يحاول لبنان "سحب الذرائع" من أمام مجلس الأمن، ومن المعلومات المتداولة اليوم(الاثنين)، النية في بحث انسحاب سوري عاجل، و"شرعنة" المقاومة اللبنانية المتمثلة بـ"حزب الله"، في الوقت الذي يشهد الوضع الداخلي انتعاشا محدودا للحياة السياسية حول نقطة واحدة تقريبا: رفض التمديد او تأييده.
ويسود الصمت في جزء عريض من الشارع اللبناني مللا ويأسا من ولاية رئاسية لا تبشر بأي تحسن في الوضع الداخلي، ومن ناحية أخرى ترتفع الأصوات المقبلة من القصر الجمهوري في بعبدا، والمحتفلة بتمديد حكم رئيس الجمهورية لثلاثة اعوام اضافية بطلب سوري مباشر، حيث تدور الاحتفالات وكان التمديد هو مكسب شخصي وسياسي لطرف، وليس فقدان للخلفية الديموقراطية لتبادل السلطة في البلاد.
وألقى النائب وليد جنبلاط أمام الحكومة اللبنانية ورئيس الجمهورية بكرة من لهب، حيث قدم استقالة ثلاثة نواب، وهاجم الجيش اللبناني الذي ينتقم من بعض الضباط المعارضين، ومع استقالة ثلاثة وزراء إضافة إلى وزير البيئة فارس بويز فان الرئاسات ستكون مضطرة إلى إجراء تعديل حكومي على اقل تعديل، لملء الفراغات في الوزارات، او تغير يطال كل الحكومة، وان كانت هذه الخطوة مريحة لرئيس الحكومة رفيق الحريري، الذي يبحث عن وسيلة للخروج من الحكم لاستعادة نفوذ وامتداد شعبي يفتقده الحاكم في لبنان كلما زادت اعوام حكمه، فانها ستشكل شغلا شاغلا للرؤساء لايجاد حكومة قادرة على اتخاذ وتنفيذ قرارت، ومتوازنة لناحية تمثيلها الطائفي، مع الملاحظة دائما بان الحكومة التي ستشكل من غير رفيق الحريري على رأسها، ستواجه معارضة وستقع تحت ضغط هائل لإفشالها واعتراض أعمالها.
على مستوى المنطقة وجهت إسرائيل تحذيرات جديدة إلى سورية، ولبنان بعاصمته بيروت، مشيرة على لسان وزير الدفاع الاسرائيلي شاوول موفاز إلى نيتها تنفيذ عمليات ضد الإرهاب في كل مكان، "بما في ذلك دمشق و بيروت، قائلاً "على قادة الإرهاب أن يعلموا أن يدنا طويلة، وستطالهم في كل مكان". وفي حين صمت لبنان الرسمي، اجابت سورية على لسان وزير دفاعها العماد حسن توركماني، خلال حفل تخريج لضباطه، وبحضور ضباط لبنانيين إلى ضرورة الاستعداد "للدفاع عن ارض الوطن وصد اي عدوان غادر" منددا بالـ"هجمة الاميركية على سورية"... ولبنان.
وفي مسعى لبناني إضافي لتطويق ذيول قرار مجلس الامن الرقم 1559، والذي يطالب بانسحاب القوات السورية من لبنان ونزع سلاح المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وعدم تعديل الدستور، وفي محاولة من لبنان الرسمي لحماية اضافية، طلب لبنان بحث قرار مجلس الامن الدولي في الجامعة العربية للحصول على الدعم في مواجهة القرار، الذي اعتبره تدخلا في شؤونه الداخلية. علما بان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ابدي السبت "دهشته" من القرار.
الأردن
وكانت الدولة العربية الأولى التي سارعت إلى إعلان عدم موافقتها على دعم لبنان في المحافل الدولية هي الأردن حيث أعلن وزير الخارجية الأردني مروان المعشر ان بلاده لن يعارض قرار مجلس الامن حول لبنان الذي دعا إلى احترام سيادته وسحب جميع القوات الأجنبية من أراضيه، انطلاقا من التزامه بكل القرارات الصادرة عن الامم المتحدة وأشار المعشر إلى ان القرار الدولي حول لبنان "يجب دراسته بعناية ودراسة الخطوات اللاحقة لهذا القرار" مضيفا انه سيطرح للبحث خلال اجتماعات جامعة الدول العربية في 14 من الشهر الحالي في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية.
