وعاظ السلاطين
الديمقراطية والتوافق السياسي والديمقراطية التوافقية في عراق اليوم وهم أم حقيقة؟

منذ الاعلان عن أنتخابات مجالس المحافظات وسن قانون جديد للانتخابات والتصويتات التي جرت في البرلمان العراقي ورفض البعض لهذا القانون واعتراضات رئاسة الجمهورية وردها قانون الانتخابات الى البرلمان لأعادة التظر في المواد المختلف عليها ما زالت دوامة الأخذ والرد بين الأطراف المختلفة قائمة ليومنا هذا.، أرتفعت أصوات توءجج للموضوع وأدعى هؤلاء السادة أن ما جرى خرج عن التوافق السياسي و مخالف للديمقراطية التوافقية والتي سار عليها الحكم منذ سقوط الطاغية ولحد اليوم، أستغربت كثيرا لهذا الأدعاء و تسألت هل لايدركون حقا ما هو التوافق السياسي،أو ما هي الديمقراطية التوافقية، لو كان قد صدر من أناس جدد على السياسة ومع ما تحمله السياسة من ملابسات لسكت ولكن تصدر من أناس قضوا جل حياتهم في السياسة له أمر مستغرب ألا أذا أنظموا الى قائمة الطبالين ومن وعاظ السلاطين فهذا أمر أخروكل شيئ جائز في عراق اليوم.


في الماضي سمعنا عن الاشتراكية العربية والخاكية،ألخ من أسماء ونعوت ثم جاء التطور اللارأسمالي والتزمير والتطبيل له من قبل وعاظ السلاطين أياهم ومن ثم الديمقراطية الثورية وتفسيراتها وتبريراتها، والان جاء دور التوافق السياسي والديمقراطية التوافقية مبررا لمواقف.و أخيرا صدر قانون أنتخابات المحافظات ومن دون وجود يحدد مهام وصلاحيات مجالس المحافظات، ولاغم كل الكلام السابق عن التوافق مؤكدا مرة أخرى فقدان التوافق السياسي في العراق وسحق المكونات الصغيرة لمصلحة المكونات الكبيرة،، أحاول أن أوضح في هذا المقال معنى المفاهيم التي يرددها سياسيونا صباح مساء خاوية من معناها الحقيقي.

ما هي الديمقراطية؟
هناك لدى العديد من السياسين ألتباس في مفهوم الديمقراطية، بل قرأت اليوم لكاتب يجد صعوبة في التعبير عن ماهية الديمقراطية، سوف لا ألجأ ألى ما قال فلان وكتب علان بل لنأخذ الأمور ببساطة، الحياة معقدة ومعها مشاكل المجتمع للوصول ألى أفضل الحلول لهذه المشكلة من أجل الوصول ألى قرار وموقف برزت موضوع الحوار السلمي بين حاملي الأراء المختلفة، فهناك أكثر من رأي و أكثر من حل قد تكون صائبة أو لا تكون والحوار بدلا من السلاح هوالطريق وأذا تعذر الأتفاق ليكن التصويت أذ هناك الحوار أولا وللحوار شروطه ومن ثم التصويت.


قبل أثينا توصل السومريون ألى ضرورة التشاور في أمور عيشهم، حربهم وسلمهم ألخ و قاموا بتشكيل مجلسين أحدهما للشباب و ألاخر للشيوخ من أجل الحوار و من ثم رفع التوصية للحاكم أيام كلكامش وفي أعتقادي أن تشكيل مجلسين على أساس العمرجاء لأن الحالة ألآنتاجية كانت متشابهة لمعظم الناس.


في أثينا تم تشكيل مجلس واحد من الرجال ألأحرار وأبعد العبيد والوافدين عن هذا المجلس من أجل الحوار في مختلف شؤون الحياة.
وأقرت الأديان السماوية وجود الأختلاف في الرأي والحاجة لتنظيم هذا الخلاف من أجل فائدة المجتمع.


الديمقراطية نهج في الحياة قائم على الحوار السلمي بين مختلف وجهات النظر وعند عدم التمكن من الأتفاق يتم اللجوء الى التصويت وهو شكل من أشكال الحوار، ومن أجل أن يكون الحوار والتصويت عادلا يجب أن يتوفر ركنين مهمين للحوار، حرية كل محاور ndash;بضم الميم- والمساواة بين المحاورين في حق أبداء الرأي. وقد عقدت العديد من المؤتمرات الدولية وكتبت الاف المقالات والابحاث وتطور مفهوم المساواة ليشمل ألاقتصادية أو الثقافية وغيرها كما تطور مفهوم الحرية لدى البعض الأخر وتشعبت ألأبحاث ولكن بقيت القاعدتين ألأساسيتين في حرية كل اطراف الحوار ومساواتها ن في أعتقادي أن مفهوم الحرية يجب أن يعتمد بالاساس على أن حريتي يجب أن لاتسبب اعتداء على حرية ألأخرين،والمساواة هي في الحقوق والواجبات.


