حسام عبد القادر من القاهرة : حظى مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق على تصفيق حاد لمدة 5 دقائق متواصلين عندما أكد أن 22 سنة هى فترة كافية جدا وطويلة جدا للحكم كان يجب عليه وقتها أن يترك الحكم لغيره ويتيح الفرصة للتجديد وخاصة أنه لا يرغب أن يطرد من عمله فى نهاية حياته وأنه تعرض لإنخفاض شعبيته فى وقت من الأوقات ثم عادت شعبيته إلى الارتفاع مرة أخرى ووقتها قرر التخلى عن المنصب وسط هذه الشعبية الرائعة جاء هذا خلال اللقاء الذى نظمته أمس الأحد جمعية محبى فن صلاح طاهر بالتعاون مع جامعة الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية وقد عاب مهاتير على الموظفين الحكوميين مؤكداً أن الموظف الحكومى لا يمكن أن يدير مشروعات لأنه لا يهتم بإنجاز العمل فى الوقت المحدد له لأنه فى النهاية سيقبض راتبه فى نهاية الشهر بينما الموظف فى القطاع الخاص يعرف أنه لابد أن يعمل لكى يقبض وهو فرق كبير، وأعطى مثالاً على ذلك بما حدث فى موانى ماليزيا فعندما كانت تملكها الحكومة لم تكن تحقق عائداً قوياً بينما عندما تولى القطاع الخاص إدارة الموانى تضخمت الموانى وتنامت بشكل كبير فخلال 10 سنوات كانت السفن والحاويات تكاد تملأ الموانى الماليزية ولا يوجد موطن لقدم داخل الميناء من كثرة العمل وبالت لى حقق أرباحاً خيالية استفادت منها الحكومة أيضا، بينما فشل مصنع صغير لعمل عصائر الأناناس فى تحقيق الأرباح بسبب أن العاملين به موظفين بالحكومة فكان يأتى وقت انتهاء العمل فيتركون كل ما فى أيديهم ويغادرون العمل وبالتالى حقق خسارة واضطرت الحكومة لبيعه للقطاع الخاص.
وحول تحول مجتمع ماليزيا من مجتمع زراعى إلى مجتمع صناعى قال مهاتير أن المسألة تتعلق بالاحتياج فالحاجة فرضت على ماليزيا هذا التحول فمصنع صغير على مساحة صغيرة يمكن أن يعيش من خلاله 50 أسرة، بينما نفس مساحة أرض المصنع إذا تمت زراعتها فيمكن أن تعيش عليها أسرة واحدة فقط ولذلك كان من المهم أن نحدد هدفنا ونعرف إلى أين نسير وحاولنا زرع هذه الثقافة فى الشعب الماليزية لأن تغيير ثقافة جديدة يحتاج إلى وقت طويل وجهد أكبر
هذا وقد لاقى مهاتير تصفيقاً حاداً عندما أكد أن 22 سنة فى الوزارة هى مدة كافية جدا وكبيرة جدا كان لابد أن يترك بعدها العمل ليتولى غيره مضيفاً وضاحكا أنه لا يرغب فى نهاية حياته أن يطرد من عمله وأنه تعرض لإنخفاض شعبيته فى وقت من الأوقات ثم عادت شعبيته إلى الارتفاع مرة أخرى ووقتها قرر التخلى عن المنصب وسط هذه الشعبية الرائعة
وأضاف مهاتير أن من الأمور الهامة التى تعلمناها من الغرب الإدارة فماليزيا كانت تحت الحماية البريطانية وكانت أساليب إدارتهم جيدة وتعلمنا منهم الإدارة وكيف يجب أن تسير بشكل متسلسل صحيح حتى أننا تركنا بعض الموظفين البريطانيين فترة بعد مغادرة بريطانيا لماليزيا لنستفيد منهم
وحول معنى الحرية والديمقراطية أكد مهاتير أنه لا يوجد شئ مطلق ولا يمكن أن يكون الشخص حراً تماماً فى عمل ما يريد والديمقراطية موجودة قبل الشعوب وأننا علينا أن نصوب لأنفسنا قبل أن نصوب للآخرين، وهو ما حث عليه ديننا الإسلام، ولذلك فنحن أصوليون وهو ما يعتبره الغرب تطرفاً ولكن الأصوليون هم الذين يلتزمون بتعاليم دينهم وهو شئ جميل ليس به أى خطأ فمن حقنا أن ندافع عن أنفسنا وأن نخيف أعداءنا وأن نقرأ ونتعلم وهى قيم أساسية فى الإسلام فنحن أصوليون ولابد من الالتزام بالتعاليم الأساسية للإسلام وقد وصل الأمر بالمسلمين الآن إلى محاربة بعضهم البعض بسبب التفسيرات التى أدخلت عليهم والمذاهب المتعددة المختلفة مع بعضهم البعض وكل هذا لم يكن موجوداً أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ويشهد بذلك القرآن والسنة وإذا كانت هناك اختلافات فلابد أن نتسامح فيها ونتجاوز عنها لنكون أكثر اتحاداً ولا يتمكن أحد من تهديدنا، فدستور ماليزيا يعترف بتعدد الأعراق والديانات وهى كثيرة وعلينا أن نتعلم كيف نعيش معاً فالقرآن نص على أنه لا إكراه فى الدين ولذلك هناك تسامح فى ماليزيا بين كل الديانات والأعراق فالبرغم من وجود البوذيين والمسيحيين والمسلمين فليست هناك جرائم عرقية بل نتبادل الزيارات فى مناسبات كل منا للآخر والدستور يقول أن الدين الرسمى للدولة هو الإسلام ولكن يمكن ممارسة الأديان الأخرى دون أى مشكلة، ولكن يجب علينا كمسلمين أن نتعلم لتحسين صورة الإسلام فيجب أن ندرس العلوم والرياضيات لكى نصبح أكثر استقلالاً عن المعارف التى تأتى لنا من مصادر غربية ولذلك فنحن فى ماليزيا نركز على التكنولوجيا والرياضيات والإنجليزية فى المناهج الدراسية
وعن وضع المرأة فى ماليزيا أكد مهاتير أن المرأة هى نصف المجتمع ولا يمكن أن نستغنى عن هذا النصف وإلا شعرنا بالضعف الشديد، والمرأة فى ماليزيا تشارك فى كل نواحى الحياة مثل أى شخص آخر فنحن بحاجة للمرأة ولا نستطيع أن نستبعدها ونهملها والنساء فى عهد الرسول كانوا يشاركن فى الحروب، وأعتقد أن نفس الأمر يطبق فى مصر فأجد المرأة فى كل مجالات الحياة هنا فى مصر وحتى فى مجالات التعليم المختلفة.