الرؤساء الثلاثة
واستعرض رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود، ليل الاثنين، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، وضع الحكومة بعد استقالة وزير البيئة فارس بويز، والإعلان عن استقالة وزراء اللقاء الديمقراطي الثلاثة: مروان حمادة، غازي العريضي وعبد الله فرحات.
وقال الحريري: " الرئيس طلب من رئيس مجلس النواب وطلبني إلى اجتماع للتداول في موضوع استقالة الوزير بويز وتوقع استقالات الوزراء الثلاثة، والتي لم تصلني بعد استقالاتهم، وستصلني غدا، وقد تداولنا في الامر".
وحول الخيارات المتاحة، تغيير حكومي أم تعديل من ضمن التركيبة الموجودة أجاب الحريري: "لا أعتقد. موضوع الوضع الحكومي يبحث بعد عودتي من السفر، وبالنسبة إلى الوزراء الذين استقالوا لا يجوز الكلام قبل أن تصلني استقالاتهم". وعن ما دار خلال الاجتماع قال: "تداولنا في الموضوع فقط، ورأيتم كم من الوقت استغرق الاجتماع". ولم يستبعد التعديل الحكومي مضيفا"وبعد عودتي سيبحث الأمر. وألغيت زيارتي لنيويورك كما تعلمون".
تقديم استقالة ثلاثة وزراء
وعقد اللقاء الديمقراطي منزل النائب وليد جنبلاط في بيروت اجتماعا استمر عشرين دقيقة وحضره الوزراء: مروان حماده، عبد الله فرحات، غازي العريضي، اضافة إلى عدد من النواب.
وبعد الاجتماع تحدث النائب جنبلاط، فقال: "اجتمع اللقاء الديمقراطي، وبعد الاجتماع والتداول قرر اللقاء ان يقدم الوزراء الذين يمثلوننا في الحكومة: مروان حماده وغازي العريضي وعبد الله فرحات استقالاتهم ابتداء من صباح غد (الثلاثاء)، لذلك يكون اللقاء منسجما مع قراراته برفض التمديد والتعديل في مجلس الوزراء وفي الجلسة النيابية يوم الجمعة (الماضي)، هذا انسجام سياسي وتوافق مع خطواتنا السياسية السابقة". واضاف: "ومن جهة أخرى ومع احترامي ومحبتي لسيد المقاومة السيد حسن نصر الله، الا اننا لا نستطيع ان نقبل في لبنان بمبدأ الاستفتاء، لبنان ديمقراطية توافقية، يوجد فيه أقليات مذهبية، طائفية، فلا نستطيع ان نقبل بالاستفتاء كحل لبعض المشاكل المصيرية، فهذا مع كل احترامي وتأييدي للمقاومة وسيد المقاومة، الا ان هناك مشاكل اساسية لن تحل ولن نقبل بحلها بالاستفتاء، لان الاستفتاء هو غلبة الاكثرية العددية على الاقلية العددية، لا اكثر ولا اقل.
وسأل النائب جنبلاط "من الذي يتخذ أوامر في الجيش اللبناني؟ قيادة الجيش؟ العماد سليمان، لا اعتقد انه يتمتع او يريد الانتقام بكيدية من بعض الضباط الذين لا علاقة لهم بما جرى او بالأحرى بالذين ينقلون من مكان إلى آخر، دون اي سبب وقد حرصت بالأساس مع العماد سليمان وبعد انتهاء الحرب الأهلية على عدم الدخول في التفاصيل الداخلية وتسييس الجيش، فهل هناك غرف سرية في القصر الجمهوري؟ لست ادري او ان الأوامر تأتي من خارج قيادة الجيش فهذا "اضرب (أسوأ)".
قيادة الجيش ترد
وسارعت قيادة الجيش اللبناني إلى الرد على النائب جنبلاط، حيث اصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بيانا قالت فيه: ردا على ما أدلى به النائب وليد جنبلاط توضح قيادة الجيش مديرية التوجيه ان ما يحكم قرارات المؤسسة العسكرية، بما فيها التشكيلات هو الالتزام بالقوانين والأنظمة النافذة والاعتبارات العسكرية وقيادة الجيش وحدها هي التي تتخذ القرار. أضافت أنها تتمنى عدم زج الجيش في التجاذبات السياسية، خصوصا في المرحلة الراهنة التي تتطلب من الجميع المشاركة في مواجهة التحديات.
