بالتأكيد لا توجد حرية صحافة بالمعنى الصحيح في العالم العربي حتى يقول الاتحاد الدولي للصحافة إنها تراجعت بشكل خطير خلال عام 2008. اعطني اسم صحيفة عربية حكومية واحدة مارست حرية الصحافة حتى يمكن القول أن في عالمنا العربي حرية صحافة. صحيح أن هناك هامشا محدودا من الحرية تمارسه بعض الصحف المستقلة أو الخاصة لكنها حرية محكومة غير مسموح فيها بتجاوز الخطوط الحمراء!


بل إن إصدار هذه النوعية من الصحف لم يكن ليحدث أصلا لولا رغبة بعض الحكومات العربية في الادعاء أمام العالم الخارجي بوجود مساحة ما من الديمقراطية!


سيطرة الحكومات العربية على الصحف الحكومية والخاصة مسألة بديهية لا تحتاج إلى نقاش، والدليل أن معظم الصحف العربية تكاد تنشر نفس الأخبار والموضوعات بنفس العناوين!


ثم لماذا نذهب بعيدا..اعطني مثالا واحدا للحريات السياسية أو الاقتصادية أو الدينية في العالم العربي حتى يمكننا الحديث عن حرية الصحافة. لا يمكن أن تكون هناك حرية صحافة ما لم يتوافر مناخ من الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء.


وهكذا فالتقرير الأخير للاتحاد الدولي للصحافة لا يعبر بشكل دقيق عن الواقع، فلم تكن لدينا حرية صحافة في الماضي حتى يقال أنه قد حدث تراجع عنها، لكن من المؤكد أن أوضاع الصحافة العربية ازدادت سوءا خلال عام 2008.


الأغرب من ذلك ما قاله الاتحاد الدولي للصحافة أن وثيقة تنظيم البث الإذاعي والتليفزيوني والفضائي التي وقع عليها وزراء الإعلام العرب تمثل هي الأخرى تراجعا خطيرا إلى الوراء. وأنا لا أعرف ما هو التقدم الذي حققه الإعلام المرئي العربي في مجال الحريات حتى يقال أن الوثيقة تمثل تراجعا. فالملاحقات والمصادرات ومنع البث وإغلاق المكاتب وطرد المراسلين أمر طبيعي ومعتاد في منطقتنا كلها بما في ذلك إسرائيل وتركيا وإيران!


قد تكون الحقيقة الوحيدة التي رصدها اتحاد الصحافة الدولي هي تراجع أعداد القتلى من الصحفيين في العراق، وهذه بالطبع مسألة لا علاقة لها بحرية الصحافة وإنما بالاستقرار الأمني النسبي الذي حدث مؤخرا هناك!
ومرة أخرى يا عزيزي الاتحاد الدولي للصحافة..لا توجد أصلا حرية صحافة في عالمنا العربي حتى تقول إنها تراجعت إلى الوراء!

عبد العزيز محمود