وقد أعطى مهاتير مثالاً بالشعب اليابانى فأكد أن لهم نظمهم القيمية الهامة ولهم دائما دافع هام فى تحقيق العمل الذى يقومون به وفى إنتاج مواد ممتازة تنافس بقوة على المستوى العالمى، كما أنهم يقومون دائما بالاستماع إلى آراء العمال والأخذ بها وهى نقطة هامة جداً تساعد على الإنجاز ومنذ أزمنة بعيدة كان اليابانيون يقومون على بعض الصناعات الصغيرة مثل البامبو والورق والأخشاب والسراميك وهو ما كان يتطلب ثقافة كبيرة أن يعيش شخص فى بيت من ورق وبعد الحرب حسنوا من منتجاتهم بسرعة حتى تفوقوا على العالم، وخاصة فى ظل سياسة الوقت المناسب والتى تتميز اليابان بقدرتها على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب والذى لا يعرفه البعض أن بعد الحرب العالمية كان أجر اليابانى على عمله مجرد صحن من الأرز ومع ذلك تحمل واستطاع أن ينتج ويتفوق وينافس كل هذا بسبب قيمه الثقافية وهو ما يجب أن نغيره فى مجتمعاتنا وأن نفهم هذه القيم فهماً صحيحاً
وقد نبه مهاتير فى محاضرته عن تنمية الموارد البشرية عن ضرورة اكتساب المهارات والتدريب عليها من خلال القدرة على إنتاج العمل والمنتجات النهائية لأن هذه المهارات تنتقل من جيل إلى جيل فهى تتوارث بشرط أن الوجود فى البيئة المناسبة لهذه المهارات لأن القدرة على اكتساب المهارات كامنة داخل كل فرد بالمجتمع ولكن وجود العامل فى مجتمع متخلف لن يتمكن من استخراج مهاراته، والمجتمع الريفى لا يوجد لديه أخلاقيات العمل التى تتناسب مع مجتمع حضارى صناعى فليست هناك ضغوط للعمل فى أوقات محددة وبسرعة معينة فالوقت الذى يمضونه فى العمل مرن، فالعمال القرويين لابد أن يتبنوا قيماً جديدة عندما ينتقلون لمجتمعات جديدة ولكنهم يحتاجون بالتأكيد إلى المساعدة والتدريب على تنمية الموارد البشرية، هذا بالإضافة إلى ضرورة الاعتماد والتواءم على التكيف على العمل بعيداً عن الأسرة أو عن البلدة وبالنسبة للعاملات من النساء فإن المخاطر وثقة بالغرباء تؤدى إلى حوادث الاغتصاب فى بعض الأحيان وبالتالى يخشى الأهل على ترك بناتهن للخروج إلى العمل بعيداً عن الأسرة بينما تقل هذه المخاطر للبنين وهى تنحصر معهم فى إدمان المخدرات، إلا أن دولة مثل ماليزيا ترغب فى الانتقال من الاقتصاد الزراعى إلى الاقتصاد الصناعى فإن المهمة الأولى هى اكتساب الأسر الزراعية والريفية للقيم الجديدة وأن تترك أبنائها للعمل فى أماكن بعيدة عنهم مع تقديم المشورة لهم من خلال النساء الأكبر سنا بالنسبة للفتيات مع محاولة تطوير الأمور لمصلحة الاقتصاد ومراعاة التدريب للقوى العاملة، فإذا ما تحققت الثقافة الملائمة فإن الجودة ستأتى من نفسها وسوف تصبح ثقافة العمل جزءاً من الثقافة القومية، فقد وصل العمال الماليزيين لدرجة عالية من الجودة واستخدموا خامات ومنتجات عالية الجودة فاستطاعت ماليزيا أن تصنع التليفون المحمول ومن قبله صنعت أول سيارة ماليزية فى التسعينات، ونحن الآن فى حاجة ماسة إلى المزيد من المهارات من المهندسين والفنيين لأن الصناعات الماليزية لا يوجد بها عمل يدوى فيتم الأعمال بها عن طريق الآلات والكمبيوتر، وهو ما يتطلب تدريب المديرين فيمكن لأى دولة أن تنتج مواد ذات جودة عالية ولكن لا يمكن طرحها فى السوق إلا بأسعار مناسبة وهو هنا دور المديرين والملاحظين، فإذا استطعنا تلقين هذه القيم لمجتمعنا فسوف نحقق نتائج ممتازة مع تنمية الثقافة البيئية.
- آخر تحديث :
التعليقات