهاب، وعندما يقوم اي طرف بالمطالبة باتخاذ اجراءات، يقوم الطرف الاخر بتلبيته." ويضيف الدبلوماسي "لا يوجد لتركيا اليوم مشاكل سياسية مع روسيا"، مضيفا "ان مستوى الثقة بين الطرفين ازداد بشكل ملحوظ (في الوقت الحاضر) اذا قورن بما كان عليه في الماضي".
وطبقا لمصادر رسمية، فان من المقرر ان يوقع الرئيسان الروسي بوتين والتركي احمد نجدت سيزر على اعلان "لتعزيز الصداقة والشراكة المتعددة الاوجه".

كذلك من المرجح ان يتم التوقيع على اتفاقيات للتعاون في مجالات البحث والانقاذ البحري، والصناعة الدفاعية ، والغاز الطبيعي والتجارة. وعقب مباحثاته في انقرة، سيتوجه بوتين الى مدينة ازمير الغربية لزيارة معرض صناعي دولي يقام هناك.