بويز
وكان وزير البيئة فارس بويز عقد مؤتمرا صحافيا أعلن خلاله تقديم استقالته من الحكومة. وقال: "تقدمت صباح هذا اليوم (الثلاثاء) وفق الأصول باستقالتي من الحكومة، تماشيا مع موقفي المعترض والمخالف لقرار الحكومة حينذاك إحالة مشروع القانون الدستوري على المجلس النيابي لتعديل الدستور. وبعدما اختلفت مع الحكومة على موضوع أساسي يتعلق بتعديل الدستور، وهو ذو أعماق سياسية كبيرة، من الطبيعي طبقا للمنطق الديمقراطي والدستوري ان أتقدم بهذه الاستقالة التي كان يفترض ان اتقدم بها فور صدور قرار مجلس الوزراء بإحالة المشروع على المجلس النيابي، الا ان هذا الامر كان يمكن ان يسجل كأنه تصعيد ومشاركة في حقن الاوضاع التي كانت سائدة، ومن هنا كان الانتظار حتى بت المجلس هذا الموضوع وتأكد الامر وهدأت الاوضاع بشكل او بآخر، ولو نسبيا، مما يتيح المجال لاتقدم بهذه الاستقالة، فهي اولا واخيرا موقف متماسك مع نفسي ومع المنطق الديمقراطي والدستوري، ويفترض ان تكون الحكومة متماسكة حيال القضايا الأساسية".
وتابع بويز: لقد تسلم رئيس الحكومة هذه الاستقالة واحالها على الامانة العامة لمجلس الوزراء، ولكن يبدو ان لديه برنامج زيارات خارجية مكثفا، وسمعت منه انه لن يبت هذا الأمر خلال الأيام القليلة المقبلة بل، ولن يتعاطى مع الاستقالة قبل عودته".
وقال الحريري في اول رد فعل على استقالة بويز "سنبحث مصير استقالة الوزير بويز وما قد يطرأ سواها من استقالات وفي مصير الوضع الحكومي ككل بعد عودتي في 17 من الشهر الجاري من سلسلة زيارات الى عدد من الدول". ويبدأ الحريري يوم الثلاثاء زيارات تشمل مصر وساحل العاج واسبانيا.
وتعتبر الحكومة مستقيلة حكما اذا استقال ثلث أعضائها اي عشرة وزراء من أصل إجمالي أعضائها البالغ 30 عضوا بمن فيهم رئيسها.
لحود وحزب الله
رئيس الجمهورية من ناحيته امضي وقبل اجتماعه بالحريري وبري، نهارا طويلا في استقبال الوفود وتلقي التهاني، كان اهمها وفود قيادة الجيش والقيادات الأمنية و"حزب الله" كما تلقى سيلا من برقيات التهنئة بتمديد ولايته من داخل لبنان والخارج. وحدد لحود توجهات المرحلة المقبلة من ولايته الدستورية، داعيا اللبنانيين إلى "الالتفاف حول الثوابت الوطنية التي حمت لبنان وحصنت موقعه وأعادت إليه دوره في المحافل الإقليمية والدولية، مركزا على "اهمية تغيير الذهنية التي سادت خلال السنوات الماضية، والانطلاق في عمل انقاذي جماعي".
واشار الرئيس لحود إلى انه، في الشق الخارجي، سيسهر على "حماية الخيارات الإستراتيجية التي انتهجها من خلال ترسيخ العلاقة القائمة بين الجيش والمقاومة الوطنية وتعزيز التعاون والتنسيق القائم بين لبنان وسوريا على قاعدة تلازم المسار والمصير بين الدولتين الشقيقتين".
واذ اعتبر ان مسألة الانتخابات الرئاسية والملابسات التي رافقتها صارت من الماضي، جدد الرئيس لحود تأكيده ان "قوة لبنان بوحدة ابنائه"، مشيرا الى ان "الدعوة التي وجهها إلى القيادات السياسية والروحية لطي صفحة الماضي والمشاركة في صنع مستقبل الوطن، دعوة لا تستثني احدا، لان مسؤولية البناء هي مسؤولية جماعية.
وكان الرئيس لحود تقبل تهاني القيادات الأمنية، فاستقبل تباعا قائد الجيش العماد ميشال سليمان على رأس وفد من اعضاء المجلس العسكري وقادة المؤسسات التابعة لوزارة الدفاع والاركان والاجهزة التابعة لقائد الجيش ولرئيس الاركان وقادة القوات البرية والجوية والبحرية والمعاهد والمدارس العسكرية.
