هل تحولت جائزة نوبل إلى حلم أخر جميل من الأحلام العراقية الكثيرة غير المتحققة؟
أم أن الظروف ليست مواتية بعد لوصول هذه الجائزة الثمينة إلى أيدي العراقيين، سؤال من الضروري أن نتناوله من اجل بلوغ سر هذا القصور العراقي غير المفهوم وغير المتناسب مع ارث البلد الكبير وتاريخه العريق علما أن الكثير من البلدان المجاورة للعراق حصلت على هذه الجائزة سواء في مجال واحد أم عدة مجالات كما هو الحال مع مصر وتركيا وإيران.


والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هل جائزة نوبل ضرورة عراقية ملحة ؟ أم أنها ليست كذلك لان العرقيين منشغلين بأمور أكثر أهمية تمس حياتهم وحاضرهم ومستقبلهم وهذه الأمور ربما تجعلهم غير مبالين بجائزة نوبل أو بالسعي للحصول عليها كما يحصل مع نظرائهم الآخرين. أن جوابي نعم الجائزة تعد بالتأكيد ضرورة عراقية ملحة لأنها ستساهم في تدعيم الرابط الوطني وستجعل من الحاصل عليها رمزا لجميع العراقيين وليس لفئة معينة سيما إذا سعى إلى استثمارها في دعم الإخوة العراقية وفي الدفاع عن حقوق الناس فالعراقيون بحاجة إلى خبر سار على غرار ماحصل عند فوز المنتخب العراقي بكاس أسيا لكرة القدم عام 2007 ؟ فخبرا كهذا ربما سيساهم في نسيان العراقيين لبعض الآلام والمعاناة التي شهدوها أو يشهدونها خلال مسيرتهم الماضية وظروفهم الراهنة وسيكون له بعض الأثر في الارتقاء بالروح الوطنية وتنميتها في نفوس الناس بعد أن أصيبت هذه الروح بإعطاب كثيرة خلال حالة الاضطراب التي شهدها الواقع العراقي خلال الفترة الماضية.


أن أهمية جائزة نوبل بالنسبة للعراقين لاتقتصر على هذا الجانب وحسب إنما سيكون للجائزة أثرها الهام في خلق سعي عراقي دؤوب لتحصيل جوائز مماثلة وستزيد من حدة المنافسة بين العراقيين للوصول إلى هذا الهدف الجليل الأمر الذي سيسهم في النهوض بمستوى الثقافة العراقية وسيساعد على تطويرها وصولا إلى مستويات رفيعة كما حصل في بلدان كثيرة كان لجائزة نوبل أثرها في الارتقاء بواقع المنافسة والصعود بها إلى مستوى الذروة ولعل مصر من ابرز الأمثلة على ذلك حيث كان لحصول أديبها الكبير نجيب محفوظ على الجائزة دافعا لأدباء آخرين لكي يحذوا حذوه الأمر الذي لمسناه من خلال كتابات عديدة فاقت في روعتها وجمالها الكثير من الكتابات السابقة وبالتالي ربما سيكون لهذه الجائزة إذا ما وصلت إلى أيدي العراقيين بعض الأثر في الارتقاء بالإبداع العراقي ليغدوا أكثر رقيا وتطورا و أكثر انسجاما مع واقع الإنسان وظروفه الأمر الذي تكاد تفتقر إليه الإبداعات العراقية بشكل عام.


كذلك سيكون للحاصل على جائزة نوبل القدرة على مساعدة الناس من خلال استثمار شهرته العالمية في دعم تحصيل الحقوق وحث الإطراف المحلية والدولية على تحقيق مطالب الناس وتلبية حاجاتهم وسيكون بإمكانه استغلال المنابر الدولية والمحلية لتحقيق أهداف ليس بالإمكان تحقيقها بسهولة فحصول الإيرانية شيرين عبادي على جائزة نوبل للسلام ساهم في تحولها إلى منبر يصعب رده فلهذه الجائزة صوت مسموع لايمكن لأي احد تجاهله بأي شكل من الإشكال. وختاما لايسعنا إلى أن ندعو الجهة المانحة للجائزة إلى توجيه أنظارها إلى العراقيين فهذا البلد العريق يزخر بالكثير من المبدعين الذين يستحقون الحصول على الجائزة حالهم حال سواهم كما يجدر عدم تجاهل أهمية هذه الجائزة بالنسبة للعراقيين وحاجة البلد لها فربما ليس هناك بلد يحتاج إلى مثل هذه الجائزة يمكن أن يقارن بالعراق وليس هناك من سيحتفي بالجائزة مثل الشعب العراقي.

باسم محمد حبيب