بداية أجد نفسي مضطرآ للاشارة أن دعم العملية السياسية ونتائجها ليس بالضرورة يعني دعم الشوائب او بعض السلبيات التي تعاني منها هذه العملية. وايضا هذا الدعم لايعني بالضرورة الاتفاق مع كل الاشخاص او توجهات الذين يمثلون هذه النتائج الانتخابية.

السرقة الاختلاس او الفساد الاداري..هذه مفردات وسلوك موجود في كل دول العالم دون استثناء ولو بنسب متفاوتة. لكن في العراق هذا السلوك وهذا الاجرام ينتشر بشكل كبير ويفوق اي تصور لذلك لايتردد المرء كثيرا حينما يضيف المفردة العراقية الاكثر تعريف لهذه الفئة وهي صفة quot; الحرامية quot; لما لهذه المفردة من وقع كبير لدى المجتمع العراقي. ان مفردة quot; الحواسم quot; هي تشير الى المعركة الاخيرة لسقوط الصنم حيث استخدمها انذاك ذلك الصنم لتسمية المعركة الاخيرة التي سلمت العراق الى القوات الاجنبية بعد ان لاذ بحفرة حقيرة. وما ان بدات ملامح السقوط الصنمي في الشارع العراقي حتى بادرضباط امن ومخابرات وحرس النظام بحملة سريعة محسوبة مسبقا و منظمة لسرقة كنوز البلد من الاثار وايضا ثروات العراقيين في البنوك المحلية وممتلكات العراقيين في القصور وغيرها من الاماكن المهمة.

ان راتب المسؤول العراقي في عراق اليوم هو بحد ذاته جريمة كبرى بحق العراق والعراقيين. وهذا الراتب ينتمي الى فئة الحواسم حتى وان تم تأطيره بشكل قانوني او تشريعي. والبرلمان العراق هو المسؤول الاول والمشترك الاول بهذه الجريمة العلنية والمعيبة. فلقد وصل راتب عضو البرلمان العراق الى حد لايضاهيه اي راتب اخر في كل دول العالم دون استثناء الغنية والفقيرة منها ناهيك عن الامتيازات المالية الاضافية التي يحصل عليها عضو البرلمان العراقي وبارقام مبالغ فيها عند نهاية كل فصل تشريعي وايضا كل ثلاثة اشهر يحصل على مبالغ كبيرة مقطوعة على شكل هبات من اموال العراقيين!!

واذااضيف اليها رواتب الحمايات وصهاريج الوقود الشهرية المجانية والكهرباء والتلفونات وحتى الماء والطعام المجاني وقطع الاراضي المجانية في احسن مناطق بغداد و العراق وفي طريقة حساب بسيطة سنجد ان نزيف مالي يصيب الخزينة العراقية بسبب رواتب وامتيازات اعضاء البرلمان العراقي والوزراء وايضا المجالس الرئاسية الثلاثة والتي تصرف في معظم الاحيان وبشكل كارثي دون رقيب او حساب. وهذا في واقع الامر يمثل امتداد متصل لمرحلة الصنم الساقط والعراق بحاجة ماسه وقوية للانقطاع عن هذه المرحلة الكارثيه بكل جوانبها.

واذا كان غالبية اعضاء البرلمان العراقي هم في واقع الامر يشار اليهم عراقيا بدرجة وخانة quot; الحرامية quot; فمن الذي سيحاسب وزير الكهرباء او وزير النفط او وزير التجارة او اي وزير اخر ومن الذي سيرفع صوته معترضا على بعض رواتب وصرفيات الرئاسات الثلاثة بل من سيحاسب على الفساد المالي الذي وصل الى السفارات العراقية واصبحت رائحته تنافس رائحة حرامية البرلمان وتزكم الانوف. ان من المفارقات العجيبة والمؤلمة ان يكون باب مقر البرلمان العراقي وسط المنطقة الخضراء ساحة لتسول بعض العراقيين والعراقيات او في احسن الاحوال ساحة لمحاولة بعض العراقيين الاكارم تقديم عرائض عن مشاكلهم او عوزهم. وفي هذا الجانب انا شاهد امام الله رايت بنفسي وانا ادخل الى بناية البرلمان ان هذه المشاهد لم تحرك مشاعر او انسانية او حتى عراقية عدد من اعضاء البرلمان العراقي فكانت النساء العراقيات يركضن ورائهم ليس لطلب المال بل طلبا لحل مشكلة مستعصية او راتب تقاعدي مستحق او ازالة ظلم نزل عليهن , لكن كان هولاء ابناء طبقة الحواسم يتصرفون بطريقة يخجل منها الشريف ويدنى لها الجبين ويتألم لها الحر النبيل فقد رفضوا حتى استلام اوراق العرائض!!.

ان العراق في خطر حقيقي جراء هذا الفساد وهذا السلوك الذي يطلق عليه رواتب وامتيازات عضو البرلمان والمسؤول العراقي. وهذه فرصة ذهبية للسيد المالكي ان يرفع صوته معترضا وان يقود حملة quot; صولة ضد الفساد quot; لاجل وضع الامور في نصابها الحقيقي والصحيح , وسيجد الكثير والكبير من الدعم من ابناء العراق.


والا اذا استمرت الامور بهذه الطريقة الحالية فسياتي يوم يجب ان يكتب تحت اسم كل عضو برلمان أو وزير ومسؤول quot; السيد / السيدة حواسم....... quot;.

محمد الوادي
[email protected]