من استمع، أمس السبت، لخطاب سيد حماس الأول، خالد مشعل، والأرض quot;تزلزلquot; تحت quot;رنينquot; كلماته الماورائية، في quot;دمشق الأسدquot;، لا يحتاج إلى جهدٍ كبير، ليفهم ما يقوله السيد quot;الإلهيquot;، لغزة القتيلة؛ غزة الضحية لquot;صلاةٍ مفخخةٍquot;، خارجةٍ عليها، هي ليست لها، وإنما زُجت فيها بquot;إسم اللهquot;؛ غزة المبتلية بquot;قم النوويةquot;، وطهران(ها) الخاطفة والمصادرة لquot;الإسلامquot;، وquot;اللاعبةquot; الذكية عليه، راهناً، والتي تريد به وبتاريخه المتعارك، المتخاصم، بين سنّة الله وشيعته، أن تنتقم الآن، من جغرافيا الإسلام، وأهل الإسلام أنفسهم، والعرب أولهم، من مشرقهم إلى مغربهم.
من قرأ خطاب مشعل السيد، المعلّق في السماء، كquot;نصٍّ ورائي في الماوراءquot;، أو نصٍّ في quot;فبركة السماءquot;، سيلحظ مدى quot;الشطح السياسيquot;، لا بل quot;الجريمة السياسيةquot; التي يرتكبها، هذا السيد السياسي، وquot;إيديولوجيته الحمساوية السماويةquot;، بحق فلسطين غزة، على الأرض، وفلسطين العرب أولاً، ومن ثم بحق كل الشارع العربي والإسلامي، الهارب من داخله الممكن إلى خارجه الكبير المستحيل، الذي لا حول له في فوقه ولا قوة، ولا ولن يزيد عليه شيئاً يذكر من قبيل الفعل، سوى صناعة المزيد من القول والقول المضاد، أو الغضب والغضب المضاد.
سيد حماس الأول، كعادته، لم يتصرف، في خطابه، أمس، كسياسي يمشي على الأرض، وأنما اعتلى الكلام السماوي الكبير، وquot;تسلقquot; الأيات القرآنية، موحياً للمتلقي، بquot;نبوءةٍ قادمةٍquot;، وكأنه quot;رسولquot; يطير في السماء، وما نزل منها لتوه، الآن، إلى quot;دمشق المباركةquot;، إلا ليبشّر من quot;قبلتهquot; وجهة خطابه، هناك، أهل غزة، وأهل الشارع المشتعل، وquot;دولهاquot; المشتعلة، من quot;أمته العربية والإسلامية العظيمةquot;، ويقرأ عليهم، في quot;صلاةٍ مباشرةquot;، على الهواء مباشرةً، quot;نبوءتهquot; الحمساوية، بأن الله، يتابع quot;غزوة غزةquot; عن كثبٍ؛ ويقرأ محرقتها ونارها وخرابها وشهداءها عن كثبٍ؛ وquot;سينصر غزة هاشم وأحمد ياسينquot; عن كثبٍ، فquot;ابشرواquot; يا أهل quot;غزة الحمساوية السماويةquot; في quot;السماء السياسيquot;، بquot;أن الله لكم، وأنّ نصر الله لقادمٌ واللـــــــــــه..أنتم بحفظكم للقرآن وإرتيادكم للمساجد نصرتم الله في أنفسكم..لهذا سينصركم الله حتماً..أن تنصروا الله ينصركم ويثت أقدامكم..ولذلك قال ربنا بعدها: quot;وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمونquot;.
السيد quot;الإلهيquot; المتكئ على كلام الله، يريد أن يقول لجمهوره quot;الإلهيquot;، بأنه quot;يعلمquot; مع الله العالم والعليم، بأن النصر quot;المعلوم المحتومquot;، قادمٌ، لا محال، وإنّ الله على شهادة السيد لشهيدٌ!!!
بهذا الكلام المنقول عن كلام الله، وقرآنه، quot;زجquot; السيد الحمساوي الأول، خالد مشعل، القرآن والله، في سياسته بالوكالة عن quot;قم النوويةquot; وquot;دمشق الفلسطينية أكثر من ياسر عرفات!quot;، ووزع العالم في غزة السماء القادم من النصر القادم، بين quot;دار إسرائيل وصديقاتها وربيباتهاquot;، وquot;دار حماسquot;؛ بين quot;دار من لهم اللهquot;، وquot;دار من ضدهم اللهquot;؛ بين quot;دار الحربquot;، وquot;دار السلامquot;؛ بين quot;دار الكفارquot;، وquot;دار المسلمينquot;؛ وبين quot;دار المندحرين المهزومين الشيطانيينquot;، وquot;دار المنتصرين الغانمين الإلهيينquot;.
هذا الخطاب الماورائي، القادم من الوراء السلفي، وquot;المدججquot; بكلام السماء(والسماء، على مستوى البشر، حيادٌ، لا ينحاز إلا لله، كما يجب لله أن يكون)، هو من شقّ فلسطين إلى فلسطينَين، وشطّر الفلسطيني إلى شطرين ضدين، أحدهما يريد فلسطين في المسجد، وآخر يريدها في أوسلو.
هذا quot;الخطاب الإستشهاديquot;، المعوّل على الدم والشهادة التي هي لأجل الشهادة، هو الذي دفع بفلسطين، أمس، إلى المذبحة المزمنة، منذ عقودٍ دمويةٍ، كثيرةٍ مضت، ولا يزال.
هذا الخطاب السياسي، الإنتحاري، المعلّب بالدين، والمغلّف بكلام السماء، هو الذي quot;مسّخquot; فلسطين على الأرض، وحولها من فلسطين كquot;قضية تمشي على الأرضquot;، إلى quot;قضية إلهية، مقدسة، تسبح في السماءquot;.
هذا الخطاب السياسي المتديّن، المعتلي على quot;إيديولوجيا الدينquot;، هو الذي حوّل الدين في الشارع العربي والإسلامي، من غزة إلى قم وتورابورا، مروراً بالجنوب اللبناني، والعراق quot;المطبّرquot;(من التطبير)، وquot;عراق المقاومةquot;، إلى سياسة رائجة، وquot;ممتازة متفوقةquot;، لصناعة القتل والقتل المضاد، للعبور إلى رحاب quot;الدول المقدسةquot;، وquot;الجماهير المقدسةquot;، وquot;الشوارع المقدسةquot;، وquot;الحروب المقدسةquot;، وquot;الإنتصارات الإلهية المقدسةquot;، وقلوب quot;القادة السادة الأئمة المقدسين المؤلهينquot;.
كل ذلك، يُصنع في مطابخ سياسية، مختصة بquot;طهي الدينquot;، وquot;طهي المقدساتquot;، وquot;طهي كلام السماءquot;، لأجل quot;حقٍ كبيرٍ يُراد به باطل أكبرquot;، للتسويق المحلي حيناً، والعابر للحدود أحياناً أخرى.
وهكذا، وفي سياق إيديولوجيا الدين ذاتها، ومن quot;المطابخ الدينيةquot; ذاتها، طلع علينا سيد حماس، أمس، من quot;قبلتهquot; الدمشقية، بquot;طبيخه السياسي المتبّل بالدين وبهاراتهquot;، كطباخٍ سياسيٍّ ماهرٍ، مختصٍّ في quot;طهيquot; الدين والمقدسات، وتحضير quot;وجباتquot; الإنتصارات quot;الإلهيةquot; السريعة، في دمشق السريعة.
هوشنك بروكا
التعليقات