مراد عباس من الجزائر: في خطوة غير مسبوقة أعلنت اليوم عائلات المفقودين المختطفين من طرف هيئات نظامية في الجزائر، في بيان حصلت إيلاف عليه ، يحمل توقيع المنظمة الحقوقية للدفاع عن ضحايا المأساة الوطنية، أنها وافقت ووقعت بأغلبية أعضائها على التعويض لفقدان احد افراد عائلاتها في العشرية الماضية، اثر توقيف المسار الانتخابي في الجزائر، بعد فوز الجبهة الاسلامية للانقاذ باغلبية مقاعد البرلمان، وبررت هذه العائلات موقفها، بعد أن أنهكها الفقر والعوز وجار عليها الزمن، كما ورد في ذات البيان.

وقالت العائلات في بيانها، إنها تبنت هذا الموقف اثر محادثات أجراها وفد من الجمعية مع مسؤولي اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان الحكومية، اتلي يرأسها المحامي فاروق قسنطيني.

ورفضت هذه العائلات في ذات البيان وصفها بالخيانة من طرف من تعتبرهم " المتاجرين بالقضية"، في إشارة منها إلى الجمعية الوطنية لعائلات المفقودين، التي ترفض بشدة مبدأ التعويض، أو" مقايضة الحقيقة بالمال"، وقالت عائلات المفقودين إنها بقبولها التعويض تكون قد استرجعت احد حقوقها.

ورفضت العائلات الترويج لإشاعات مغرضة حول وجود أحياء من المفقودين، وطالبت هذه العائلات التي لم تكشف عن هويتها، من الجمعيات اللائي يعتقدن أن ذويهم لا يزالون على قيد الحياة، تقديم أدلة مادية عن ذلك.

واقترحت المنظمة على الرئيس الجزائري الذي كلف فاروق قسنطيني بمعالجة الملف وتقديم تقريره بحلول شهر مارس آذار المقبل، حلولا وصفتها بالنهائية في خطوة نحو اقفال ملف المفقودين، الذي أثار ضجة كبيرة في السنوات القليلة الماضية، من طرف جماعات حقوق الإنسان في الجزائر أو في الخارج التي مارست ضغوطا على الحكومة الجزائرية لكشف الحقيقة عن عشرات المئات من المفقودين الذين اختفوا في ظروف غامضة في الأغلب من طرف جهات أمنية، وتتعلق هذه الاقتراحات كما وردت في ذات البيان، دفع دية لكل عائلة مفقود، كما جاء ذلك في الشرع الإسلامي، وقدرت الجمعية مبلغ الدية، بمليار سنتيم أي نحو 11 الف دولار، تدفع لعائلة المفقود الاعزب، ومليار سنتيم لعائلة المفقود المتزوج ومنحة شهرية تقدر ب20 ألف دينار، مع حق ابيه وأمه وزوجته وأبنائه في الميراث.

كما اقترحت المنظمة إصدار شهادة "ضحايا المأساة الوطنية" بدلا من شهادة الوفاة، وتسوية أوضاع العائلات إداريا واجتماعيا، مع المطالبة بإنشاء وزارة أو كتابة دولة خاصة بضحايا المأساة الوطنية، مع التكفل بأبناء المفقودين المصدومين، والمساواة بينهم في الاستفادة من إعانات "الدخول المدرسي المخيم الصيفي والعلاج...الخ، مع اقتراح إدماج أبناء المفقودين مهنيا مكان أبائهم، والتكفل بأولياء المفقودين خاصة الذين تعرضوا لأمراض مزمنة، إلى جانب توقيف ملاحقات الأمن لعائلات المفقودين.

وخاطبت المنظمة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي انتخب لولاية ثانية في ابريل نيسان الماضي، بدعوته إلى التكفل بانشغالاتها من اجل تحقيق مصالحة حقيقية، وحتى يسود الأمن في الجزائر الجريحة على حد تعبيرها، واعتبرت أن حل ملف المفقودين يحتاج من الرئيس بوتفليقة إلى إصدار قرار شجاع لوضع حد لمعاناة ألاف العائلات التي تناشده التدخل" لوقف حداد سنوات".

ويعتبر عدد من المراقبين أن نص البيان هذا، سابقة أولى منذ خروج ملف المفقودين إلى العلن، بحيث يعتبر الاعتراف بوجود مختطفين من طرف هيئات نظامية، وان اغلبهم قد قتلوا في ظروف مشبوهة، بعد سنوات من النفي من طرف الجهات الرسمية، سابقة أولى بحد ذاتها خاصة وان البيان الذي صدر، جاء وبمباركة جهة حكومية، وهي اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، ورئيس آلية المفقودين التي نصبها الرئيس بوتفليقة في أيلول سبتمبر من العام الماضي.