تنقل أوساط صحفية إيرانية بأن نبأ فوز اوباما قد تلقته طهران ببالغ الراحة متوقعةquot;حسب رواية هذه الاوساطquot;أن تکون ولايته بداية لمرحلة جديدة في العلاقات الايرانية ـ الامريکية التي شهدت توترات و تعقيدات عميقة من بعد مجئ النظام الديني للحکم هناك. وتؤکد هذه الاوساط الصحفية بأن الاوساط الحاکمة في طهران تشيع داخل هذا البلد المثقل بالازمات و التحديات الصعبة، من أن وصول اوباما الى الحکم هو إيذان بإنتهاء مرحلة الضغوطات الامريکيةquot;الثقيلةquot;على إيران و إبتداء مرحلة جديدةquot;تنصاعquot;واشنطن خلالها لمنطق العقل و الواقع و تتخذ سياسة جديدة حيال إيران تتخلى فيها عن کل السياسات المتشددة السابقة بصدد هذا البلد. ولا تخفي هذه الاوساط أيضا بأن اوساطا محددة داخل المؤسسة الحاکـمة في طهران تلمح هنا و هناك بأن فوز اوباما هوquot;بشارة إلهيةquot;بالنصر لإيران في معرکتهاquot;المقدسةquot;ضد امريکا و اسرائيل.


وواضح أن طهران قد تنفست الصعداء حين رأت هزيمة مکين الجمهوري الابيض على يد اوباما الديمقراطي الاسود الذي أشارت العديد من التقارير الخبرية و التحليلات الى انه مناصر بشکل أو بآخر للقوى الناهضة و المناضلة من أجل حقوقها المشروعة و يتفهم بشکل أکثر منطقية لتطلعات اوربا و روسيا و الصين على الصعيد الدولي، لکن طهران تلقت بفتور بالغ أيضا تلك الاشارات السلبية الصادرة من لدن الدئيس الجديد بخصوص تقربه المتزايد من اسرائيل و تودده إليها مثلما تلقت بإمتعاض أيضا إشاراتهquot;القويةquot;بشأن البرنامج النووي الايراني، ومع أن الوضع بشکل عام مازال غير واضح بالنسبة لمستقبل العلاقة الامريکية ـ الايرانية في عهد الرئيس الجديد، إلا أنه من الواضح و الجلي بأن ميلان الرئيس لإسرائيل ستعني فيما تعني إبتعادا و نفورا عن طهران و کذلك مزيد من السعي و التنسيق على صعيد تطويق المساعي الايرانية الحثيثة لإمتلاك الاسلحة النووية، لکن الامر المهم بهذا الصدد هو أن المساعي الامريکية بوجه خاص و الغربية و الدولية بشکل عام، مازالت تدور في حلقة مفرغة وأن طهران تجيد اللعب بذکاء مع الجميع و تستغل عامل الوقت بصورة باتت کل الاطراف تتخوف من إحتمالاتها و تداعياتها المستقبلية ومع أن التقارير مازالت متضاربة بشأن المفترق الذي وصلت إليه إيران في طريقها النووي لکنه من الواضح أن العالم کله حتى تلك الدول التي تساير إيران مثل روسيا و إيران، باتوا لا يثقوا بتطمينات القادة الايرانيين و يتوجسوا ريبة من الاهداف النهائية التي تعمل من أجلها إيران و التي في ضوئها سيتم تحديد الموقف النهائي لهذه الدولة على الصعيد النووي وأغلب الاحتمالات تشير الى أنه لن يکون في صالح دول المنطقة بشکل خاص و العالم بشکل عام.


طهران التي تتوق لمعرفة جوهر المواقف التي سيتخذها الرئيس الجديد باراك اوباما بشأن برنامجها النووي، فإن الادارة الامريکية الجديدة سيما بشخص اوباما ذاته، هي الاخرى تضع نصب عينيها الملف الايراني و تدرس الخيارات المتاحة بشأنه والتي قد تکون تقليدية و غير فاعلة و مجدية فيما لو کانت کنظائرها فيما مضى من الزمان. ان الامر الذي يجب على واشنطنquot;اوباماquot;بشکل خاص أن تضعه في حسبانها هو أن طهران لن تقهر إلا بتقليم أظافرها الطويلة في لبنان و العراق و کذلك وأدquot;خلاياها النائمةquot;في دول الخليج و السعودية بوجه خاص وللوصول الى هکذا نتيجة فإن العمل الاهم هو السعي لإيجاد بدائل للأظافر الايرانية الطويلة بحيث تزيحها من الساحة تدريجيا و تحتل مکانتها و صدارتها وهذا الامر ليس بمستحيل أو غير ممکن کما تحاول أن توحي العديد من الدوائر المرتبطة بإيران أو حتى المتخوفة منها ولو کانت الولايات المتحدة المريکية و دول المنطقة قد صرفت تلك الاموال التي أنفقتهاquot;أمنياquot; في سبيل مواجهة و تطويق المخاوف القادمة من طهران على نشاطات لدعم بدائل القوى و الاحزاب التابعة لإيران لکان الموقف الان بشکل مغاير تماما. ويقينا أن نقطة البدايةquot;المحوريةquot; التي يجب على واشنطن و دول المنطقة أن تأخذها بنظر الاعتبار للبدأ بالعمل وفق هذا المعنى، يجب أن تنطلق من لبنان ذلك أنquot;البعبعquot;الايراني قد إنطلق أساسا من هناك و من خلال عباءة حزب الله ولو لم يتمquot;تعويمquot;هذا البعبع و إفراغه من هالتهquot;المرعبةquot;فإن العمل على ترويض الثعلب الايراني سيکون أمرا محالا و غير مجديا.

نزار جاف
[email protected]