الوضع الداخلي في الشارع الكردستاني غير مستقر بل في هلع والرئيس العراقي جلال الطالباني يدرك ان الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان وراء وصوله الى سدة الحكم في بغداد قد يكون وراء اسقاطه ايضا لكن لاتزال اوراق وعدة امور متحركة قبل ان ينفض الغبار عن المشهد السياسي النهائي في اقليم كردستان.

يواجه الرئيس العراقي جلال الطالباني اقوى ازمة داخل حزبه منذ توليه الحكم قبل 4 اعوام جراء ردود الفعل الجماهييرية على قراراته بتعيين بعض المسؤولين في اقليم كردستان متهمين بالفساد واستغلال السلطات.

وقبل ايام عقد مجموعة من كوادر حزب الطالباني مؤتمرا اعلنوا فيه تشكليهم لتيار تسمى بالتيار التغيير الديمقراطي وانشقاقهم عن الطالباني وكشفوا عن طبيعة الازمة الموجودة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني والطالباني يرد بطرد مجموعة من كوادر حزبه.

ومن حيث الشكل فان الاقتراح السياسي للتيار الديمقراطي المنشق حرص على تحريك المشكلات الكردية دوليا فهم عقدوا مؤتمرهم الاول في لندن لكنه من حيث التجربة والمضمون فانه يرمي الى عزل الرئيس جلال الطالباني.

الشارع الكردي يتحدث عن المؤامرة وان كانت فعلا مؤامرة فأن اخطر ما في هذه المؤامرة بساطتها وبراء تها. فهي ببساطتها تستدعي الاعجاب والتأييد ووبراء تها تمنع الاعتراض والتنديد.


لعبة ذكية بلا شك و ولو تمعنا باهدافها لحاصرتها الشكوك.

فمن الطبيعي ان يتمتع المتأمر بالذكاء حاد،يعززه خبث يتفوق فيه على الضحية.

لا خلاف ان الرئيس الطالباني العائد من احد المشافي العلاجية بالولايات المتحدة قد أعاد الكل الى طاولة الحوار والتشاور في العراق وهو بحكم تجربته السياسية الغنية متمسك بوحدة العراق وتوافق قومياته وطوائفه.

وفي جلسات الحوار الاخيرة الذي جمع بين الهاشمي وعبد المهدي والبرزاني التي كان عرابها الاول، اطل الرئيس جلال الطالباني اطلالة رجل عاقل وبالغ الحرص على اخراج العراق من النفق المظلم الذي يراوح منذ اشهر.

وهنا السؤال الذي يطرح نفسه لماذا فشل الرئيس طالباني في الحفاظ على وحدة صفوف الاتحاد الوطني وينجح في توحيد صفوف العراقيين؟

نحن نعلم ان في كل مرة عندما يتخندق قادة التكتلات في منظمته الواحد في مواجهة الاخر، ويشحذون اسنانهم لجولة عراك جديدة، يعطي الرئيس جلال الطالباني الدليل تلو الاخر، على انه مؤمن بمستقبل العراق وتعافيه، مؤكدا ان القضية المركزية فوق كل أعتبار، وهو ينأى بنفسه وبحزبه عن لعبة المغانم والخسائر، اذا كانت الخسارة هي القضية المركزية

ان الرئيس جلال الطالباني رجل يتعامل بصدق مع الحقائق والوقائع وبرهن بقوة انه يحترم الالية الديمقراطية والتعددية الحزبية في اقليم كردستان والعراق.
وهو يدرك بوضوح تام ان أكراد العراق لا يمكن ان يكونوا جزيرة معزولة عن محيطهم العربي، أو معادية لهذا المحيط، وهم أقوياء بقدر ما ينتمون الى قضايا العرب المصيرية،ويلتحمون معهم في الدفاع عن هذه القضايا، ويفقدون حصانتهم التاريخية والوطنية والقومية، اذا ربطوا مصيرهم او بعض هذا المصير ببعض الدول الغربية او المعادية في المنطقة.

في زمن المؤامرات العراقية عرف الرئيس جلال الطالباني طوال حياته السياسية كيف يتعامل مع المتأمرين الاصدقاء والبعيدين، الا ان المراقبين يعتقدون ان اقصاء المتأمرين ستجعل الأمور اكثر سوء له، باعتبار انها ستؤدي الى تقوية التيار المنشق والتكتلات السياسية المعارضة له.
لا تزال هناك مثلما ذكرت في البداية عدة امور متحركة قبل ان ينفض الغبار عن المشهد السياسي المقبل في اقليم كردستان، الطالباني بكل تأكيد يريد ان يبقى في الحكم وحسب، وانما ان يبقى رئيسا للبلاد في الانتخابات العراقية القادمة. لكن هل ستقضي الانشقاقات الداخلية في حزبه على رئاسته واحلامه معا؟


راوند رسول
[email protected]