حيدر بن عبدالرضا من مسقط: قالت مصادر مطلعة إن مشكلة الطلبة العمانيين الذين يدرسون في الأردن لا تختزل فقط في قضية شجار بين طلاب أردنيين وعمانيين كما أوردت ذلك وكالة الأنباء الأردنية (بترا) ، مشيرة الى ان الامر تحول الى " قضية" يعانيها الطلاب العمانيون كمعظم الطلبة الخليجين الآخرين الدارسين في الأردن خلال السنوات الماضية ومنذ مبادرة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بغزو الكويت، وما تلا ذلك من بعض التداعيات السلبية على الأردن، خاصة بعد رجوع معظم الفلسطينيين الذين كانوا يعملون بالكويت إلى عمّان واستقرارهم فيها الأمر الذي أوجد حالة اقتصادية وسياسية جديدة.
و يلخص شاب عماني كان يدرس في الأردن عام 1994، ومن ثم انتقل إلى بريطانيا لمواصلة دراسته، المشكلة قائلاً " تركت عمّان بسبب المضايقات اليومية نتيجة للمعاملة غير اللائة التي يلقاها الطلبة الخليجيين من بعض الأردنيين منذ عام 1990، مشيراً إلى أن نظرة بعض المسؤولين في الجامعة كالدكتور والعميد لا تختلف عن نظرة سائق التاكسي أو البقال لطالب خليجي يمتلك سيارة حديثة يقودها في شوارع عمّان، فهؤلاء يرون بأننا كخليجيين عامة جئنا إلى بدلهم للترفيه والاستمتاع وليس من أجل العلم، وأن هذه الثروة التي تمتلكها الدول الخليجية يجب تقسيمها بين الدول العربية.
ويضيف هذا الشاب أن الحربين الأولى والثانية على العراق رسخت مفاهيم جديدة عند بعض الأردنيين بحيث كان من جراء ذلك أن أصبح بعض الطلبة الخليجيين ضحايا ، مشيراً إلى أن هناك اعتداءات وقعت على بعض الطلبة الخليجيين دون أن تبادر الجهات المعنية في الشرطة والجهات الأمنية بمتابعة هذه القضايا الجنائية، إضافة إلى حدوث سرقات لسيارات بعض الطلبة الخليجيين في أماكن يقطنها هؤلاء الطلبة في مناطق معروفة لهم دون أن تتحرك تلك الجهات بالتحقق منها، الأمر الذي أدى بالطلبة إلى إبلاغ قضاياهم للجهات الدبلوماسية والملحقيات الثقافية التابعة لدولها.
ويرى بعض المسؤولين في وزارة التعليم العالي في سلطمة عمان الذين تحدثت إليهم "إيلاف" أن قرار السلطنة بعدم إبتعاث الطلاب الجدد إلى الأردن نابع من بعض الدواعي الأمنية دون ذكر هذه الدواعي، خاصة بعد تعرض أبناء بعض المسؤولين في السلطنة لاعتداءات وبعض السرقات المتتالية. كما أن قرار منع البعثات الدراسة المتوجهة إلى الأردن الصادر عن وزارة التعليم العالي في السلطنة ساري المفعول على جميع الطلبة سواء بالنسبة للطلبة العمانيين الذين يدرسون على حساب الحكومة العمانية أو على حسابهم الخاص. وأن هذا الأمر في النهاية يعود لأولياء أمور الطلبة، فاذا رغبوا إرسال أبنائهم بمواصلة دراستهم على نفقتهم الخاصة فسوف يتحملون مسؤولية قرارهم، ويتحمل الطالب عندئذ مسؤولية دراسته وحياته المعيشية هناك، في حين أن الطلبة القدامى سوف يواصلون الدراسة في الجامعات الأردنية إذا رغبوا في ذلك.
و أدت هذه القضية وقرار السلطنة بوقف إرسال البعثات إلى الأردن إلى قيام وزير التعليم العالي الأردني بزيارة إلى السلطنة منذ بضعة أشهر مضت من أجل بحث هذه المشكلة، والاستماع إلى وجهات النظر العمانية، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية القائمة بن البلدين منذ السبعينات. كما استهدفت الزيارة إلى بحث السبل الكفيلة لعودة المياه إلى مجاريها، إلا أن نتائج هذه الزيارة متوقفة على قرار السلطنة إما بإعادة الاستمرار في إرسالها البعثات أو توقفيها وفق القرار الأخير.
أما من الجانب الأردني فقد أخذت القضية اهتماما كبيرا حيث شكل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من جانبه "لجنة تحقيق ملكية رفيعة" برئاسة الأمير غازي بن طلال والذي يعد المسؤول الأول عن شؤون الجامعات الأردنية للنظر في تداعيات هذه القضية وفق ما ذكرته وكالة " بترا"، مؤكدة أن العاهل الأردني عبر عن انزعاجه الكامل واستيائه البالغ من تعرض بعض الطلبة العمانيين للضرب والاعتداء تفاديا للأضرار بالعلاقات السياسية والاقتصادية التي تجمع بين الأردن والسلطنة. كما أن تشكيل جلالته لهذه اللجنة هدفه إيصال رسالة للمسؤولين إلى العمانيين مفادها حرص الدولة الأردنية على رعاية وسلامة طلبة السلطنة على الأراضي الأردنية كما أشارت إليها الوكالة.
والمشكلة المثارة حاليا أثيرت أيضاً من قبل بعض الجهات الإعلامية الكويتية حيث تناولت وسائلها قضية مماثلة نتيجة لتعرض بعض الطلبة الكويتيين الدارسين في الأردن إلى مشاكل ضرب وسرقات عدة لم تلق الاهتمام الكافي من الجهات الأردنية ومتابعتها.
وهناك مساعي أردنية مبذولة على مختلف المستويات لإيجاد حلول ناجعة لقضايا الطلبة الخليجيين الدارسين في الأردن عامة ومع سلطنة عمان بصفة خاصة حيث يدرس هناك أكثر من 3500 طالب وطالبة عمانية، خاصة وأنه في حالة توقف تلك البعثات الدراسية الخليجيية إلى الأردن فإن الخاسر الأكبر هو الاقتصاد الأردني الذي يمثل قطاع التعليم والثقافة فيه أحد الأعمدة الرئيسية المغذية أيضاً لقطاع الخدمات ومنها القطاع العقاري والسكني والسياحي أيضا.
يذكرأن العلاقات العمانية الأردنية جيدة على مختلف المستويات، وخاصة التعليمية منها. فالأردن حتى القرار الأخير لوزارة التعليم العالي في السلطنة بوقف إرسال البعثات الطلابية إليها كانت تعتبر من أكثر الدول التي يوجد فيها طلبة عمانيون بسبب الخيارات الدراسية العديدة، وتعود هذه العلاقة إلى السبعينيات حيث توجهت الأفواج الأولى من الطلبة العمانيين إلى الجامعات الأردنية لمواصلة الدراسة بها.
التعليقات