والسؤال هل هناك حرية في العراق كما يزعم البعض من قادتنا، لو كان هناك حرية لما قبع السادة الكبار في المنطقة الخضراء والصفراء والسوداء، لما قتل المئات من الصحفين العراقيين وهم السلطة الرابعة في أي بلد من بلدان العالم،ولم يهدد القضاة بالموت أذا حكموا بهذه القضية أو تلك من دون مباركة مراكز القوة،و معروفة من هي مراكز القوة تعلن عن نفسها صباح مساء.
هل هناك مساواة في العراق، وأقول مرة أخرى لا وجود لأبسط مبادئ المساواة فقد قضت عليها المحاصصة والطائفية والتي يستنكرها من يقوم عليها لفظا ويطبقا كدستور له كل يوم، وجاء أخيرا قانون أنتخاب المحافظات ليؤكد أن لا مساواة في عهد العراق الجديد.


المصطلح الثاني الذي يردده وعاظ السلاطين التوافق السياسي.
ما هي ماهية التوافق السياسي، في الحوار حول وجهات النظر بين المتحاوريين نجد أنهم توصلوا ألى أتفاق ينفي الحاجة لحسم الحوار بالتصويت، أذا جاء التوافق السياسي ليعبر عن رغبة جميع المهتمين والمشاركين في العملية السياسية
لا البعض منهم فقطومنذ سقوط حكم الطاغية الى يوما هذا لم يجري توافق سياسي على أية قضية وفي مختلف مجالات الحياة، أذا تمت بعض الموافقات لأغلبية ولأسباب ولكن لم تشمل جميع المساهمين في الحوار، التوافق السياسي وخير ما يعبر عنه هو أتفاق كافة الأطراف في البرلمان في حالة حدوث حالة حرب غير خلافية كما عبر عن ذلك البرلمان البريطاني عند حرب تحرير الكويتولكنه نقض في حرب أحتلال العراق حيث لم يتوفق رئيس الحكومة البريطانية من أقناع كافة ألأطراف.


من يحكم العراق اليوم كما عبر عنه أحد السياسين الكبار من التحالف الكردستاني هم تحالف أربع أطراف سياسية، المجلس الأسلامي وحزب الدعوة والاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وهذه الاطراف الأربعة تعمل أحيانا على كسب رضى ألأخرين ولكنها لا تغير من مواقفها على كل حال، ومن هنا جاءت تهديدات البعض من أننا سوف نعيد النظر في تحالفاتنا لآ توافق سياسي في العراق رغم كل أدعاءات وعاظ السلاطين.
المفهوم ألأخر الذي أود الكلام عنه و الذي ردده بعض مثقفينا، ومع الأسف سمعوا به ولكن لم يبحثوا في ماهيته حالهم حال موقفهم من تعابير أخرى أستعملوها في ما مضى ولا أريد العودة اليها اليوم الديمقراطية التوافقية أصطلاح خرج به لأحد أساتذة علم ألأجتماع وهوألاستاذ أرند ليبهارت في عام 1984 وبعد أن عدل عن أستعمال أصطلاحات أخرى يشير اليها في العديد من محاظراته،ويعترف هو أن هناك العديد من ألاعتراضات على هذا المصطلح الذي لا يمكن أيجاد دولة تنطبق عليها تماما وللديمقراطية التوافقية خمسة معاير يجب أن تتوفر ووجد أن أقرب مثال لهذا الأصطلاح سويسرا وبلجيكا علما أن سويسرا أكثر بلدان العالم تلجأ الى الأستفتاء الشبي وهوما يتنافى مع معايير الديمقراطية التوافقية، وفي أعتقادي أن الأكثر أنطباقا وهوطريقة تشكيل مجلس الشيوخ ألأميركي حيث تنتخب كل ولاية صغيرة كانت من حيث عدد النفوس أو كبيرة مندوبين أثنين ومنهم يتكون مجلس الشيوخ وهنا تأتي المساواة المطلوبة من أسس الديمقراطية ولكن يعود الأستاذ ليبهارت ليشير أن من حق المكون الصغير أيقاف قرارات الكتل الكبيرة وأعطى الجميع ما يشبه الفيتو.


الديمقراطية ومفاهيمها تشعبت وتطورت وأرتبطت بتطور المجتمعات المختلفة ولا يوجد قالب واحد لكل المجتمعات ولكن قواعد الديمقراطية الأساسية مشتركة في كل التجارب الديمقراطية
-ترفض العنف وتلجأ ألى لغة الحوار وتقديم التنازلات للأتفاق قدر الأمكان أو التصويت.
--ضرورة توفر المساواة بين كافة المواطنين.
--توفر الحرية لكافة المواطنين
-- وجود قضاء مستقل يكون اليه المرجع عند تباين وجهات النظر.


د.فاروق رضاعة