أحسنّ قائمقام شنكال( أو: سنجار في النسخة العربية) دخيل قاسم حسوّن التصرف بإعلانه مقاطعة الحكومة المحلية في محافظة نينوى بعد يوم من تشكيّلها برئاسة أثيل النجيفي، أحد قدامى البعثيين وquot;جدادquot; القوميين العرب السنّة المطالبين بترحيل الأكراد من الموصل وتخومها.

رد حسوّن القوي هذا جاء على خلفية تشكيل قائمة الحدباء الوطنية( 19 مقعداً) للحكومة المحلية وإبقاءها قائمة التآخي الكردية( 12 مقعداً) خارج اللعبة السياسية. أي ان القرار بات في يد النجيفي وجماعته من الذين كانوا ينادون جهاراً نهاراً بطرد الأكراد وquot; ميليشيات البيشمركةquot; من الموصل، وإعادة الشغل بالنظام البعثي القديم، القائم على تمجيد quot;الأصالة العربيةquot; للمحافظة وquot;اخراج العناصر الدخيلة والشعوبيةquot; منها. وهذه العناصر المقصودة هم الكرد هنا( بمختلف أديانهم وطوائفهم)، إضافة إلى المسيحيين من أبناء القومية الآشورية.

الإعلان عن مقاطعة الحكومة، ترافق بإجراء آخر، لايقل جرأة وقوة وحزماً، ألا وهو قرار quot;الإلتحامquot; مع محافظة أربيل وquot;فك الإرتباطquot; الإداري مع نينوى.

وتبدو هذه الخطوة في غاية الأهمية إذما ضغطت حكومة اقليم كردستان في إتجاه إعلان شنكال محافظة مستقلة بحد ذاتها، لتدير شؤونها بعيداً عن نينوى النجيفي وجماعته الإصولية، ريثما يتم ضمها إلى اقليم كردستان. شنكال( 300 ألف نسمة) وذات الأغلبية الكردية الإيزيدية، ستصوّت لصالح الإنضمام لفيدرالية كردستان، ولن يعود أهلها بحاجة للسفر إلى الموصل وملاقاة الردى على الطرق التي يعشعش الإرهابيون في جنباتها والرابطة بين قضائهم ومركز المدينة، حيث القول والفعل هناك للمجاهدين النشامى!.

الكرد في محافظة نينوى هم المكون الثاني بعد العرب. الكرد في نينوى هم أكثر عدداً من الكرد في كركوك. على حكومة كردستان عدم التهاون في قضية الدفاع عنهم وعدم تركهم لرجل مثل النجيفي كشف صراحةً عن نواياه تجاههم.

يتعجب المرء من سياسة البعض العربي في quot;العراق الجديدquot;، ففي الحين الذي يطالب فيه هذا quot;البعضquot; الكرد بنسيان الماضي وquot;ترك كركوك لأهلهاquot;، أي الكف عن مطالبة العرب الذين استقدمهم صدام حسين بغرض تعريب المدينة بالرحيل، والتوقف عن دعوة أصحاب المنازل الكرد للعودة إليها، فإنهم يستحوذون على محافظة كبيرة كنينوى ويقررون إقصاء المكون الكردي الذي منح مليون صوت لإنتخاب 12 ممثلاً. فأي عدالة هذه ياترى؟.

النجيفي وجماعته إستلموا دفة الحكم في المحافظة وهم الآن يباشرون بتطبيق برنامجهم الصِدامي الخطر، الرامي لترحيل وتهجبر الكرد بعد ترهيبهم وترويعهم، ونحن لم نسمع أي صوت من بغداد. الحكومة العراقية التي تدعو الأكراد للقبول بتوزيع السلطة في كركوك مناصفة بين المكونات الثلاثة( العرب والكرد والتركمان) والتخلي عن فكرة التطبيع والإستفتاء ومن ثم الضم، تشيح بوجهها عما يحصل في الموصل من quot;هبشquot; كامل للسلطة وإقصاء مروع للمكون الكردي، وتهديد صريح بالحرب والتطهير العرقي..

القضية حساسة للغاية وتمس صميم الأمن الكردستاني. هذه القضية لاتحتمل المرواغة أوالميوعة. ثمّة حاجة إلى الحزم والرد إستباقياً على القادم الخطر. لايجب أن تتحول الموصل إلى كركوك أخرى، ويمسي أهلها رهائناً في أيدي الميليشيات المسلحة العابرة للحدود. على قوات البيشمركة ضبط الحدود ومناطق التماس وحمايتها تمهيداً لإعلان محافظة شنكال الكردستانية مثلما يرغب الناس هناك.

قوات اليشمركة دخلت كركوك بعد سقوط النظام العراقي، وكادت أن تعيد الحق لأهله، لولا الخطأ الكبير بالإنسحاب والخوف غير المبرر من quot;الحلفاء الأميركانquot;. وها هي كركوك تضيع. وهاهم جماعة المركز في بغداد يتنصلون من الوعود ومن تطبيق quot;المواد الدستورية الملزمةquot; والتي حلفوا عليها اغلظ الإيمان. بينما لايزال الأميركان يتآمرون مع تركيا ودول الجوار، ويرسمون الخطط والخرائط لترسيخ الواقع الجديد الذي يقول بquot;كركوك المستقلةquot;، بعيداً عن quot;سيطرة الأكراد عليهاquot; وquot;على المخزون النفطي الهائل فيهاquot;...

القيادات الكردية في الإقليم مدعوة للحزم والشدة وعدم قبول الواقع المر في الموصل، مثلما فعلت في كركوك ودخلت، وأدخلت معها عموم الشعب الكردي، في متاهة اللجان والتقارير والوعود الأميركية والعراقية المخادعة.

على أربيل ألا تقبل بالواقع الجديد المفروض عليها فرضاً، والذي يقول: لقد أصبح كرد نينوى رهائناً في أيدي الميليشيات الطائفية والقومية المتشددة. أي خيّار آخر سيكون مدمراً، وكركوك هي المثال وهي العبرة هنا...

طارق حمو
[email protected]