والتقى رئيس الجمهورية وفدا من "حزب الله" ضم رئيس المجلس السياسي ابراهيم امين السيد، ومصطفى الحاج علي، خضر نورالدين، حسن حدرج، غالب ابو زينب، محمد صالح، مصطفى الديراني، حسن عزالدين، ومحمود قماطي ووفيق صفا، نقل اليه تهاني الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وقيادة الحزب.
واكد ابراهيم امين السيد ان الحزب سيكون "خير عون للرئيس لحود في المرحلة المقبلة". لافتا "الى خطورة ما حصل خلال الاسابيع الماضية من خلال استغلال الخارج للأوضاع الداخلية لتبرير التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية".
وشدد على "ضرورة الفرز بين الأوضاع الداخلية والمداخلات الخارجية"، مركزا على "أهمية مواجهة المعاناة الداخلية وتشعباتها، ومنها الفساد الإداري وسياسة توزيع الثروات.
ورد لحود شاكرا لوفد "حزب الله" تهنئته، وحمل أعضاءه تحياته إلى الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، معتبرا أن ما قام به من خطوات لدعم المقاومة إنما يندرج في إطار واجبه الوطني تجاه مواطنين لبنانيين عملوا طوعا على تحرير أرض وطنهم من الاحتلال الإسرائيلي. وعرض الرئيس لحود للوفد رؤيته للمرحلة المقبلة والتوجهات التي سيعمل من خلالها.
وزير الدفاع السوري
و دعا وزير الدفاع السوري العماد حسن توركماني اليوم الاثنين القوات المسلحة السورية لان تكون جاهزة "للدفاع عن ارض الوطن وصد اي عدوان غادر" في رد على التهديدات الإسرائيلية الاخيرة بمهاجمة سوريا.
وجاء كلام الوزير السوري خلال حفل لتخريج دفعة من الضباط في حلب (355 كلم شمال دمشق) مثل فيه توركماني الرئيس السوري بشار الاسد.
ودعا توركماني الخريجين حسب ما نقلت وكالة الانباء السورية (سانا) الى "امتلاك ناصية العلوم ومواكبة التطورات الجارية بما يرقى بقواتنا المسلحة على ان تكون جاهزة للدفاع عن ارض الوطن وصد اي عدوان غادر والذود عن كرامة الامة". وشارك عدد من ضباط الجيش اللبناني في حفل التخرج.
واعتبر توركمانمي ان "تهديدات المسؤولين الاسرائيلين بتوجيه ضربات ضد اهداف سورية اصبحت موضع استهجان من المجتمع الدولي وجاءت متزامنة مع التصعيد السياسي الاميركي للتدخل بالشؤون الداخلية لسوريا ولبنان".
وكان العديد من المسؤولين الاسرائيليين دعوا الى ضرب اهداف في سوريا ردا على عملية انتحارية مزدوجة وقعت الاسبوع الماضي في بئر السبع في جنوب اسرائيل وادت الى مقتل 16 اسرائيليا.
واضاف الوزير السوري ان " قرار مجلس الامن 1559 جاء بضغط اميركي وهو محاولة لمصادرة قرار الشعب العربي وممثليه في المجلس النيابي اللبناني وكأن الولايات المتحدة احرص على اللبنانيين من اللبنانيين انفسهم على بلدهم ومصالحهم".
لبنان يطلب بمواجهة قرار مجلس الأمن
وطلب لبنان بحث قرار مجلس الأمن الدولي، الذي دعا الى احترام سيادته وسحب جميع القوات الاجنبية من اراضيه في اشارة ضمنية إلى سوريا، في الجامعة العربية للحصول على الدعم في مواجهة القرار الذي اعتبره تدخلا في شؤونه الداخلية كما افاد الاثنين مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية.
وأوضح المصدر ان وزير الخارجية جان عبيد طلب من الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى "طرح قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559 عن لبنان على جدول اعمال الدورة العادية لجامعة الدول العربية" التي تنعقد في 14 ايلول/سبتمبر الجاري على مستوى وزراء الخارجية.
واشار الى ان الطلب اللبناني "يرمي الى الحصول على دعم الدول العربية للبنان في مواجهة القرار الذي يتناول الشان الداخلي اللبناني وكذلك الوجود العسكري السوري المتفق عليه بين البلدين".
التعليقات